في عالم التكنولوجيا ومنصات التواصل الاجتماعي، تعد المنافسة شرسة للغاية.
تبدو الأفكار الجديدة والابتكارات الملفتة للنظر كالشرارة التي تنير سماء الإنترنت في مشهد لم يألفه الكثيرون.
في هذا السياق، قفز تطبيق "ثريدز" للتدوينات القصيرة إلى الواجهة بسرعةٍ هائلة، حيث حقق نجاحاً منقطع النظير في فترة قصيرة.
ومع أنه لمع نجمه منذ انطلاقه في السادس من جويلية الجاري، إلا أنه تراجع بنفس السرعة، فاقداً بريقه في أيامٍ قليلة.
تخبرنا البيانات التي تم جمعها من عدة مواقع لرصد التفاعل، مثل "سيميلار ويب"، بأن هناك انخفاضًا ملحوظًا في عدد المستخدمين النشطين يوميًا، بنسبة تصل إلى 20%، وكذلك انخفاض بنسبة 50% في الوقت الذي يقضونه المستخدمون على التطبيق، حسب تقارير أجنبية.
هذا التراجع في سلوك المستخدم يُبرز الصعوبات التي تواجه المنصات الجديدة في الاحتفاظ بالاهتمام بالمستخدمين بمجرد زوال جاذبيتها الأولى.
تُظهر قصة "ثريدز" بوضوح التحدي الذي يتمثل في بناء جمهور وفي الحفاظ عليه في عالم وسائل التواصل الاجتماعي، وهو عالم سريع الخطى ومتغير.
في تصريحه، ذكر المدير التنفيذي في "إنستغرام"، آدم موسيري، أن شركة "ميتا" لا تولي اهتماماً خاصًا بمقاييس التفاعل في هذه المرحلة مع منصة "ثريدز".
وأكد أن التركيز يتمحور حول تجاوز العقبات الأولية التي تواجه كل منتج جديد، وبناء ميزات جديدة وتحسين الأداء.
يبدو أن "ميتا" تعتمد على رؤية طويلة الأمد لتحقيق النجاح في المستقبل.
وعلى الرغم من أن تراجع التفاعل مع "ثريدز" قد يبدو جيداً بالنسبة لشركة "تويتر"، إلا أن هناك أدلة على أن بعض تفاعلات التطبيق جاءت على حساب منصة تويتر.
فقد أظهرت إحصائيات أن حجم الرسائل على منصة "ثريدز" كان كبيراً بشكل عام، مما أدى إلى انخفاض حركة مرور موقع تويتر بنسبة 5% في الأيام الأولى من إطلاق التطبيق، وأيضاً انخفض استخدام تطبيق تويتر على نظام "أندرويد" بنسبة 4.3%.
تظهر هذه القصة أن مجرد ابتكار تطبيق جديد ليس كافياً للنجاح الدائم في عالم منصات التواصل الاجتماعي.
يحتاج المطورون إلى العمل بجد واجتهاد لتحسين الميزات والأداء وتجاوز العقبات المختلفة.
إن استباق التغيرات في سلوك المستخدمين وتلبية احتياجاتهم المتغيرة يعد مفتاح النجاح في هذا المجال المتنافس.
في النهاية، لا يزال الوقت مبكراً للحكم على مصير "ثريدز" ومدى نجاحه في المستقبل، إلا إنه يوفر دروساً قيمة للمطورين ورواد الأعمال في هذا القطاع، والأهم من ذلك، يُذكِّرنا بأن ابتكار منصة جديدة قد يكون بداية الرحلة، لكن بناء مجتمع متين والاحتفاظ بالمستخدمين يحتاجان إلى مزيد من العمل والاجتهاد والابتكار.
يُشار إلى أن شركة "ميتا" أعلنت أول الشهر الحالي، عن إطلاق التطبيق الجديد "ثريدز"، وهو منصة تواصل اجتماعي نصية تطمح لمنافسة "تويتر" وتوفير تجربة مميزة للمستخدمين.
ويأتي هذا التطبيق متوافقًا مع أكثر من 100 دولة، حيث يتيح لأكثر من 2 مليار مستخدم نشط شهريًا فتح حساباتهم مباشرة على "ثريدز"، وقد شهد التطبيق انطلاقة قوية بعد تسجيله 2 مليون مشترك في أول ساعتين من إطلاقه، ليصل عدد المشتركين إلى 10 ملايين في غضون 7 ساعات.
وتتيح منصة "ثريدز" للمستخدمين كتابة منشورات قصيرة تصل إلى 500 حرف، مع إمكانية إضافة صور ومقاطع فيديو.
ويمكن للمشاهدين التفاعل مع هذه المنشورات عن طريق الإعجاب والتعليق وإعادة النشر، كما يمكن مشاركة المنشورات عبر "الستوري" في "إنستغرام".
كما يتميز "ثريدز" بتصميم يشبه منصة "إنستغرام" فيما يتعلق بالأزرار والأدوات المستخدمة، ويسمح للمستخدمين بإنشاء حسابات مختلفة والارتباط بملفاتهم الشخصية.
على الرغم من النجاح الأولي لـ "ثريدز"، إلا أن هذه المنصة تواجه التحديات الشائكة في عالم التواصل الاجتماعي، حيث يجب عليها تجاوز الفضول الأولي للمستخدمين وتحقيق التفاعل المستمر والاهتمام الدائم منهم.
ويتبقى لنا متابعة تطورات هذه المنصة وردود فعل المستخدمين لتحديد ما إذا كانت ستنجح في جذب واستقطاب المستخدمين وتثبيت مكانتها في هذا السوق المتنافس والمتغير باستمرار.
المصادر:
كل ما تريد معرفته عن تطبيق "ثريدز" الجديد (alarabiya.net)
Threads Engagement Falls...Should We Be Shocked? (patrickkphillips.com)
Threads hits 100 million sign-ups within first week | KFOR.com Oklahoma City