أثارت قضية المحامية والإعلامية سنية الدهماني موجة من الغضب والاستياء في الأوساط الحقوقية والقانونية، بعد صدور حكم بسجنها سنتين على خلفية تصريحات إعلامية وُصفت بأنها تمس من سمعة الدولة، في وقت يتزايد فيه التشكيك في عدالة المحاكمات واستقلالية القضاء في تونس.
عضو هيئة الدفاع، المحامي سمير ديلو، كشف في تصريحاته على موجات إذاعة Son FM عن خروقات خطيرة رافقت هذه المحاكمة، مؤكدًا أن "التصريح والحكم موجود ولكن المحاكمة لم تحدث"، مشيرًا إلى أن ما جرى داخل المحكمة لا يمكن وصفه بمحاكمة فعلية: "الشيء الذي صار ليس بمحاكمة، ولم نعد نستطيع للأسف حتى المطالبة بمحاكمة عادلة ".
غياب الملف ومؤيداته
من أخطر ما أثير في هذه القضية هو سحب الوثائق التي تثبت براءة سنية الدهماني من ملف القضية. ووفق ما أفاد به ديلو، فإن " الملف الذي قدمناه كان متكاملًا ويفيد أن تصريحات سنية الدهماني لا تحتوي على أي إساءة أو تشويه لصورة البلاد، ولكننا فوجئنا عند وصولنا للمحكمة بسحب المؤيدات من الملف، وقد تقدمنا بشكاية في الغرض ".
إجراءات أمنية مبالغ فيها
وتحدّث ديلو عن الإجراءات الأمنية التي رافقت المحاكمة، والتي وصفها بأنها "مشهد مهين"، حيث قال: "حتى المتهمين بالإرهاب لا يخضعون لتلك الإجراءات المتشددة والمهينة، حيث طوّق رجال الأمن المحكمة وسنية الدهماني بطريقة غير مبررة ".
منع محامين وممارسات تعسفية
لم تقف الممارسات عند هذا الحد، فقد تم منع عدد من عمداء المحامين وزملاء للدهماني من الدخول للتعبير عن تضامنهم، وهو ما وصفه ديلو بأنه "تضييق واضح" يُضاف إلى قائمة الخروقات، مشيرًا إلى أن "حضر القاضي وهياكل المحكمة والمحامين بعد مماطلة شديدة، وكان الملف غائبًا جزئيًا، في حين تم منع ثلاثة عمداء ومحامين من الدخول ".
محاكمة مزدوجة ورفض التأخير
ومن بين المؤاخذات الخطيرة أيضًا ما كشفه ديلو بخصوص محاكمة سنية الدهماني مرتين من أجل نفس الفعل، معتبرا ذلك " عبثًا قانونيًا لا يُغتفر ". كما تحدّث عن رفض المحكمة لطلب التأخير الذي تقدمت به هيئة الدفاع، حيث قال: "المحكمة تفاوضت وقررت رفض التأخير دون العمل بالإجراءات العادية والطبيعية ".
تساؤلات حول دور الدفاع ونزاهة القضاء
ختم ديلو تصريحاته بتساؤلات مؤلمة تعكس حجم الأزمة داخل المنظومة القضائية: "قبل وبعد الجلسة، أكثر سؤال طرح بيننا كمحامين: هل ما زلنا نلعب دورًا في القضية؟ هل نحن نشارك في محاكمات أم مسرحيات؟ هل نقوم بتأثيث عمليات إخراج لأحكام جاهزة ؟".