قال علي الفالحي الباحث في علوم التربية ومدير عام المركز الوطني لتعليم الكبار اليوم لدى تدخله في برنامج
Le Midi » « Deux
إنّ البنك الدولي أطلق صيحة فزع في شهر نوفمبر الفارط فيما يخص المنظومة التربوية وأزمة التعليم في تونس، حيث أن 65 بالمئة من الأطفال في المدارس بعمر العشر سنوات يعيشون فقرا مدقعا.
وأكد الفالحي أنه تم في جوان الفارط تسجيل 117 ألف منقطع عن التعليم وهو ما يمثل رقما قياسيا بتجاوز عتبة ال 100 ألف، مشيرا الى ان المنظومة التربوية هي في أسوأ فتراتها منذ الاستقلال نتيجة لقيمة الهدر البشري والمالي في قطاع التعليم.
واستنكر الباحث في علوم التربية انقسام الخارطة التربوية فيما يخص النجاح المدرسي والتي تنقسم الى خارطتين أولها من جربة الى بنزرت فوق المعدلات الوطنية في الباكالوريا وثانيها من طبرقة الى حزوة تحت المعدلات الوطنية وهو ما يبين الأزمة الهيكلية التي تعيشها المنظومة التربوية، وفق تعبيره.
وقال علي الفالحي أن المنظومة التربوية لم تعد مصعدا اجتماعيا بل أصبحت أداة للفرز البيداغوجي حيث أصبحنا نتحدث عن المفروزين بيداغوجيا وتربويا نتيجة لقرار سياسي خاطئ وهو دخول وزارة التربية في شراكة مع النقابات، وفق قوله.
وأضاف الفالحي أن معدل ساعات تدريس المعلم في العالم تصل الى 25 ساعة على خلاف تونس التي أصبحت تعتمد على 18 ساعة تدريس وهو ما سبب ضغط على زمن ساعات التعليم للقيام بالانتداب.
ولخص علي الفالحي محاور الإصلاح التربوي في محاور كبرى، وهي المحتويات المدرسية والزمن المدرسي والحياة المدرسية أي ظروف التمدرس ومناخ التعايش داخل المدرسة بين التلاميذ والإطار المدرسي حتى تكون المدرسة فضاء مرغب لا فضاء منفرد للتلميذ، تأهيل بناءات وفضاءات التمدرس والاهتمام بتطوير منظومة التكوين المستمر للمدرسين وتأهيلهم للعمل في ظروف معقدة كما شدد محدثنا على ضرورة إرساء مجلس علمي صلب وزارة التربية.
وفي هذا الصدد شددت الجمعية التونسية للأولياء، على أنّ الحلّ الجذري «للمعضلة» الهيكلية لقطاع التربية والتعليم في تونس لا يتمثل في تغيير المشرفين على القطاع (في اشارة الى تعيين رئيس الجمهورية لوزير تربية جديد) إنما هو رهين إرساء سياسات واستراتيجيات وتنفيذ برامج لإعادة بناء مدرسة المستقبل على أسس سليمة حسب تقديرها.
وذكرت بأن نسبة الأمية بلغت بتونس 19 بالمائة وأنّ حوالي 33 بالمائة من التونسيين لا يتجاوز مستواهم الدراسي الابتدائي، وأنّ 35 بالمائة بلغوا مستوى التعليم الثانوي، وأنّ حوالي 13 بالمائة فقط من التونسيين تابعوا تعليما عاليا ، وذلك بحسب تقرير المعهد الوطني للإحصاء الخاص بالتعداد السكني لسنة 2014
وأضافت أنّ معدل المستوى الدّراسي لتلميذ تونسي من سن 15 سنة في مواد الرياضيات والعلوم والتعبير الكتابي يضاهي معدل المستوى الدّراسي لتلميذ من بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية سنه 13 سنة و9 سنوات لتلميذ من « شنغاي »، وذلك وفقا لتقرير « البرنامج الدّولي المتعلق بمتابعة المستوى المعرفي للتّلاميذ لسنة 2012.
وزير التربية الجديد: المنظومة التربوية تعاني صعوبات وتراكمات متعددة
وللإشارة فإن رئيس الجمهورية قيس سعيد قرر مطلع للأسبوع الفارط تعيين الأمين العام السابق للاتحاد العام التونسي للشغل محمد علي البوغديري وزيرا للتربية خلفا لفتحي السلاوتي ، وقال البوغديري وزيرا في أول تصريح إعلامب له إن المنظومة التربوية تعاني منذ عقود من صعوبات وتراكمات متعددة منها تدني مكتسبات التلاميذ وغياب منظومة تقييم اجبارية سوى امتحان الباكالوريا.
وأضاف محمد علي البوغديري أن منظومة التربية تشكو ضعف البنية التحتية وضعف الاعتمادات المالية المرصودة للقطاع كما يعرف الاطار التربوي ضعفا في التكوين وينضاف الى هذه الصعوبات اشكالية منظومة الحوكمة.
ولفت الى أن وزارة التربية قامت بتصور عام للأهداف الاستيراتيجة 2026-2035 تتمحور حول ضمان بيئة تعليمية جاذبة تقوم على تحسين البنية التحتية وانفتاح المؤسسات التربوية على محيطها الخارجي وضمان تعليم جيد يقوم على تكريس السلوك المدني والقيم الانسانية.
وشدد على أنه بات من الضروري تكريس مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع التلاميذ وتحقيق مبادئ الحوكمة الرشيدة وتقليص مركزية القرار وضمان التحول الرقمي الشامل للمنظومة التربوية وتطوير التعليم عن بعد وادراج تكنولوجيات المعلومات والاتصال في المناهج التربوية.
نقابات التعليم: حل الملفات الاجتماعية العالقة سيكون الفيصل في التعامل مع وزير التربية الجديد
وفي نفس السياق قالت نقابات التعليم في تعليقها على قرار رئيس الجمهورية إعفاء وزير التربية السابق فتحي السلاوتي وتعيين عضو سابق من المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل
محمد علي البوغديري خلفا له، إن حل الملفات الاجتماعية العالقة سيكون الفيصل في التعامل مع الوزير الجديد.
ورجح الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للتعليم الأساسي توفيق الشابي أن تكون إقالة الوزير السابق فتحي السلاوتي راجعة لما اعتبره « تعاطيا سلبيا » من الأخير مع مطالب
نقابات التعليم (التعليم الأساسي والتعليم الثانوي)، مؤكدا أنه « خلق مناخا متوترا في القطاع بسبب عدم تفعيله لعديد الاتفاقات المبرمة » مع تلك النقابات
وفي ما يخص الاتفاقات التي لم يتم تفعيلها، قال الشابي إنه رغم حصول اتفاق في 16 نوفمبر 2022 مع الوزير السابق بشأن تسوية وضعية الأعوان الوقتيين إلا أن الأمر المتعلق بتسوية وضعيتهم لم ينشر إلى الآن، فضلا عن عدم برمجة أي جلسة تفاوضية في اطار لجنة مشتركة لتسوية الأعوان الوقتيين خارج اتفاقية التسوية.
وأعرب الشابي عن أمله في أن تكون مساعي الحكومة من وراء هذه الإقالة تهدف إلى خلق مناخ جديد ينقي الأجواء المشحونة في قطاع التربية، لكنه لم يستبعد في الوقت ذاته أن تكون الحكومة تخطط لمزيد ربح الوقت باتخاذ تعيين وزير جديد ذريعة لعدم تفعيل الاتفاقيات العالقة بدعوى ان الوزير الجديد ما زال يتحسس الملفات.
وأكد أن الجامعة العامة للتعليم الأساسي التابعة لاتحاد الشغل ماضية في تنفيذ تحركاتها الاحتجاجية لتحقيق مطالبها وتفعيل الاتفاقيات المبرمة مع الوزارة كمقاطعة الامتحانات في الثلاثي الثاني بعدما كانت قد شنت تحركات قوية مطلع السنة الدراسية تمثلت في مقاطعة الآلاف من الأساتذة النواب الدراسة ما أدى الى تعطيل الدروس.
ومضى قائلا « نحن نهنئ محمد علي البوغديري بهذا التعيين لكن ما يهمنا بشكل أساسي هو تحقيق مطالب المدرسين من خلال فتح مفاوضات جدية وتفعيل الاتفاقيات المبرمة على غرار اتفاق 16 نوفمبر 2022 ومحضر جلسة فيفري 2022 ومحضر جلسة 1 مارس 2021″
ومن جانبه علق الكاتب العام للجامعة العامة للتعليم الثانوي على صفحته الرسمية على « فيس بوك » بشأن قرار إقالة وزير التربية السابق فتحي السلاوتي وتعيين النقابي السابق محمد علي البوغديري خلفا له، بأن « الأسماء تتغير ولكن المطالب والاستحقاقات باقية وأن المسافة بين القادم والمغادر ستقاس بمدى الاستحقاقات والمطالب ».
هذا وتواصل الجامعة العامة للتعليم الثانوي حجب أعداد الثلاثي الأول للموسم الدراسي الحالي، ملوحة بسحب هذا الإجراء على الثلاثي الثاني ما سيكون له تداعيات سلبية من حيث
عملية تقييم قدرات التلاميذ.
تقرير المنتدى التربوي يوصي بمراجعة البرامج التعليمية لتتناسب مع التطورات العلمية ومتطلبات سوق الشغل
وفي ذات الإطار أوصى التقرير الأول للمنتدى التربوي التونسي، بمراجعة البرامج والمناهج التعليمية في تونس وتحيينها وتطويرها، لتتناسب مع التطورات العلمية والمعرفية وتمكن الناشئة من قدرات ومهارات تيسر انخراطها في عالم الشغل.
ودعا التقرير الذي صدر مؤخرا إلى أهمية ربط المنظومة التربوية بمقتضيات الاقتصاد الوطني ومتطلبات سوق الشغل حتى يعود التعليم مصعدا اجتماعيا، خاصة بعد استفحال
ظاهرة بطالة أصحاب الشهائد العليا، فضلا عن إعادة الاعتبار إلى منظومتي التعليم التقني والتكوين المهني العمومي.
واعتبر أن تراجع أداء المنظومة التربوية العمومية سببه تدهور البنية التحتية وتخلف برامجها ومناهجها وهو ما يتنافى مع التزامات الدولة التونسية ويتناقض مع أهداف خطة الأمم
المتحدة للتنمية الشاملة والمستدامة في بندها الرابع الذي ينص على ضرورة 'تكريس تعليم جيد ومنصف للجميع مدى الحياة.
وأكد التقرير الذي أعده الائتلاف التربوي التونسي، على أهمية الحق في التربية والتعليم باعتبارهما حق إنساني أساسي نصت عليه الاتفاقيات الوطنية والدولية المتعلقة بحقوق الطفل وهو حق مكفول دستوريا إلى جانب تناول قضية التعليم على أسس علمية صارمة بعيدة عن كل التجاذبات السياسية.
وأوصى بضرورة تعاون منظمات المجتمع المدني على ضبط استراتيجية واضحة لتحديد الآليات العملية الكفيلة للتوجيه نحو الالتزام بتفعيل القوانين والتشريعات وسد الفجوة بين ماهو منصوص عليه والنقائض الملموسة على ارض الواقع .
وخلصت توصيات التقرير إلى ضرورة إدراج التربية على وسائل الإعلام ضمن البرامج التعليمية في تونس، وتدريس هذه المادة ضمن نواد أو كأنشطة مدمجة يخصص لها حيز زمني على غرار بقية المواد باعتبارها حقا من حقوق الإنسان الأساسية.