مبادرة جامعة لأخلقة الحياة السياسية
في تصريح خاص على موجات إذاعة Son FM ، كشف محمد علي الغول، رئيس لجنة الاتصال والإعلام في حركة "حق"، عن ملامح مبادرة سياسية جديدة أُطلقت في فيفري الماضي، وتهدف إلى إرساء حوار وطني شامل وأخلقة الحياة السياسية في تونس، بالتعاون مع عدد من الأحزاب. وأوضح أن هذه المبادرة تبلورت عبر سلسلة من اللقاءات مع أحزاب أخرى، من بينها "مبادرة صمود" و"مبادرة الدستوري الحر"، ما أفضى إلى توافق على العمل المشترك وتشكيل لجنة لصياغة وثيقة الميثاق.
وأشار الغول إلى أن الهدف الأساسي للمبادرة يتمثل في قسمين: الأول هو الاتفاق على مبادئ مشتركة بين الأحزاب لتأسيس حياة سياسية أخلاقية تحترم التعايش، والثاني هو وضع أرضية مطلبية سياسية موحدة تتيح تنسيق التحركات والعمل الجماعي.
الدولة المدنية في مواجهة الإسلام السياسي
أكد الغول أن أول بند مشترك في الميثاق هو الإيمان بالدولة المدنية، وهو ما يتناقض جذريًا مع الإسلام السياسي، حسب تعبيره. وأضاف أن هذا التيار لا يقتصر فقط على حركة النهضة، بل يشمل أحزابًا أخرى كحزب التحرير، الذي يدعو صراحة إلى إلغاء الدولة المدنية.
وشدد على أن حركة النهضة لم تجرِ أي مراجعات فكرية، ولا تزال متمسكة بأدبيات معادية للدولة المدنية، موثقة في منصاتها الرسمية. ومع ذلك، نفى أن يكون هدف المبادرة هو الإقصاء، بل محاولة إيجاد أرضية مشتركة بين الأحزاب المؤمنة بالديمقراطية والمدنية والوطنية.
نحو تحركات سياسية موحدة
أفاد محمد علي الغول أن الاجتماع الأخير الذي عُقد في مقر الحزب الدستوري الحر، جمع عددًا من الشخصيات الوطنية والأكاديمية، إضافة إلى أحزاب عدة، من بينها "الائتلاف الوطني"، و"حركة صمود"، و"حركة حق". وأضاف أن النقاشات لا تزال مفتوحة مع أطراف سياسية جديدة بهدف توسيع المبادرة.
وأكد أن المبادرة وصلت إلى مرحلة متقدمة، حيث تم إنجاز حوالي 70% من وثائقها، ومن المنتظر الإعلان عنها موقّعة في غضون شهر. كما كشف عن تحركات سياسية مرتقبة نابعة من المطلبية السياسية الدنيا المتفق عليها، وهي أساس العمل السياسي المشترك.
الاتحاد العام التونسي للشغل جزء من المعادلة
أشار الغول إلى أن المبادرة قُدّمت في بداياتها إلى اتحاد الشغل، ولاقَت ترحيبًا. وبينما لم يتم الرجوع إليه بعد توحيد المبادرات الثلاث، عبّر عن أمله في حدوث تنسيق لاحق، خاصة في ظل إطلاق الاتحاد لمبادرة خاصة به.
وأكد أن أبرز ما تمخض عن التقاء المبادرات هو فتح قنوات حوار بين الأحزاب التي كانت في السابق منغلقة على ذاتها، مما يسهل عملية التنسيق والتجميع في المستقبل.
مواقف اقتصادية مدروسة وتوصيات تشريعية
تطرّق الغول إلى القضايا الاقتصادية، خاصة المتعلقة بقانون الشيكات وقانون المناولة. وأوضح أن حركة "حق" كانت قد اقترحت تأجيل تطبيق قانون الشيكات لمدة ستة أشهر أو سنة كمرحلة تجريبية، لكنها لم تلقَ أي تفاعل رسمي، وهو ما جعلها ترى بوضوح تأثيراته السلبية على الاقتصاد الوطني.
أما بخصوص قانون المناولة، فأكد ضرورة دراسة تداعياته بعمق، مشيرًا إلى أن بعض المؤسسات لن تتمكن من تنظيم عقود العمل، ما قد يهدد توازنها المالي. ودعا إلى نقاشات مفتوحة مع الخبراء لاستخلاص الإيجابيات والسلبيات، خاصة فيما يتعلق بالعمل الهش واستغلال العمال.
قانون الشغل: تحديات واستحقاقات مستقبلية
وفي ما يتعلق بقانون الشغل، أوضح الغول أن حركة "حق" لم تنهِ بعد نقاشاتها الداخلية حوله، لكنها قادرة على تحديد الخطوط العريضة للإشكالات. وأبرز هذه التحديات يتمثل في هشاشة التشغيل ومرونة المؤسسات، وهما عاملان يساهمان في جذب الاستثمارات، لكنهما في الوقت ذاته يمسان بالاستقرار الوظيفي ويخلقان صعوبات أخرى.
واختتم بالتأكيد على أن القانون الحالي لم يأخذ بعين الاعتبار العمال الجدد والمستقبليين، ما يستوجب مراجعة شاملة تأخذ تطورات سوق الشغل بعين الاعتبار.