قال عضو الهيئة التسييرية لمنظمة "أنا يقظ" طلال الفرشيشي لدى حضوره اليوم 10 نوفمبر 2023 في برنامج " عطاولة " إن رجال الأعمال هم أكبر مستفيد من مرسوم "الصلح الجزائي وتوظيف عائداته" مشير إلى أن هذا المرسوم خلق عدالة مزدوجة واحدة لأصحاب المال وأخرى للمواطن البسيط.
ويرى الفرشيشي أن المستفيد الوحيد من مرسوم الصلح الجزائي هم رجال الأعمال وليس الشعب التونسي، مؤكدا أن رجل الأعمال وصهر الرئيس الراحل مروان مبروك كان من بين رجال الأعمال الذين ضغطوا لتشكيل اللجنة، خاصة بعد أن حسم القضاء في عدة ملفات فساد مالي تعلقت به لصالح الدولة.
وذكر من بين المستفيدين أيضا النائب السابق لطفي علي الذي واجه منذ سنة 2019 قضايا تعلقت بغسل الأموال وفساد إداري ومالي إلى جانب الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح، وطالبه على إثرها المكلف العام بنزاعات الدولة بخلاص 167مليون دينار، لكن مشروع الصلح الجزائي مكنه من خلاص 10 % فقط من قيمة المبلغ المطلوب.
ويمثل مشروع الصلح الجزائي حلم الرئيس منذ سنة 2012 وكان حاضرا بقوة في حملته الانتخابية الرئاسية سنة 2019، وفي 20 مارس 2022 انطلق في تنفيذ المشروع بإصدار المرسوم المتعلق بالصلح الجزائي.
وتتمثل مهام اللجنة في إبرام صلح جزائي مع 460 متورطا وفق تقديرات الرئيس، في قضايا الرشوة والفساد قبل الثورة، ويقوم الصلح على إبرام اتفاق بين المتورطين والدولة على أساس استرجاع الأموال التي حصلوا عليها بطرق غير مشروعة مقابل إسقاط الملاحقة القضائية ضدهم.
وأشار الفرشيشي إلى أن لجنة الصلح الجزائي ستكرس عدالة لأصحاب المال وعدالة للمواطن البسيط وفسر ذلك بأن المواطن إن سرق سيدخل السجن أما صاحب المال إن سرق فسيعيد الأموال المسروقة دون محاسبة، مؤكدا أن هذا المرسوم سيكرس ثقافة الإفلات من العقاب وسيفرغ السياسة الجبائية للدولة من طابعها الجزري والردعي، وتساءل كيف يمكن المصالحة مع شخص أخل بالقوانين وأفسد في حق الشعب التونسي.
وقال إن جميع الهياكل المحدثة بعد الثورة والتي تهدف إلى تحقيق المصالحة بمن فيها برلمان سنة 2014 الذي سعى إلى تمرير قانون المصالحة الاقتصادية والإدارية، تغاضت عن جزء مهم من مسار عملية المصالحة وهو المحاسبة.
وأضاف أنه لا يمكن اللجوء إلى المصالحة دون تحديد أركان الجريمة والأضرار المادية والمعنوية المنجرة عنها وتباعاتها على الشعب وأجياله القادمة.
وأشار الفرشيشي إلى أن لجنة الصلح الجزائي جاءت لخدمة مشروع الرجل الواحد وتغاضت عن مجهودات الدولة ما بعد الثورة وهياكلها من قضاة ومؤسسات، مؤكدا أن هناك قضايا تعلقت بتلك الفترة شارفت على الانتهاء بتجريم المتورطين بالإضافة إلى قضايا تم البت فيها، لكن إحداث اللجنة أعاد جميع هذه الملفات إلى نقطة الصفر.
ويرى الفرشيشي أن رئيس الجمهورية قيس سعيد قد فشل في استرجاع الأموال المنهوبة بالداخل والخارج، كما أن تواصل الشغور على رأس اللجنة وأعضائها يدعو إلى التفكير في مدى إيمان الرئيس بالمشروع، خاصة وأن اللجنة لا تملك رؤية واضح للأموال التي ستعمل على استرجاعها، مشيرا إلى أن مشروع الصلح الجزائي قد باع الوهم للمناطق الأكثر فقرا في الجمهورية التونسية.
وينص مرسوم الصلح الجزائي على توظيف الأموال المسترجعة في الاستثمارات في المناطق المهمشة في البلاد.
في 17 مارس 2023 أقل رئيس لجنة الصلح الجزائي مكرم بنمنا، وفي 7 جويلية عضو اللجنة فاطمة يعقوبي وإلى حد الآن لم يقع سد هذه الشغورات رغم أن الفصل 11 من مرسوم الصلح الجزائي ينص على أنه يجب سد الشغور الحاصل في تركيبة اللجنة في أجل أقصاه عشرة أيام من تاريخ معاينته.
وانتقد الفرشيشي في الختام ضعف السياسة الاتصالية للجنة الصلح الجزائي واعتماد الصحافة التونسية لتصريحات رئيس الجمهورية وبلاغات الرئاسة كمصدر أساسي للمعلومة واصفا اللجنة "بالغرفة المظلمة" والتي لا تستجيب لمطالب النفاذ إلى المعلومة والنشر التلقائي.
هذا وتنتهي غدا 11 نوفمبر 2023 عضوية لجنة الصلح الجزائي كما تنتهي الفرصة الثانية التي قدمها رئيس الجمهورية قيس سعيد لأعضاء اللجنة بعد أن جدد عضويتهم لمدة 6 شهور في 11 ماي 2023 استرجاع 13,5 مليار دينار.