أطلقت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان تحذيرات جادة بشأن الوضع الكارثي داخل السجون التونسية، داعية إلى إصلاحات عاجلة تشمل العقوبات البديلة، تحسين البنية التحتية، وضمان الحقوق الأساسية للمساجين. في تقرير حديث، سلطت الرابطة الضوء على الانتهاكات المتواصلة، وأكدت تمسكها الدائم بمبادئ حقوق الإنسان، مهما كان الثمن.
واقع مأسوي داخل السجون: اكتظاظ وانتهاكات صارخة
أكد مح الدين الآغا، عضو الهيئة المديرة للرابطة على موجات إذاعة Son FM، أن التقرير انقسم إلى ثلاثة أقسام: قانوني، رصدي، وتوصيات. أبرز ما تم تسجيله هو الاكتظاظ الخانق الذي يفوق طاقة السجون التونسية بنسبة تصل إلى 150%، وهي نسبة تقرّ بها حتى وزارة العدل والهيئة العامة لمناهضة التعذيب.
وأوضح الآغا أن "الاكتظاظ ينعكس سلبًا على كافة حقوق المساجين، من حيث الفضاء، النظافة، الرعاية الصحية، وانتشار العدوى ". كما أشار إلى حرمان بعض المساجين من الاتصال بعائلاتهم، إلى جانب ممارسة التعذيب في بعض الحالات.
دعوة عاجلة إلى اعتماد العقوبات البديلة
أبرز الآغا أن نحو 60% من المساجين هم في حالة إيقاف، ولم تصدر في حقهم أحكام بعد. وأكد أن "الإبقاء عليهم خارج السجن أو معاقبتهم بخدمة مدنية، يعد حلاً قانونيًا متاحًا يجب على القضاة استثماره ".
الرابطة قدمت مقترحات عملية، أهمها تفعيل العقوبات البديلة لتقليص عدد السجناء، تحسين ظروف العمل لمشرفي السجون، وضمان الزيارات المباشرة كحق إنساني أساسي.
انتهاكات لا تسقط بالتقادم: الرابطة وفية لمبادئها
في تعليقه على واقع الحقوق والحريات، قال الآغا: "الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان تدافع عن الحقوق العامة والفردية، ومن أبجديات هذه الحقوق المحاكمات العادلة، والتصدي لأي سلطة تعتدي على القضاء ".
وأكد أن الرابطة وقفت دائمًا في صف المساجين السياسيين، سواء في عهد بورقيبة أو بن علي، ودفع أعضاؤها ثمن هذا الموقف، حيث تم منعهم من عقد مؤتمراتهم وطردهم من مقراتهم.
الرابطة لا تنحاز إلا للحقوق
شدد الآغا على أن الرابطة "ليست في صف السلطة ولا ضدها، بل في صف القيم والمبادئ الحقوقية ". وبيّن أن المطالبة برفع اليد عن القضاء وإلغاء المراسيم التي تضيق على الصحفيين، هو موقف حقوقي.
مؤتمر جامع لحماية الحريات
كشفت الرابطة عن تنظيم مؤتمر يجمع القوى المدنية والشخصيات الوطنية والأحزاب، بشرط عدم تورطها في الإرهاب أو التسفير. والهدف، كما صرّح الآغا، هو "توحيد الصفوف لحماية الحقوق والحريات، وتقديم مقترحات للخروج من الأزمة الحالية ".
وأكد مشاركة جميع المنظمات الوطنية، داعيًا إلى "التكاتف من أجل بناء تونس ديمقراطية، مدنية، متعددة، تضع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في صدارة الأولويات ".
تقرير الرابطة ليس مجرد وثيقة حقوقية، بل هو جرس إنذار حقيقي ينبه إلى انهيار القيم داخل أسوار السجون، ويحث على تصحيح المسار الديمقراطي الذي تنزلق منه تونس يومًا بعد يوم.