سبق ظهور رئيس الجمهورية بعد انقطاع ناهز 11 يوما قرار النيابة العمومية القاضي بالتتبع الجزائي لكل الأشخاص والصفحات التي تقف وراء نشر الأخبار الزائفة داخل وخارج البلاد، ما أثار سجالا حول مشروعية هذا القرار في ظل ضعف السياسة الاتصالية لرئاستي الجمهورية والحكومة.
فتح غياب الرئيس قيس سعيد عن المشهد السياسي في البلاد لأيام متتالية جدلا واسع النطاق وطنيا ودوليا عمقه رفض وزير الصحة الإجابة عن سؤال الصحافة عن صحة الرئيس ودعمته تقارير إعلامية قيل إنها من مصادر دبلوماسية تفيد بتعرضه لأزمة صحية حادة بدأ إثرها الحدث عن شغور محتمل في منصبه.
حيث أكد الناطق الرسمي باسم مسار 25 من جويلية محمود بن مبروك لإذاعة Son FM أنّ عدة أطراف "استغلت الوعكة الصحية التي تعرض لها رئيس الجمهورية بهدف إثارة البلبلة والإضرار بسلامة الأمن العام للبلاد" مساندا قرار وزارة العدل فتح بحث تحقيقي عاجل ضدهم.
هذا وأقر بن مبروك بضعف السياسة الاتصالية لرئاسة الجمهورية خاصة لعدم وجود ناطق رسمي باسمها "ما فتح الباب أمام تنامي الإشاعات" حسب تعبيره.
وكان رئيس الجمهورية قد قال بالأمس إن "من يتحدثون عن الشغور في منصبه وتحاليل أنجزها لا علم له بها هدفهم وقوع الشغور وهم متكالبون على السلطة".
في المقابل اعتبر عضو جبهة الخلاص الوطني عبد اللطيف المكي أن مسألة التلويح السياسي بالتتبع القضائي في إشارة إلى قرار النيابة العمومية القاضي بتتبع كل من يقف وراء نشر الأخبار الزائفة "وسيلة من وسائل الرئيس لتهديد المعارضة والشعب".
وأضاف المكي أن "الشعب كان إزاء غياب مطول دون تفسير للرئيس فمن حقه المعرفة والتساؤل والخطأ يكمن في التزام رئاستي الجمهورية والحكومة الصمت".
وكانت جبهة الخلاص الوطني قد عقدت بالأمس ندوة صحفي أكدت خلالها تعرض رئيس الجمهورية لوعكة صحية بناءا عن مصادر خاصة الأمر الذي نفاه عضو الجبهة عبد اللطيف المكي وأشار إلى أن مصادرها لم تكن خاصة وإنما بناءا على وكالة "نوفا" الإيطالية.
في ذات السياق أكد الباحث في علوم الإعلام والاتصال الصادق الحمامي أن الاستراتيجية الاتصالية لرئاسة الجمهورية "ألغت دور الصحافة ولم تمضي في إصلاح قطاع الإعلام ما ساهم في تغذية ظاهرة التضليل المعلوماتي والذي تحول إلى أسلوب من أساليب إدارة الرأي العام بهدف الإساءة إلى الفاعل السياسي".
وفيما يتعلق بمكافحة التضليل المعلوماتي والإشاعة قال الحمامي إن "الدول الديمقراطية تقوم بتتبع منتجيها وليس مستهلكيها في إشارة إلى المواطن كما تقوم بتجريم الأخبار الزائفة عن الجميع بغض النظر عن الانتماءات السياسية معارض أم مساند".
هذا وتثير السياسة الاتصالية لرئاستي الجمهورية والحكومة استياء النقابة الوطنية للصحفيين بسبب تعتيمها المعلوماتي ورفضها التعامل مع الصحافة والاقتصار على البلاغات والمناشير في ضرب واضح لحق النفاذ إلى المعلومة.