تساهم المنظمات الأممية على المستوى الدولي باختلاف أنواعها سواء الحكومية منها أو غير الحكومية والمنبثقة عن الأمم المتحدة أو الصادرة عن مبادرات فردية في تطوير قواعد القانون وتأطير المجتمع الدولي خاصة فيما يتعلق بحماية حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وضمان والكشف عن مختلف الانتهاكات التي تمسها وتحديد الجهة التي ارتكبتها والمسؤولية المترتبة عنها بما في ذلك وقت الحروب والنزاعات المسلحة وفق ما نصّت عليه اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 1949.
فما هو دور المنظمات الأممية في حفظ السلم والأمن الدوليين ومدى عدالة وديمقراطية هياكلها وحقيقة مساواة الدول ضمن أجهزتها على أرض الواقع؟
في هذا الإطار قال أستاذ العلاقات الدولية عدنان ليمام في تصريح لإذاعة Son FM أن المنظمات الأممية تنقسم إلى منظمات منبثقة عن الأمم المتحدة وأخرى عالمية جاءت عن طريق مبادرات فردية على رأسها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وتلعب هذه المنظمات دورا نشيطا في الكشف عن مختلف انتهاكات حقوق الإنسان الأساسية والقانون الدولي الإنساني أثناء النزاعات المسلحة.
وأشار الخبير الدولي أنه رغم استهداف الكيان الصهيوني بطريقة مباشرة مقرات تابعة للمنظمات الأممية، إلا أن ردود أفعالها ودورها وصفتها كشاهد على مجريات الأمور ومعاين لانتهاكات المواثيق الدولية خلال الحرب تكون محتشمة، كما تتخذ هذه المنظمات حذرها على مستوى انتقاء الكلمات ولا تذكر الأمور بحقيقتها خشية من ردود أفعال الحركة الصهيونية العالمية المتغلغلة في مفاصل الحكومات الغربية والمنظمات الدولية.
وذكر ليمام أن هناك نوع من المجاملة والمعاملة الخاصة للكيان الصهيوني وغض الطرف عن الجرائم التي يرتكبها ومن الأمثلة على ذلك هو دور المحكمة الجنائية الدولية، والتي شكلتها الأمم المتحدة لوضع آلية دائمة لملاحقة مجرمي الحرب وتم إنشاءها بموجب اتفاقية روما الموقعة عام 1998 ونُصبت المحكمة رسميا في جوان 2002 وفق تكليف دولي يُؤهلها للبت في جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية المرتكبة منذ عام 2003 خاصة بعد أن كشفت المجازر التي شهدتها الحرب الأهلية في رواندا ويوغوسلافيا السابقة قصور القانون الدولي الإنساني في تناول الجرائم ضد الانسانية و جرائم الحرب خاصة منها تلك المترتبة على الصراعات الداخلية التي يكون المدنيون في بعض الأحيان أول المستهدفين فيها.
وأشار الخبير في العلاقات الدولية أنه عند مقارنة موقف المحكمة الجنائية الدولية بين ما يتعلق بالحرب في أوكرانيا والابادة الجماعية في غزة، نجد أنه عندما تقدمت أوكرانيا بشكوى ضدّ بوتين ومجموعة من المسؤولين الروس أذن النائب العام للمحكمة بعد أيام قليلة فقط بفتح تحقيق وأصدر مذكرة توقيف ضدّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكن في المقابل وعند الحديث عن إبادة جماعية وجرائم حرب ضد الإنسانية تُرتكب في غزة تتطلب تتبعات مباشرة من قبل المحكمة لا تحرك ساكنا، حيث أن المدعي العام للمحكمة الدولية اكتفى ببعض التصريحات العامة ولم يأذن بفتح أي تحقيق ولم يصدر أي مذكرة، مستنكرا صمت الدول المعنية صلب المحكمة عوضا عن الانسحاب والتعبير بموقف قوي عن احتجاجها.
وأشار ليمام أن هذه المحكمة يتم استعمالها من قبل الدول الغربية للتسلط على الدول المستضعفة أو على أعداء الغرب، واعتبر محدثنا أنه من المفترض أن يتعهد مجلس الأمن مباشرة بالحرب على غزة لتحقيق مبادئ السلم والأمن والتي جاء من أجل تحقيقها.
وأوضح ليمام ان الجمعية العامة تعهدت وأصدرت لائحة تدعو إلى وقف العمليات العسكرية فورا في غزة لكن هذه اللائحة ليس لها أي صبغة إلزامية على عكس قرارات مجلس الأمن التي يمكن تنفيذها بالقوة وفقا للفصل 7 لميثاق الأمم المتحدة.
كما ذكر محدثنا مثال الهيئة الدولية للصليب الأحمر وهي أكثر المنظمات العالمية انتشارا بعد الأمم المتحدة والتي تتدخل مباشرة في وضعيات الحروب لمراقبة حسن تطبيق معاهدات جينيف كما تتدخل في الشؤون الإنسانية للجرحى او في بعض الحالات تقوم بدور الوساطة في موضوع تبادل الأسرى وزيارتهم، مشيرا أنه لا يمكن حصر دورها والجزم بتقصيرها أو مجاملتها لإسرائيل لأنها عادة ما تتدخل بصفة غير علنية لعدم إحراج الحكومات وتماشيا مع سياساتها للمحافظة على المعاملات مع حكومات معينة.