نشر الكاتب ماكس غاليان مقالاً تحليلياً في ميدل إيست آي (Middle East Eye) أورد فيه أن الأوضاع في تونس الآن تعكس التحديات التي قد تواجهها الاتفاقيات الدبلوماسية في ظل غياب التوافق الشامل في تحقيق الأهداف المشتركة. وأكد الكاتب بأن الصورة كانت جذابة حينما وقعت مجموعة من كبار الزعماء الأوروبيين - بمن فيهم رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير ليين ورئيس الوزراء الإيطالي جورجيو ميلوني ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته - اتفاقية مع الرئيس التونسي قيس سعيد في يوليو الماضي.
فالاتفاقية لم تقتصر على تعزيز العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتونس فحسب، بل كانت تحمل آمالاً في أن تكون نموذجاً لاتفاقيات مماثلة مع دول أخرى. كان الاتحاد الأوروبي يطمح إلى مزج التعاون في مجال الهجرة مع تنمية العلاقات الاقتصادية. ولكن، لم تدم طموحاتهم طويلاً.
هذا الأسبوع، أبدا الرئيس قيس سعيد استياءه من الأموال التي قدمها الاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى عدم كفاية الدعم في بعض القطاعات كإدارة الهجرة والدعم المباشر للميزانية، بناءً على تقديرها لأن الجهود الحالية لا تلبي توقعات الاتفاق الذي تم في جويلية الفارط.
المشكلة الجوهرية للاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتونس حسب ما وصفه الكاتب تكمن في غياب التوافق والهدف المشترك على عدة مستويات:
في المستوى الأول، يتعلق الأمر بالاتحاد الأوروبي نفسه، حيث لم تكن هناك توافقات بين الدول الأعضاء بشأن هذه الاتفاقية. في المستوى الثاني، الخلافات بين الاتحاد الأوروبي والحكومة التونسية، حيث لم تكن الزيارات الدبلوماسية التي جرت في يوليو كافية لبناء رؤية مشتركة حول التعاون الاقتصادي وإدارة الهجرة بين القادة التونسيين والأوروبيين.
وأخيراً، في المستوى الثالث، الخلافات داخل تونس نفسها، حيث تمكن سعيد من تفكيك الهيكل الديمقراطي في البلاد وتجميع سلطة هائلة تحت يده. ولكن، لم يكن واضحاً ما هو الأفق الاقتصادي لسعيد بالنسبة لتونس وكيف تندرج فيها الجهات الدولية.
علاوة على ذلك، أصبح انعدام الثقة بين الجانبين واضحا بشكل متزايد. ويعود ذلك أيضاً إلى كون كلا الجانبين يتحدث بشكل أساسي إلى جمهورهم الداخلي. ما يسعى إليه ميلوني أو غيره من السياسيين الأوروبيين لإظهاره لناخبيهم يختلف تماماً عما يسعى إليه سعيد لإظهاره.
وواصل الكتب قائلاً بأن الأوضاع حول الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتونس تحمل دروساً قيمة للاتحاد الأوروبي بشكل عام. فالاتفاقيات الدبلوماسية لن تحقق نجاحاً إلا عندما يكون هناك تنسيق ورؤية مشتركة بين جميع الأطراف المعنية - بما في ذلك الاتحاد الأوروبي وشركاؤه. ولا يمكن تحقيق هذا إلا من خلال التعامل بجدية مع القضايا الإنسانية وفهم السياق السياسي في أماكن مثل تونس، وإلا فإن الالتباس سيستمر، وهو التباس قد يؤدي إلى تداعيات إنسانية خطيرة كما يظهر من خلال الأحداث الراهنة في البحر الأبيض المتوسط وتدهور الأوضاع المعيشية في تونس التي تزداد صعوبة.