تعج محطة النقل للشمال باب سعدون بعشرات المسافرين، ينتظرون بصبر المحارب رسو أي " لواج " تخلصهم من هاجس قضاء العيد في العاصمة بعيدا عن أهاليهم…
في كل المناسبة تقريبا، تعيد مشاكل النقل في تونس طرح نفسها على الطاولة من جديد، كأسطوانة مبرمجة الزمان والمكان، رغم اتخاذ وزارة النقل في كل مرة إجراءات استباقية للحد من هذه المعضلة.
تنتظر ريم (22 سنة تعمل في معمل خياطة) منذ حوالي ساعة ونصف " لواج إلى بوسالم"، وتؤكد أن عليها المشي لـ 11 كلم من الطريق الرئيسي إلى منزلها، قائلة ل SonFM "أفضل ركوب لواج مباشرة إلى بوسالم على الرغم من صعوبة توفرها لأن النقل في ولاية جندوبة باتجاه الأحواز والمناطق الداخلية كارثي أيام العيد فأحيانا أضطر إلى كراء سيارة من المدينة إلى منزلي ب 50 دينارا".
على الجهة الأخرى، يستعد سليم ومريم وابنتهما إلى صعود " لواج " مصطفة بعيدا عن المحطة بحوالي 50 مترا خالية من لوحة الأجرة ويقول سليم لـ SonFM "دفعت 30 دينارا للوسيط لكي يوفر لي ولعائلتي مقاعد نحو الكريب دون أن نضطر إلى المزاحمة والانتظار".
وفق سليم يعمل العديد من الوسطاء في محطة النقل بباب سعدون مع أصحاب سيارات الأجرة، حيث يوفرون مقاعد للمسافرين في أوقات حساسة وحرجة، تختلف أسعار خدماتهم باختلاف أوقات الطلب وتتراوح ما بين 05 دنانير 20 دينارا.
في المقابل، عبّر مسافرين لـ SonFM عن رفضهم دفع أي مليم إضافي يزيد عن تسعيرة النقل التي تضعها وزارة النقل، مؤكدين على ضرورة أن تضطلع الوزارة بدورها في توفير النقل الآمن والرقابة لجميع المواطنين وداخل جميع المحطات.
يذكر أن وزارة النقل كانت قد وضعت برنامجا استثنائيا لفائدة المواطنين يتمثل في زيادة الشركة الوطنية للنقل بين المدن والشركات الجهوية للنقل في عدد سفاراتها المنظمة ب 31 % مقارنة مع العرض الجملي الوطني، إلى جانب تدعيم القطارات بعربات إضافية وسفرات إضافية.
كذلك قامت الوزارة بتكليف فريق من المراقبين لمتابعة سير البرنامج في كامل تراب الجمهورية.
وتعليقا على هذا الموضوع، أشار توفيق اللبوز، رئيس المنظمة التونسية للنقل والخدمات لـ SonFM، يوم الأربعاء الموافق لـ 27 جوان الجاري، إلى الضغط غير العادي الذي تشهده محطات النقل خلال عطلة عيد الأضحى، نتيجة لزيادة الطلب على وسائل النقل.
وهذا يتطلب اتخاذ تدابير جديدة لنقل المسافرين إلى الوجهات التي يرغبون في زيارتها خلال العطلة، وذلك في ظروف مناسبة.
وأكد محدثنا أن قطاع النقل العمومي غير المنتظم، مثل سيارات الأجرة والحافلات والنقل الريفي، يواجه منذ أعوام تهديدات عديدة.
ومن بين هذه التهديدات، توزيع الرخص غير المبني على معايير علمية في كل منطقة، على الرغم من وجود خدمات نقل متنوعة في عدة مناطق.
وشدد لبوز على ضرورة إعادة النظر في هذا القطاع مع ضرورة تنظيم ومراقبة العمل.
وفي سياق متصل، قامت SonFM بتسليط الضوء على ظاهرة" الكوفواتيراج "، حيث أصبح التنقل من وإلى عدة مدن في تونس يتطلب استخدام هذه الطريقة.
وقد اتجه عدد كبير من المواطنين للاستفادة من خدمات الكوفواتيراج، وهي طريقة للتنقل تعتمد على عرض الأشخاص الذين يمتلكون سياراتهم والطلب من الراغبين في السفر إلى نفس الوجهة أن يرافقوهم مقابل مبلغ محدد.
ويؤكد أحد المستخدمين للكوفواتيراج أنه يفضل استخدام هذه التقنية خلال سفره بدلا من الاعتماد على الحافلات التي تكون مزدحمة.
وتبدأ المغامرة من خلال البحث عن وجهته عبر التطبيقات أو المجموعات على الفيسبوك المخصصة لذلك، وغالبا ما يكون هناك عروض متاحة من أصحاب السيارات الذين يعلنون عن وجهتهم للراغبين في مرافقتهم.
إلا أن المتحدث يؤكد وجود جانب مظلم لهذه التقنية، خاصة خلال فترة الأعياد، حيث يزداد عدد التعريفات بشكل لافت بسبب غياب وسائل النقل العمومية.
ويشير أيضا إلى أن هذه التقنية غير آمنة بسبب وجود أشخاص غرباء قد يكون لديهم أهداف أخرى غير توفير النقل، وشدد على أنه سبق وكان ضحية عملية تحيل بهذه المجموعات.
وقال رئيس المنظمة التونسية للنقل والخدمات إن المنظمة طلبت في أكثر من مناسبة من وزارة النقل تطبيق برامج مماثلة للكوفواتيراج تخضع لرقابة الدولة، ولكن تم رفض الاستجابة أو التعليق على هذا الطلب.
ويعتبر لبوز ظاهرة الكوفواتيراج كابوسا لقطاع النقل، حيث إنها تقنية غير خاضعة للرقابة الحكومية وتسبب في بعض الأحيان في حوادث تهدد سلامة المستخدمين.
يظهر أن مشكلة النقل في تونس خلال فترة الأعياد لا تزال قائمة وتشكل تحديا للمسافرين.
على الرغم من اتخاذ وزارة النقل إجراءات استباقية وبرامج استثنائية لتحسين الوضع، إلا أن الطلب الزائد وعدم التنظيم الكافي يؤثران سلبا على تجربة السفر ويسببان اكتظاظا وتأخيرا في محطات النقل...
لتحسين الوضع، يجب على الحكومة والجهات المعنية أن تعمل بجدية على تنظيم قطاع النقل وضمان توفر خدمات آمنة وفعالة للمواطنين.
كما ينبغي أن توجه الجهود نحو زيادة عدد الرحلات وتحسين جودة وسائل النقل، سواء كانت الحافلات أو السيارات الأجرة أو وسائل النقل العمومية الأخرى.
علاوة على ذلك، يجب أن تشدد الرقابة وتتبع الوضع بشكل مستمر للتأكد من تطبيق السياسات واللوائح المناسبة في قطاع النقل.
بالإضافة إلى ذلك، ينبغي تعزيز الوعي لدى المواطنين حول حقوقهم وواجباتهم أثناء استخدام وسائل النقل العامة.
ومن واجب الركاب الإبلاغ عن أي مخالفات تحدث والمطالبة بتحسين الخدمات وتوفير الراحة والأمان للمسافرين.
مشكلة النقل في تونس خلال فترة الأعياد تتطلب مزيدا من الاهتمام والتدابير الفعالة لتحسين الوضع وتعاون شامل بين الحكومة والجهات المعنية والمواطنين لتحقيق تحسين ملموس في قطاع النقل وضمان تجربة سفر سلسة ومريحة للجميع.