×
×

وزارة الداخلية بين غياب اتصال الأزمات وحضور أزمة في الاتصال


صوفية الصفاقسي
صوفية الصفاقسي
نشر في 2023/11/06 17:24
TT
11

تزامنا مع حادثة فرار خمسة من أخطر الإرهابيين من السجن المدني بالمرناقية قللّت وزارة الداخلية من منشوراتها على صفحتها الرسمية، مع غياب أي نقطة إعلامية أو ندوة صحفية لوزيرها كمال الفقي أو ناطقها الرسمي فاكر بوزغاية للتوضيح أو للإجابة عن الأسئلة الكثيرة المتراصة على أعتاب الوزارة في انسجام تام مع سياسة التعتيم المعتمدة من قبل كافة هياكل الدولة، حتى في ظل ما انتشر يوم الأحد 5 نوفمبر 2023 من فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي توثق عملية القبض على ما روج أنه أحد الإرهابيين الخمس الفارين من سجن المرناقية المكنى بالصومالي، إلى جانب ما أعلنت عنه الإدارة العامة للحرس الوطني يوم الجمعة الفارط حين رجحت ضلوع 2 من الإرهابيين الخمسة الفارين في عملية السطو على فرع بنكي بمنطقة بومهل من ولاية بن عروس ، مؤكدة أنها تخلت عن القضية لفائدة القطب القضائي لمكافحة الإرهاب.

وزارة الداخلية أوردت في بلاغ صباح اليوم الثلاثاء أي إثر تمام أسبوع من الحادثة أن تشكيلات مختلفة من أمن وحرس وجيش وطني تمكنت صباح اليوم الثلاثاء 7 نوفمبر من القبض على الأربعة ارهابيين الفارين من السجن، مشيرة إلى تمكن عون أمن يوم الأحد الفارط من القبض على المدعو أحمد المالكي المكنى بالصومالي، دون ذكر أي تفاصيل أخرى.

5 إرهابيين خطيرين محل أحكام سجنية تتعلق بقضايا إرهابية وفق بلاغ لوزارة الداخلية كانوا يتجولون في البلاد بكل حرية، يُدّعى القبض على أحدهم في وسائل التواصل الاجتماعي ويُرجح تورط عنصرين منهم في عملية سطو على فرع بنكي، ويقول رئيس الجمهورية خلال لقاءه بوزير الداخلية عقب عملية الفرار أنهم فروا بتواطؤ من جهات داخلية مع حركات صهيونية، ويمر على هروبهم 7 أيام بتمامها وكمالها وسط صمت مريب يطرح العديد من نقاط الاستفهام.

وتعقيبا على الصمت المطول لوزارة الداخلية وحرمان المواطن من حقه في المعلومة، يقول الأستاذ بمعهد الصحافة وعلوم الأخبار ورئيس المرصد التونسي للدفاع عن مدنية الدولة منير الشرفي أن من حق المواطن التونسي أن يكون على علم بما يحدث ببلاده خاصة حين تكون الأحداث هامة وخطيرة، كحادثة فرار الإرهابيين من السجن، إذ سيشعر المواطن بالخطر المستمر في حال غياب المعلومة من مصدرها الرسمي بالذات بعد خطاب رئيس الجمهورية وحديثه عن عملية تهريب وتورط مع أطراف صهيونية، على حد تعبيره.

وبالحديث عن تصريحات رئيس الجمهورية بخصوص الحادثة وربطها بجهات صهيونية علق الناشط السياسي محمد عبو في تصريح صحفي اليوم الثلاثاء على موجات إذاعة شمس أف أم بأنها "رواية تنم عن إهانة للشعب التونسي والضحك عليه".

من جهة أخرى تساءل الشرفي عن سبب غياب وزير الداخلية المطول عن تقديم أية توضيحات حول خفايا قضية الفرار وخلفياتها، موضحا أنه في ظل غياب الرواية الرسمية الدقيقة يتوجه المتلقي والصحفي إلى استقاء أخباره من موقع فيسبوك وهو عادة ما يكون مصدرا للإشاعات، تزامنا مع وجود المرسوم عدد 54 وعقوباته الزجرية التي يهدد جزء منها كل من يقوم بترويج الاشاعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

في المقابل أفاد الخبير الأمني علي الزرمديني لـ SonFM أن هذه القضية حساسة جدا على المستوى الأمني، وهو ما يتطلب واجب التحفظ، لكن هناك مسار أمني كامل ينبغي أن يرافق هذا الواجب، إذ أن أي ضعف على المستوى الإعلامي والاتصالي سيخلف اشاعات من شأنها المس من الأمن العام.

وأشار إلى أن صمت وزارة الداخلية حول هذه القضية سلاح ذو حدين، مفيدا أن السياسة التواصلية للوزارة في حاجة إلى التعديل والمراجعة ومواكبة عصر سرعة انتشار الأخبار، قائلا: ينبغي تمكين المواطن من المعلومات على قلتها من طرف وزارة الداخلية حتى تطمئن النفوس.

من جانبه استغرب رئيس مرصد مدنية الدولة منير الشرفي من اطلالة رئيس الجمهورية قيس سعيد في فيديو مصور جمعه بوزير الداخلية كمال الفقي عقب الحادثة وكلماته المقتضبة، المشفرة والغامضة حولها،

وأضاف الشرفي أن الأخبار في تونس أصبحت مؤخرا صعبة المنال، وهو ما يعقد عملية الوصول إليها، داعيا إلى تغيير طريقة تواصل هياكل الدولة مع المواطن واحترام حقه في النفاذ إلى المعلومة، إلى جانب رفع اللبس وفك الألغاز المتعلقة بتصريحات رئيس الجمهورية حول الحادثة..

وتتماهى هذه الحادثة مع غيرها من الحوادث التي مرت على البلاد في انتشار سريع للأخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لتطغى ما يعرف بـ "صحافة المواطنة" التي يتحول فيها المواطن العادي إلى ناقل للخبر كونه الأقرب مكانيا، ويصبح ما ينشره من صور ومقاطع فيديو مادة خبرية تبنى عليها ردة الفعل الصحفية الاحترافية، فتستند عليها المواقف والتحليلات، حاملة في طياتها "أكشن" جذاب يحتمل التصديق.

وهنا لا بد من الإشارة والتذكير بحادثة غير بعيدة وتحديدا في شهر ماي خلال عملية جربة حين غاب أي تفاعل سريع من وزارة الداخلية مع الأحداث الإرهابية التي جدت أمام معبد الغريبة ما أسفر عن وفاة أعوان شرطة ومواطنين يهود، وحضر بلاغ متأخر، ما أطلق العنان لتداول الاشاعات والأخبار الزائفة، إذ عمدت عدد من الصفحات الموالية لرئيس الجمهورية وغيرها نشر صورة قيل أنها تعود لقاتل عون الشرطة بجربة، لينشر صاحب الصورة الأصلي آنذاك مقطع فيديو "مباشر" على حسابه الرسمي بفيسبوك مؤكدا من خلاله أن لا علاقة له بحادثة جربة بأي شكل من الأشكال.

ويطل وزير الداخلية كمال الفقي بعد يومين من الحادثة في نقطة اعلامية وسط حضور صحفي كثيف رافضا التعاطي والإجابة على أي أسئلة من الحضور.

وفي هذا الصدد سبق وأن نشر العميد السابق مختار بن نصر مقالا تحدث فيه عن المهارات الضرورية لنجاح فريق إدارة الأزمات خاصة حين يتعلق الأمر بالإرهاب مشيرا إلى الدور الفعال الذي يلعبه الناطق الرسمي في مثل هذه القضايا والأحداث، إذ يمثل أهم عناصر خلية الاتصال حيث يعتبر وجه المؤسسة وصوتها في علاقة بالإعلام والجمهور، فعلى الناطق الرسمي وفق بن نصر أن يكون دقيقا وواضحا، الأمر الذي لا ينطبق على الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية الذي يتعمد في معظم الأحيان عدم الإجابة على تساؤلات الصحفيين ويرفض التعامل في مختلف الملفات.


مقالات ذات صلة

من نحن ؟

"SON FM" هي إذاعة قرب تونسية جمعياتية جامعة وإيجابية

تابعونا

2024 © كل الحقوق محفوظة. تصميم و تطوير الموقع من قبل CreaWorld