الفن، والوقوف في وجه عنجهية السلطة وغطرستها ومحاولتها المستميتة لإخماد الأصوات المنادية بما لا يتماشى مع سياستها، خطان متوازيان يلتقيان عند الفنان التونسي ياسر جرادي الذي اختار الوقوف يوم الاثنين 5 جوان 2023 إلى جانب النشطاء في مجال البيئية أمام وزارة الصناعة والطاقة والمناجم تعبيرا عن سخطهم من "الإرهاب البيئي" الذي تعيشه عدد من المناطق في تونس وخاصة ولاية قابس تزامنا مع اليوم العالمي للبيئة.
بالألحان والأهازيج احتج ياسر على تبييض الدولة للكارثة البيئية التي تحدق بأهالي قابس خاصة وبالبلاد التونسية عموما، أين ذكر الجميع أن في تونس ما يستحق الصراع وخوض المعارك والنزول إلى الشارع رغم اليأس المخيم على الأرجاء.
"ياسر جرادي... لاجئ بيئي" هكذا قدم ياسر نفسه لنا، قائلا" هجرت قابس تاركا خلفي عائلة ومسقط رأس وحلم طفلي كبر بداخلي بأن تتخلص ولايتي من كابوس التلوث فإذا بشريطي طفولتي الذي أنتهك فيه حقي في هواء سليم وبيئة يطيب فيها العيش يتكرر أمامي كل يوم بأشكال وطرق مختلفة ومتنوعة"..
وشدد جرادي على أن المجمع الكيميائي في قابس مشروع خاسر بامتياز رغم توفيره لمواطن شغل التي اعتبر محدثنا أنها تتقاضي أجرا زهيدا لا يتوافق وجحم الضرر المادي الصادر عن الإنبعاثات الكيميائية.
كما أبدى المغني ياسر جرادي حماسه تجاه القضايا البيئية إلى الواجهة من قبل عدد من الشباب المطالبين بالعدالة البيئية، وتحميل الدولة مسئولية ما آلت إليه الأوضاع البيئية في تونس بدل الهروب والتخفي ومصادرة الأزمات.
و يذكر أن نشطاء بيئيين من مختلف ولايات الجمهورية نظموا يوم الاثنين 5 جوان 2023 وقفة احتجاجية أمام وزارة الصناعة والمناجم والطاقة، ضد ما وصفوه بتملص الوزارة من تنفيذ قرار اتخذته سنة 2017 يقضي بتفكيك الوحدات الملوثة في ولاية قابس لما تشكله من كارثة بيئية محدقة.
واعتبر فراس الناصفي (شاب من ولاية قابس) أن الوقفة الاحتجاجية هي رسالة مزدوجة للسلطة والمواطنين تذكيرا بالخطر الداهم ومشاكل التلوث والتنفس التي يعاني منها "القابسية".
من جانبها، أكدت الشابة سحر حفصة (شابة من ولاية قابس) أن الأسباب التي دفعتها للخروج والتظاهر هي أسباب شخصية على اعتبار أنها أصيلة ولاية قابس وأن ما تعاني منه الولاية اليوم هو "جريمة نكراء" ستساهم في اندثار الإنسان على خطى كل الأشياء التي دمرتها الإنبعاثات الكيميائية.
كما استنكر النشطاء غياب الجدية في تعامل أجهزة الدولة وعلى رأسها إدارة المجمع الكيميائي التونسي ووزارة الطاقة والمناجم والصناعة مع المسألة داعين إلى الكشف عن حقيقة التقارير التي تم إعدادها للتثبت من معايير السلامة داخل المنطقة الصناعية بقابس والإجراءات العملية التي تم اتخاذها لتلافي الكوارث المحتملة.
مطالبين بالكشف عن تقدم إجراءات تفكيك الوحدات الملوثة في قابس و تنفيذ قرارات وزارية تعود إلى يوم 29 جوان2017.