في مسيرة احتجاجية نظمتها مجموعات ومنظمات مدنية في تونس مساء أمس الجمعة 14 جويلية الحالي، طالب المشاركون بالإيقاف الفوري للانتهاكات ضد المهاجرين ومناهضة العنصرية والتمييز التي طالت المهاجرين من جنوب الصحراء في البلاد.
تعبر هذه المسيرة عن تضامن المواطنين والمواطنات مع المهاجرين في جميع أنحاء البلاد، مؤكدين أن تونس لن تقبل بالعنصرية.
وخلال تصريحاته لSonFM، أكد المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، أن المسيرة تعكس رد الفعل المواطنين لحملات الكراهية والعنصرية التي تتعرض لها الجالية المهاجرة في تونس، وتأتي كتأكيد لتمسك المجتمع التونسي بقيم المساواة والعدالة.
وأضاف بن عمر أن هذه المسيرة تحمل رسالتين هامتين: الأولى موجهة للاتحاد الأوروبي، حيث يتطلب منه تحمل المسؤولية تجاه ما يحدث في تونس وما يتعرض له المهاجرون من انتهاكات لحقوق الإنسان، خاصة المهاجرين من دول جنوب الصحراء.
مشددا على أهمية تدخل المجتمع الدولي لحل هذه القضية.
أما الرسالة الثانية فتعبر عن توجه ملموس للسلطات التونسية، إذ حث بن عمر على الاستجابة بشكل إنساني أكثر للأزمة في ولاية صفاقس، والابتعاد عن سياسات الترحيل القسري للمهاجرين.
كما شدد على ضرورة توفير مراكز إيواء مؤقتة وتوفير الخدمات الأساسية، خاصة فيما يتعلق بالرعاية الصحية، وإصلاح النظام القانوني الحالي.
وأوضح بن عمر أن ولاية صفاقس تواجه أزمة إنسانية حادة، حيث يتواجد المئات من المهاجرين في أماكن عامة دون وسائل راحة أساسية، وبعضهم يقيم في منازلهم دون القدرة على المشاركة في الحياة العامة.
وأشار إلى أن الأزمة لا تفرق بين المهاجرين غير النظاميين وطالبي اللجوء والطلاب، وأدان قرار السلطات التونسية بطرد المهاجرين بناء على لون بشرتهم، مشددا على خطورة هذه الوضعية.
وبالنسبة لدور المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، أشار بن عمر إلى أنهم يجب أن يلتزموا بمسؤولياتهم في التعامل مع الأزمة الحالية للمهاجرين في تونس، ملفتا إلى على ضرورة توفير الدعم اللازم للأشخاص الفارين من الحروب وطالبي اللجوء، وخاصة السودانيين الذين يعانون في ولاية صفاقس والذين عالقون على الحدود الليبية.
من جانبها، ألقت سعدية مصباح، رئيسة جمعية منامتي المناهضة للعنصرية، باللوم على خطاب الرئيس قيس سعيد في اجتماع مجلس الأمن القومي في شهر فيفري الماضي، واتهمته بتفاقم الأزمة في ولاية صفاقس.
وأشارت إلى أن الشعب التونسي قد انقسم في مواقفه تجاه المهاجرين، وأن خطاب الرئيس لم يكن مجرد زلة لسان بريئة.
يتوجب علينا التذكير بأنه في بلاغ صادر عن الرئاسة التونسية في 21 فيفري من هذا العام، أشير إلى أن "هذا الوضع غير طبيعي".
وأكد الرئيس سعيد في هذا البلاغ أنه تم تحضير ترتيب إجرامي منذ بداية القرن الحالي لتغيير التركيبة الديمغرافية في تونس، وأن هناك جهات تلقت أموالا طائلة بعد عام 2011 بهدف استيطان المهاجرين غير الشرعيين من جنوب الصحراء الأفريقية في تونس. وأضاف أن "الهجرة غير الشرعية المتتالية تستهدف تحويل تونس إلى دولة أفريقية فقط، دون انتماء للأمتين العربية والإسلامية".
وقد استقبل هذا الخطاب العديد من الانتقادات وأدى إلى انتشار الإشاعات والأخبار الكاذبة وخطابات الكراهية والعنف المتعلقة بالأفارقة جنوب الصحراء، وفقا لما رصده إذاعة SonFM من تعليقات المستخدمين على منصات التواصل الاجتماعي باستخدام تقنية crowdtangle. وقد تسبب هذا الخطاب في تقسيم الرأي العام بين الاستنكار والتعاطف، مما أدى إلى تفاقم الأزمة وتصاعدها.
ومع ذلك، فإن الأزمة التي نشهدها اليوم ليست جديدة، حيث يواجه المهاجرون من جنوب الصحراء الأفريقية في تونس مجموعة من التحديات، بما في ذلك التمييز والعنصرية والكراهية.
وعادة ما يتعرض الأشخاص ذوو البشرة السوداء في تونس للمضايقات الأمنية أو الاحتجاز التعسفي والعنف، بالإضافة إلى نقص الرعاية الصحية والتعليم والفرص الوظيفية، وفقا للتقارير المحلية والدولية.
ووفقا للبيانات التي جمعتها إذاعة SonFM، منذ خطاب الرئيس قيس سعيد في فيفري الى حدود كتابة هذا المقال، تمت مشاركة 6292 منشورا يحتوي على كلمة "الأفارقة" على صفحات تونسية في منصة فيسبوك، وتفاعل 1,239,628 شخصا معها، وكانت معظم التعليقات تحتوي على خطابات كراهية وعنف وتمييز.