كشفت عضو المرصد الاجتماعي بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رحاب المبروكي، اليوم الثلاثاء 27 فيفري 2024، إثر تدخّلها في برنامج Sans Émission، عن مخرجات التقرير السنوي لقسم العدالة البيئية والمناخية الذي أُصدر مؤخّرا تحت عنوان "حقوق بيئية، تغيرات مناخية، عدالة بيئية واجتماعية".
وأفادت المبروكي أنّ التقرير تضمّن قراءة لواقع حقوق الإنسان البيئيّة في جهات معيّنة من البلاد التونسية، تنقسم إلى 3 أجزاء، تطرّقوا في كلّ جزء منها إلى إشكال بيئي معيّن.
كان تركيز المنتدى في الجزء الأوّل على تداعيات غياب العدالة الاجتماعية والبيئية خاصّة على الحقوق الصحية للتلاميذ وحقّهم في التعليم الجيّد وفي الصحّة، ويخصّ بالذِّكر المناطق الرّيفيّة ببعض المناطق الدّاخليّة.
وبهذا الخصوص، تطرّق المنتدى إلى الهُوّة الفاصلة بين ماهو موجود في التشريع وماهو معمول به على أرض الواقع، فيما يتعلّق بالحقّ في الماء الصّالح للشّراب والحقّ في الصحّة والتعليم.
وكشفت المبروكي أنّه رغم ضمان جميع الحقوق البيئية والصحية على مستوى التّشريعات إلاّ أنّ الواقع بالمناطق الدّاخليّة خصوصا عكس ذلك.
واستندت في ذلك إلى الفوارق التي رصدها المنتدى في المدارس الابتدائية العمومية بين المناطق الحضريّة والرّيفية فيما يخصّ الماء الصّالح للشراب، وقالت أنّهم رصدوا نسبة 70% فقط من المدارس الابتدائية العمومية في تونس من التي فيها ربط بشبكة مياه الصوناد.و834 مدرسة من نسبة ال30% المتبقّية مرتبطة بالجمعيات المائية، التي في حدّ ذاتها لا تُعتبر مصدر مياه شرب صحيّة، خاصة وأنّها تعاني من إشكاليّات مادّيّة تتسبّب في إقطاعات متكرّرة.
إضافة إلى نسبة 12% من المدارس غير مرتبطة تماما وتتزوّد من الصّهاريج والخزّانات.ونتيجة لذلك أكّدت رحاب المبروكي أنّ الفوارق الاجتماعية تهدّد حقّ التلاميذ في الولوج إلى التعليم والصحّة.وأشارت إلى وجود 119 مدرسة بسيدي بوزيد، و48 مدرسة بالقيروان اليوم دون ماء، وكشفت عن وجود قرابة ال128 مدرسة عمومية بالمناطق الدّاخلية خصوصا، تفتقر إلى وحدات صحيّة، 58% منها بمناطق الوسط الغربي، وهو ما يؤدّي إلى تداعيات كبيرة تهدّد صحة التلاميذ حسب تعبيرها.
ولعلّ أهمّ مثال للتداعيات الصحيّة التي ذكرتها المبروكي هي حالات مرض الالتهاب الكبدي الفيروسي، إذ رصد المنتدى بسنة 2018، 1372 حالة التهاب كبدي بالمدارس التي لا يتوفّر فيها الماء.كذلك بسنة 2021، تمّ تسجيل 143 حالة لنفس المرض، ورصد 103 منها بالقيروان فحسب.واعتبرت المبروكي أنّ تزايد عدد هذه الحالات مرتبط أساسا بغياب الماء الصالح للشراب.
أمّا عن الجزء الثاني للتقرير، فخُصّص لأزمة الماء فو تونس ووقعها على الحقّ في مياه الشّرب والرّيّ، وفق ما أدلت به رحاب المبروكي.
وكشفت المبروكي عن تفاقم عدد الآبار العشوائية في تونس بالفترة الأخيرة والذي يفوت عدد الآبار القانونية المرخّصة، حيث تمّ رصد ما يزيد عن 21000 بئر عشوائي في تونس، وولاية ڨبلّي تحتلّ صدارة الولايات ببلوغ 9252 بئر عشوائي، وسيدي بوزيد والقيروان بما يزيد عن 4000 بئئر عشوائي، وهو ما يسبّب بذاته في استنزاف المائدة المائية، حسب تعبيرها.
واختصّ الجزء الثّالث من التقرير بأزمة النفايات، حيث أعلنت المبروكي عن دور المنتدى في طرح مقترحات للحلول، والتي تعتبرها من مسؤولية الدولة، إضافة إلى بعض التوصيات.
كما يحثّ المنتدى السُّلطات المعنيّة لتتبّع تلك التوصيات، وذلك بدعوتها إلى اتّباع سياسات بيئيّة تقوم على خطط تثمين النفايات وإعادة استعمالها كمصدر للطاقة عوض أن تكون مصدرا للأمراض. وشدّدت المبروكي من جهتها على ضرورة الشروع في تهيئة مصبّات مراقبة، تتوفّر فيها كل الشّروط اللّازمة، والقضاء على جميع المصبّات العشوائيّة.
ويحثّ المنتدى الدّولة أيضا على تبنّي توجّهات واختيارات بيئيّة تضمن ترسيخ الحقوق البيئيّة وأهمّها الحقّ في بيئة سليمة.وفي هذا الإطار، اعتبرت المبروكي أنّه من الضروري الاعتراف بالحقوق البيئيّة كجزء من حقوق الإنسان.
-أميرة الثعالبي-