الصراعات الدائرة في مناطق النزاع تتحول عادة إلى مصدر رئيسي لتحقيق الأرباح لشركات الأسلحة، وفي ذلك السياق، تبرز حرب الكيان الصهيوني على قطاع غزة كنموذج يكشف عن تفاعل معقد بين التكنولوجيا العسكرية المتقدمة والمكاسب المالية.
ويعتبر مؤشر "ستاندرد آند بورز للفضاء والدفاع" الذي يتضمن شركات الأسلحة الأميركية المدرجة في بورصة وول ستريت، مرآة تعكس ازدهار هذا القطاع خلال فترات النزاع، وفق أوريان 21.
في هذا السياق، كشفت الحرب الدامية والمدمرة لأبناء الشعب الفلسطيني التي بدأت في السابع من أكتوبر الماضي، أن الأسهم في هذا القطاع تتحسن بشكل ملحوظ.
حيث ارتفع مؤشر الشركات الأميركية المتخصصة في الدفاع بنسبة 5.88% خلال العشرة أيام الأولى للحرب، ويُظهر ذلك كيفية يتم تسخير الأحداث العنيفة لتحقيق مكاسب مالية هائلة للشركات المتورطة.
وتوجد وراء هذا الارتفاع السريع توجيهات من قبل الشركات الرائدة في صناعة الأسلحة.
جريج هايز، المدير التنفيذي لـ "آر تي إكس"، أحد العمالقة في هذا الميدان، أرسل تقريرًا إلى المستثمرين يحثهم على دعم المساعدات العسكرية لإسرائيل، مُؤكدًا أن ذلك سيفتح فرصًا جديدة لتصدير الصواريخ وتوقيع صفقات جديدة، حسب موقع "الجزيرة".
وتحظى شركات أخرى مثل "آر تي إكس" بزيادة في القيمة السوقية خلال الحروب، حيث ارتفعت أسهمها بنسبة 13.46% منذ بداية النزاع الدامي في قطاع غزة.
وهذا ليس فقط إشارة إلى الرغبة في تحقيق الأرباح، ولكن أيضًا إلى استفادتها من دورها في تزويد الجيش الإسرائيلي بأحدث التقنيات والأنظمة العسكرية.
تتبع جنرال دينامكس نموًا مماثلاً، حيث أفادت تسريبات نقلها موقع "الجزيرة" أن جيسون آيكن نائب رئيس الشركة قد أعلن عن صفقات كبيرة جراء الحرب، مما أدى إلى ارتفاع أسهم الشركة بنسبة 9.72% وبالتالي تُظهر هذه الزيادة هي الأخرى كيف يمكن للأحداث الجيوسياسية تحفيز الأعمال التجارية وتعزز من توجهات الاستثمار.
لكن ليس القطاع الأميركي فقط هو الذي يستفيد من الحروب، بل تمتد تداولات الأسلحة إلى الساحة الدولية.
في هذا الإطار، شهدت الشركات الإسرائيلية نموًا ملحوظًا أيضًا، حيث تُظهر الأرقام الرسمية زيادة بنسبة 10.65% في أسهم "لوكهيد مارتن" منذ بداية النزاع، و يُبرز هذا احتلال الكيان الصهيوني لمكانة رئيسية في سوق الأسلحة العالمية، وكيف يظل مصدرًا رئيسيًا للتوريد العسكري للعديد من الدول.
وتوجد شركات إسرائيلية أخرى تحقق زيادات ملحوظة، مثل "العين الثالثة" التي ارتفعت أسهمها بنسبة 83.73%، وشركة "أيرودروم" لصناعة الطائرات المسيرة التي شهدت قفزة بنسبة 202% في سعر سهمها.
ومع أن تلك الشركات تستفيد من هذا النمو السريع، إلا أن هناك تكلفة إنسانية هائلة لهذه الحروب، حيث يتكبد الناس الأبرياء ثمن هذا الصراع بفقدان الأرواح وتدمير الممتلكات، بينما يزدهر الاقتصاد الحربي وينعش أسهم الشركات.
ومع أن هذه الأرباح تتسارع، يظل السائل الأكثر قسوة يتمثل في تلك الحقائق الواضحة، أن الملايين يعانون ويتحملون عبء الحروب، بينما القلة تحقق ثرواتها.