عندما يُسمع اسم هيروشيما أو تشيرنوبيل، يعود الماضي ليُبعثر قلوبنا ووجداننا برداءً من الألم والرعب. هذه الأماكن لم تكن مجرد مواقع لتجارب نووية، بل كانت نقاط تحول في تاريخ البشرية نحو معرفة الخوف والدمار.
في هذا السياق، يُوافق الثلاثاء 29 أوت 2023، الذكرى السنوية لليوم الدولي لمناهضة التجارب النووية لنُذكِّر أنفسنا بالحاجة الدائمة للعمل المشترك من أجل عالم خالٍ من هذا الخطر المدمر.
الأسلحة النووية لا تمثل مجرد تهديدًا للأمن الدولي، بل تتخطى ذلك بكثير، فهي تهدد بالقضاء على البشرية وكوكبنا بأكمله فهي قنابل تحمل بين طياتها ليس فقط الانفجارات الرهيبة، بل ورائها تداعيات إشعاعية وبيئية تستمر لعقود.
وتسبب هذه الأسلحة ليس فقط دمارًا ماديًا، بل تؤدي أيضًا إلى تشويه الأجيال القادمة وتجريف مستقبلهم.
تجلب لنا ذاكرة هذه الأسلحة الوحشية للأذهان مشاهد الدمار والفوضى التي تركتها وراءها، ففي السابع عشر من جويلية عام 1945، انطلقت القنبلة النووية فوق مدينة هيروشيما، لتمحوها من على وجه الأرض وتخلف وراءها نفوقًا ودمارًا لا يوصف.
وفي ماي عام 1986، هزَّ انفجار مفاعل تشيرنوبيل النووي العالم بأسره، محدثًا كارثة بيئية تأثر بها عدد لا يُحصى من البشر.
ما يجعل هذا اليوم خاصًا هو تأكيدنا على أن العالم بأسره يجب أن يتحد لمواجهة هذا التحدي العابر للحدود، ولا يمكن أن تكون الأمانة في أيدي قلة، بل يجب أن تكون مشتركة وجماعية، كما ينبغي على الدول القوية والضعيفة على حد سواء أن تلتزم بالتقارب من أجل تحقيق النزع النووي الكامل.
منذ عقود، تواجد جهود دولية مستمرة لمنع التجارب النووية والوصول إلى اتفاق دولي شامل يحظر هذه التجارب وتمثل معاهدة منع التجارب النووية (CTBT) أحد الجهود الأساسية في هذا المجال.
وتهدف المعاهدة إلى وقف جميع التجارب النووية، سواء كانت ذات طابع عسكري أو سلمي، وتعزيز الأمن الدولي والاستقرار، وعلى الرغم من توقيع العديد من الدول على المعاهدة، إلا أنها لم تدخل حيز التنفيذ بعد نظرًا لأن بعض الدول لم تصادق عليها، وهو ما يشكل تحديًا لجهود الحد من التجارب النووية.
تتضمن أهمية مناهضة التجارب النووية تجنب تصاعد التسلح النووي والحد من انتشار الأسلحة النووية إلى المزيد من الدول خاصة وأن التجارب النووية المستمرة تشجع الدول على تطوير تقنياتها النووية وتهديد استقرار المنطقة والعالم ككل.
علاوة على ذلك، تلحق هذه التجارب ضررًا بالبيئة والصحة البشرية، حيث يتم تحرير مواد مشعة خطرة إلى الجو والتربة والمياه، من هذا المنطلق يجب على المجتمع الدولي تعزيز الجهود لتحقيق دخول معاهدة منع التجارب النووية حيز التنفيذ، وتشجيع الدول على التصديق عليها والامتناع عن التجارب النووية بمختلف أشكالها.
بينما نرثي أرواح الضحايا ونتذكر الدمار، لا تكون هذه المأساة مجرد ذكرى مفجعة، بل تكون حافزًا للعمل نحو عالم آمن خالٍ من الأسلحة النووية.
المصدر:
اليوم الدولي لمناهضة التجارب النووية | الأمم المتحدة (un.org)