غرّة ماي الموافق لعيد الشغالين العالمي، تحي تونس هذا العيد كسائر دول العالم، وعيد الشغالين يأتي احياء لتاريخ تنظيم عمال شيكاغو وتورنتو اضرابا عن العمل للمطالبة بتحديد ساعات العمل تحت شعار "ثماني ساعات عمل، ثماني ساعات نوم، ثماني ساعات فراغ للراحة والاستمتاع".
وفي تونس بدأ الاحتفاء بعيد الشغل بداية من سنة 1948، يتجمّع العمال بمناسبة هذا العيد كحركة رمزية منهم دفاعا عن حقوقهم وعن الطبقة الشغيلة، وطالما كان ومازال اتحاد الشغل يمثل الدعم الوحيد والقوّة الوحيدة لهذه الطبقة.
فكل يوم 1 ماي من كل سنة يشهد هذا التاريخ خطابات لقيادات اتحاد الشغل يطالبون فيها الحكومة بتطبيق الاتفاقيات المبرمة والتي تضمن حقّ العمال عادة دأب عليها الاتحاد العام التونسي للشغل وتوارثها جيل عن جيل، وفي هذه السنة وعلى غرار كل سنة ونظرا للوضعية الاقتصادية التي تعيش على وقعها البلاد ووضعية الطبقة الشغيلة عبّر الاتحاد العام التونسي للشغل عن رفضه للخيارات الليبرالية التي تنتهجها السلطة الحاكمة من رفع الدعم وتفويت في المؤسسات العمومية والتقليص من كتلة الأجور.
وطالب الاتحاد بهذه المناسبة تطبيق الاتفاقيات القطاعية المبرمة بينه وبين الحكومة، كما طالب بالتسريع في عقد جلسة تقييمية للوضعين الاقتصادي والاجتماعي في ظل ما تعرفه البلاد من غلاء للأسعار وتدهور للقدرة الشرائية للطبقة الوسطى.
واعتبر الاتحاد بالمناسبة أنّ كل المؤشرات تؤكّد أنّ البلاد على حافة الكارثة الاقتصادية حيث عجرت كل الحكومات المتعاقبة عن الخروج من الأزمة.
أزمة اقتصادية ألقت بظلالها على كل مكونات المجتمع وأصحبت حديث الساعة، فالكل على علم بما يجري بين تونس وصندوق النقد الدولي، ولا وجود لتصريح فعلي من طرف الحكومة التونسية يكشف توجّهها نحو الصندوق وكيفية حصولها على التمويلات اللازمة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
التفويت في المؤسسات العمومية والرفع التدريجي للدعم وتجميد كتلة الأجور، البعض يقول إنها املاءات من طرف صندوق النقد الدولي والبعض الآخر يقول إنّ هذه الخيارات هي توجهات الحكومة، بدوره اتحاد الشغل وبمناسبة يوم العمال العالمي عبّر عن رفضه لهذه الخيارات التي طالما اعتبرها املاءات مسقطة من صندوق النقد الدولي.
وبذات المناسبة (عيد الشغل) قال أمين عام المركزية النقابية نورالدين الطبوبي في كلمة ألقاها أمام التجمّع العمالي، إنّ الأزمة التي تعيشها تونس مع صندوق النقد الدولي قدّمت دروسا كثيرة منها التأكيد على أنّ عصر الأنباء المعصومين القادرين على الإتيان بالمعجزات قد انتهى وأنّ عهد سخاء الأشقاء وكرم الأصدقاء ولّى وانقضى هو أيضا، مشيرا إلى أنّ المعجزة الحقيقة التي بإمكانها إنقاذ البلاد هو التعويل أوّلا على قدراتنا وتجميع قوانا الذاتية وتوحيدها حول مشروع وطني يلبّي طموحات الشعب في حياة مزدهرة وعيش كريم في مجتمع تسوده الحريات الفردية والعامة.
وعلى غرار صندوق النقد الدولي فإنّ الاتحاد له مطالب أخرى جدّد الحديث عنها بمناسبة اليوم العالمي للشغالين وهي تغييبه من طرف السلطة القائمة عن الحوار، واعتبر في ذات الإطار الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي أنّ استمرار غياب الحوار لن يزيد سوى من حالة الانقسام التي يمرّ بها المجتمع ومن اتساع الهوة بينه وبين الدولة ومؤسساتها وهو ما يتسبّب في تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد واتساع رقعة الفقر مع تدهور المقدرة الشرائية.
ومع تواصل حكومة نجلاء بودن ورئاسة الجمهورية تغييب اتحاد الشغل من الساحة وعدم الاستئناس بمقترحاته، اتحاد الشغل ما يزال مصرا على عرض مخرجات الحوار الوطني على رئيس الجمهورية، حوار انطلق بمشاركة الرباعي وهم اتحاد الشغل والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وهيئة المحامين.
حوار تقوم عدد من اللجان المختصة صلبه بصياغة مقترحات للخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وأيضا السياسية، لكن رئيس الجمهورية قيس سعيّد أبدى رفضه لكل الوسائط وآليات الحوار، مقابل تمسّك الاتحاد رفقة بقية المنظمات بتقديم مخرجات الحوار لأعلى هرم في السلطة، هذا ما أعلن عنه نور الدين الطبوبي في ذات المناسبة (عيد الشغل العالمي).
وأعلن في ذات الصدد عن الانتهاء من مضامين المبادرة التي قامت على الاستئناس بآراء الكفاءات الوطنية في جميع المجالات.