بات يثير التعامل الأمني مع ملف الهجرة غير النظامية في تونس جدلا حول مدى صحة القول القائل بأن "السلطات التونسية تلعب دور الشرطي الحامي لحدود أوروبا" في ظل تضاعف أعداد المهاجرين وغياب سياسة تونسية واضحة في هذا الملف.
فخلال الأربعة أشهر الأولى من هذا العام تمكن الحرس البحري من إيقاف ما يفوق 17 ألف شخص مقابل حوالي 3000 في ذات الفترة من السنة الماضية.
يؤكد رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسام الطريفي في حواره مع إذاعة Son FM أن الإجراءات التي تتخذها تونس ما بعد إحباط عمليات الهجرة وإعادة المهاجرين غير واضحة فهناك من يقع محاكمتهم في حين يقع احتجاز آخرين في مراكز الاحتفاظ بدون أي سند قانوني.
وكان وزير الداخلية الإيطالي قد أعرب عن زيارته لتونس لمنع قوارب الهجرة وأعلنت روما في 4 من أفريل عن تخصيص 10 مليون يورو لمكافحة الظاهرة 6.5 مليون يورو منها لتوريد المعدات الضرورية.
ويتساءل عدد من الأفارقة الذين قابلناهم عن أسباب اعتراض رحلاتهم وإعادتهم إلى تونس "البلد الذي لا يرحب بهم"
من جانبه أكد المختص الأممي في ملف الهجرة حسن البوبكري ل Son FM " أن هذا التعامل يؤكد عمل تونس على حماية حدود أوروبا في ظل غياب سياسة تونسية لحوكمة هذا الملف والاقتصار فقط على إحباط رحلات الهجرة. وأضاف غياب الإمكانيات المالية أمام تكاليف الترحيل العالية يساهم يوما بعد يوم في تزايد أرقام المهاجرين الذين يتم اعتراض مراكبهم في البحر لأن أغلبهم حاول مغادرة تونس لأكثر من مرة.
ووفق الأرقام المتوفرة فإن عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى إيطاليا العام الماضي انطلاقا من تونس قد بلغ 18 ألف في حين تم إرجاع حوالي 30 ألف نصفهم من الأفارقة جنوب الصحراء.
وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد قد أعلن في مارس الماضي إجراءات لفائدة المهاجرين منها تسهيل المغادرات الطوعية والإعفاء من دفع غرامة التأخر في مغادرة البلاد غير أنها تبقى إجراءات محدودة الأثر وفق مراقبين.
وأضاف المختص الأممي على تونس أن تضع سياسة لحوكمة هذا الملف ترتكز على تحقيق التوازن بين مصالحها الاقتصادية الداخلية من ناحية ومصالحها الاستراتيجية مع الدول الأوروبية ودول جنوب الصحراء من ناحية أخرى.
وتتمثل هذه السياسة وفق قوله في القدرة على فرض شروطها المالية على الدول الأوروبية نظرا لدورها الرقابي في حماية حدودها ونظرا لما يمثله ملف الهجرة من وسيلة للضغط السياسي والدبلوماسي بين الدول مؤكدا أنه "على أوروبا أن تتحمل مسؤوليتها تجاه المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء لأن %80 منهم غادروا بلدانهم بسبب الحروب والنزاعات التي تعد طرفا أساسيا فيها."
إلى جانب توظيف تواجد المهاجرين في البلاد لتدعيم سوق العمل وإحداث قوانين تنظم التنقل عبر إمضاء اتفاقيات إعادة القبول والترحيل مع دول جنوب الصحراء.
ختاما أصبحت تونس ملجأ يتدفق إليه المهاجرون من النيجر وجنوب السودان ومالي وبوركينا فاسو وافريقيا الوسطى والكاميرون هربا من الحروب والصراعات والتغيرات المناخية يدخلون تونس عبر الحدود الليبية والجزائرية أملا في الوصول إلى أوروبا.