من الصعب تجاهل الواقع الصادم الذي نعيشه سواء في تونس أو في العالم، بسبب آفة المخدرات التي تنتشر بسرعة مخيفة وتغزو المجتمعات بكل أطيافها.
في هذا السياق، نظمت جمعية "قفصة الذكية" حملة تحسيسية حول التصدي لظاهرة الإدمان والمخدرات يوم الأربعاء 31 ماي الماضي، تزامنًا مع اليوم العالمي للامتناع عن التدخين.
استهدفت الحملة أكثر من 400 شاب ووليّ بالمدرسة الإعدادية في مدينة المظيلة، وذلك في إطار مشروع "جذورنا" بالشراكة مع بعض أعضاء المجتمع المدني في الجهة.
هذه الحملة التحسيسية تأتي في وقت يعاني فيه الملايين حول العالم من إدمان المخدرات وتأثيراتها السلبية على الصحة الجسدية والعقلية.
وقد أثبتت دراسة أعدها المعهد الوطني للصحة بالتعاون مع وزارة التربية وإدارة الصحة المدرسية والجامعية وبالشراكة مع منظمات دولية، ونشرتها وكالة تونس إفريقيا للأنباء في بداية هذا العام، أن 20 بالمائة من التلاميذ المستجوبين أكّدوا وجود سهولة في الوصول إلى المخدرات، بينما أفاد 16.2 بالمائة من التلاميذ بأن الحصول على القنب الهندي أمر سهل.
قدّر 6.5 بالمائة من التلاميذ المشاركين في الدراسة، التي أجريت في تونس العاصمة لمعرفة مدى انتشار مشكلة الإدمان بين المراهقين وبعض العوامل المرتبطة بها، أن الحصول على مخدر "الاكستازي" أمر بسيط.
قامت جمعية "قفصة الذكية" بالاهتمام بهذا الجانب القاتم والقاتل من ظواهر المجتمع، ولاحظت سلوكيات محفوفة بالمخاطر في صفوف المراهقين بالمدارس والمعاهد الثانوية بالجهة.
وتم اختيار المدرسة الإعدادية في المظيلة لتنظيم الحملة نظرًا لأنها تضم أكبر عدد من التلاميذ، وفقًا لما صرح به رئيس الجمعية، السيد أنيس عمايدية لإذاعة 100 أف أم.
وأكد المتحدث أن الهدف الرئيسي للحملة التحسيسية هو توعية الشباب والأولياء بخطورة مشكلة الإدمان في المدارس والأحياء السكنية، تحت شعار "التدخين بلاء والحركة دواء".
واستهدفت الحملة أكثر من 400 تلميذ وتلميذة بالإضافة إلى الأولياء.
تميزت الحملة بالطابع التكنولوجي، حيث استخدمت تقنية الواقع الافتراضي ثلاثية الأبعاد التي أتاحت المحاكاة الواقعية لتجارب التعاطي وتجارب التعافي والدعم، وتأثير المخدرات على الجسم قبل وبعد الاستهلاك.
بالإضافة إلى ذلك، شملت الحملة عرضًا فنيًا لـ "مسرح الشارع بالقطار" باستخدام المسرح الصامت، بالإضافة إلى مداخلات من أعضاء الكشافة التونسية والطب المدرسي حول نفس الموضوع وآثاره السلبية.
شارك منتسبو المدرسة الإعدادية المذكورة بآرائهم في كيفية التصدي لوباء الإدمان بعد عرض فيلم وثائقي عن نفس الموضوع من قبل جمعية "قفصة الذكية".
كان تفاعل الأطفال والأولياء وفتحهم لنقاش حول خطورة مشكلة الاستهلاك من بين أبرز النتائج الإيجابية التي تسعى الجمعية المنظمة للحدث إلى تحقيقها، وفقًا لرئيس الجمعية.
وقد لاقت الحملة تجاوبًا إيجابيًا من المجتمع المدني في الجهة حول هذه الظاهرة، وقد أعرب السيد أنيس عمايدية عن شكره لجميع الأشخاص الذين ساهموا في نجاح وإحياء هذا الحدث من المجتمع المدني.
أما بالنسبة للتحديات التي واجهتها الجمعية، فقد تمثلت في تأخير السلطات الرسمية بالجهة في تسليم الوثائق الرسمية اللازمة لإقامة الحدث، ولم يحضر أي مسؤول من الجهة الحدث على الرغم من توجيه الجمعية دعوات رسمية للسلطات المعنية.
وقد أثار هذا الأمر استياء منسقي التظاهرة بسبب تجاهل الدولة لمثل هذه الأنشطة والتظاهرات المحلية التي تعزز الوعي لدى الشباب وتساهم في تحسين مستقبلهم.
تأتي حملات التوعية حول مشكلة الإدمان من المخدرات بأهمية كبيرة في بناء مجتمع صحي ومقاوم لهذه الآفة الخطيرة.
وجمعية "قفصة الذكية" قدمت مبادرة قوية من خلال تنظيم حملة تحسيسية في المدارس والمعاهد بالتعاون مع أعضاء المجتمع المدني.
وقد لاحظنا تفاعلًا إيجابيًا من الأطفال والأولياء، مما يؤكد أهمية هذه التظاهرات في نشر الوعي والحد من انتشار الإدمان.
إلا أن دعم السلطات الرسمية لهذه التظاهرات يعتبر ضرورة حتمية خاصة في ظل تأخير تسليم الوثائق الرسمية وعدم حضور المسؤولين من الجهة.
هذه التحديات تشكل عراقيل عديدة تقوض جهود المنظمين وتقلل من تأثير التوعية.
لذا، نحث السلطات الرسمية على دعم وتعزيز هذه التظاهرات، وتوفير الدعم المالي واللوجستي والتواجد الحضوري للمسؤولين. حيث يجب أن ندرك أن مكافحة مشكلة الإدمان تتطلب جهوداً مشتركة من المجتمع بأسره، فالتوعية والتثقيف هما المفتاح للوقاية والحد من انتشار الإدمان وتحقيق مستقبل أفضل لشبابنا.
ماجدة العمدوني