تحدثت الدكتورة المختصة في اقتصاد الصحة، إيناس العيادي، أثناء حضورها في برنامج 100T، يوم الإربعاء 24 أفريل 2024، عن دراسة "هجرة مهنيّي الصّحّة... رهانات النظام الصحي التونسي" التي تم انجازها تحت إشراف المعهد التونسي للدراسات الإستراتجية، التابع لرئاسة الجمهورية، بالتعاون بين كل من الدكاترة إيناس العيادي وريم غشّام ونور الدين بوزويّة.
وتهدف الدراسة إلى ضبط أسباب هجرة مهنيي الصحة والحلول التي يمكن اتباعها للحد من هذه الظاهرة.
وأشارت الدكتورة إلى أنّ عدد المهاجرين، عبر وكالة التعاون الفني، من مهنيي الصحة ارتفع جدا في الآونة الأخيرة مقارنة بمهنيي القطاعات الأخرى، فضلا عن ارتفاع عدد الأطباء الذين يطالبون بالانسلاخ عن عمادة الأطباء من أجل العمل خارج البلاد، بالتالي فإنّ عدد الأطباء خارج تونس، تجاوز الـ 4000 طبيب، أمّا بالنسبة لبقية التخصصات الطبية تعذّر تحديد عددهم بدقة نظرا لغياب هيكل يمثلهم.
وأوضحت ضيفة البرنامج، أنّ أسباب هجرة فنيي الصحة، تتمثل في البحث عن الاستقرار الاجتماعي والعمل في أماكن مهمة على المستوى العالمي، وضمان استمرار التكوين والتعرف على آخر التقنيات التكنولوجية المعاصرة، والبحث عن جودة الحياة، بالإضافة إلى كل المحفزات الاجتماعية، كأوقات العمل وظروف العمل اللائقة وفي مرحلة أخيرة تأتي الدوافع الماديّة.
وأضافت، الدكتورة، أنّ مهنيي الصحة، خاصة الشبان منهم، يشتكون من العنف الذي يمارس أحيانا عليهم، ونوّهت إلى أنّ بعض الاختصاصات كالممرضين وإختصاصي التوليد، لا يشعرون بالتقدير المجتمعي لاختصاصاتهم.
ورأت الدكتورة إيناس العيادي، أنّه يجب تفعيل السياسة الوطنية للصحة في إطار الحوار المجتمعي الذي بدأ منذ سنة 2012، وتعزيز دور طب العائلة، بالإضافة إلى الترفيع في ميزانية وزارة الصحة لتوفر الإمكانات والظروف الملائمة للعمل، وتعزيز الالتزام المجتمعي الذي ظهر خاصة خلال الأزمات، عند جائحة كورونا مثلا.
وتطرقت ضيفة البرنامج، إلى مسودة قانون المسؤولية الطبية، الذي يحدد حقوق وواجبات المريض ومهنيي الصحة، والذي من شأنه أن يجعل بيئة العلاج، بيئة صحيّة في كنف القانون والاحترام.
وأشارت الدكتورة إلى أنّ هجرة مهنيي الصحة، تشمل كل العالم، ولا تقتصر على تونس فقط، فمهني الصحة يمكنه أنّ يجد فرصة عمل في أي بلد يريد، لذا يجب ألاّ نعمل على تحسين المنظومة الصحية فحسب وإنما على تحسين ظروف العيش والبنية التحتية والنقل والخدمات العمومية أيضا.
وتطرقت العيادي، إلى أنّه من المهم العمل على الهجرة الدائرية، خاصة وأنّ عددا كبيرا من المهاجرين أبدوا رغبتهم في العودة إلى تونس، موضحة أنّ عودة هذه الكفاءات يضمن التمتع بالخبرة التي اكتسبوها خارج البلاد، بالإضافة إلى الانتفاع بالعملة الصعبة التي يساهمون في إدخالها إلى تونس، باعتبار أنّ أوّل مصدر للعملة الصعبة في البلاد، هم التونسيون بالخارج، وفق تقديرها.
وأضافت الدكتورة أنّه من المهم اعتبار الرأس المال البشري ثروة وطنية، نسعى لضمان اكتفائنا الذاتي منها ونوفر كل الظروف لضمان عودتها، في إطار شراكات مع البلدان الأخرى.
وشددت العيّادي، أنّ القرار ليس قرارا قطاعيا، يهم وزارة الصحة فقط وإنّما هو سياسة دولة، تعمل على التقليص من حدة ظاهرة هجرة الكفاءات وتنظيم ذلك.