في سياق عسير وشائك تتنزل ما يعرف بحادثة "18/18" بجرجيس، حيث لاقى 17 فردا حتفهم يوم 21 سبتمبر 2022 عندما قرروا الإبحار نحو السواحل الإيطالية، من بينهم قُصّر ونساء ورضع.
حادثة قلبت مدينة جرجيس رأسا على عقب، خاصة بعد المسارعة إلى دفن 4 من ضحايا غرق مركب الهجرة غير النظامية في مقبرة الغرباء المخصصة لدفن مجهولي الهوية ممن تقاذفتهم أمواج البحر من أفارقة جنوب الصحراء وغير الأفارقة، والذي أثبتت الأبحاث أن غالبية الجثث المدفونة فيها لم تخضع للتحليل الجيني والتثبت من الحمض النووي، الأمر الذي أجج التحركات الاحتجاجية بالمنطقة، ليتم كشف هويتهم بعد تحرّكات احتجاجية ضخمة ، نظمها المجتمع المدني المحلي، الذي قام بالتعريف بالقضية ونشرها على أوسع نطاق، إلى جانب القيام بالتعبئة الشعبية لأهالي جرجيس صغارا و كبارا شيبا و شبابا، للضغط على السلطات المحلية والمركزية لكشف ملابسات حادثة الغرق.
واليوم بعد مرور أشهر على الحادثة -وإثر لقاء جمع رئيس الجمهورية قيس سعيد بوزيرة العدل ليلى جفال، ورصده "جملة الإخلالات التي وقعت إثر فاجعة غرق المركب عرض سواحل جرجيس"، مؤكدا على "تحميل كل طرف مسؤولياته ، مهما كانت المسؤولية التي يتحملها أو كان يتحملها، سواء على الصعيد الجهوي أو على الصعيد الوطني"، وفق بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية في أكتوبر 2022-غاب الجميع وحضرت المضايقات البوليسية والإستدعاءات الدورية للحضور لمراكز الشرطة للتحقيق حول الاحتجاجات التي شهدتها جرجيس خلال تلك الفترة.
وفي هذا السياق أفاد الناشط بحراك 18/18 علي كنيس أنه وعلى خلفية هبة الأهالي التي عرفتها جرجيس من احتجاجات واعتصامات للمطالبة بمعرفة مصير ضحايا المركب طيلة الأشهر الفارطة، قام أعوان الشرطة بإرسال استدعاءات للبعض من الأهالي -ممن شاركوا في موجة الاحتجاجات، منهم قُصّر ومنهم من سيجتاز امتحان الباكالوريا- للمثول أمام قاضي التحقيق، وقد وجهت لهم تُهم تشكيل وفاق من أجل تعطيل حركة الجولان.
واعتبر علي كنيس أن تهاطل الإستدعاءات للمثول أمام قاضي التحقيق، خطورة خطيرة نحو تجريم الحراك الاجتماعي وهو أمر مرفوض، على حد قوله.
وندد كنيس بكل محاولة للحد من الحق في الاحتجاج السلمي لأهالي جرجيس "الذين عانوا الأمَرَيْن في فترة وجيزة، من فقدان 18 شابا في مركب هجرة غير نظامية مرورا بجملة من التعهدات الواهية لكشف ملابسات الحادثة وصولا إلى الهرسلة البوليسية ومحاولة تكميم الأفواه الحرة المطالبة بالحقيقة والعدالة لغرقى المركب وأهالي الضحايا"، مشددا على أن هذه الإجراءات لن تُثني أهالي المنطقة على مواصلة النضال ومتابعة مآلات الملف.
وذكّر الناشط بحراك 18/18 أن وزيرة العدل أذنت للوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بمدنين، بفتح بحث تحقيقي بخصوص الظروف والملابسات وجملة الإخلالات التي وقعت إثر فاجعة غرق المركب الذي يقل الضحايا، معتبرا أن المماطلة في توجيه التهم للمتورطين في هذه الحادثة يُخلف العديد من التساؤلات.
وأضاف كنيس أن النظام بصدد إعادة نفس ممارساته الدكتاتورية والقمعية بتجريم الحراك الاجتماعي، داعيا الأهالي "إلى إعلاء أصواتهم مطالبة بالعدالة دون خوف من مثل هذه الممارسات".