مع اقتراب استحقاق الانتخابات البلدية، والتي سبق و أن صرح الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي المنصري، أن موعدها يتوافق مع 12 جوان القادم، بانقضاء المدة النيابية للمجالس البلدية المنتخبة، والتي عمد رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى حلها من خلال إصدار ثلاثة مراسيم (09/03/2023) تتعلّق بالشأن المحلّي. فنصّ مرسوم على تنقيح القانون الانتخابي، وآخر على حل المجالس البلدية، وثالث على تنظيم انتخابات المجالس المحلية وتركيبة المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم. تعود إلى الأذهان من جديد فكرة مشاركة مجتمع الميم- عين في الشأن المحلي.
"لا أشعر بالأمان في منوبة إنها ولاية أشبه بالجحيم بالنسبة إلي، معظم السكان مخيفون، نظراتهم تأجج بداخلي نيران جلد الذات، أنا أختنق هنا ولا قدرة لي على التعبير عن رأيي ولا أن أشارك في الشأن البلدي فحتما سيتحاشى الجميع التعامل معي كما يفعلون أبدا ، فلم أجد يوما آذانا صاغية لا في البلدية ولا في غيرها ، ولا أفكر في المشاركة مستقبلا مع اقتراب هذا الإستحقاق الانتخابي" شهادة للناشط الكويري حمدي العويني تضع على المحك وضعية فئة تختنق في جلدها داخل ولاياتها أين من المفترض أن ترسخ التربية على المواطنة وقبول الٱخرين لتجد نفسها تعاني من الاندماج في انغلاق على نفسها ومحاولة دائمة لإثبات عكس ما تعتقد المجموعة بتطبيق ما تفرضه العامة من قواعد أشبه بالأغلال على مجتمع الم-ع بولاية منوبة.
يقول الكاتب العام لولاية منوبة فتحي الدرواز أن بلدية المنطقة لم تعرف يوما منذ الانتخابات البلدية الفارطة مشاركة أحد من مجتمع الم-ع بهوية مكشوفة في المجالس البلدية سابقا أو أي نشاط بلدي، وأعاد ذلك لطبيعة منطقة منوبة "المحافظة" حسب تعبيره والتي لا تقبل الأقليات الجنسية بينها، قائلا: إن كانوا موجودين فليتفضلوا..
ويضيف أنه يشجع أفراد مجتمع الم-ع على المشاركة في الشأن البلدي لنقل مشاكل هذه الفئة، فهم مواطنون ومواطنات بالأساس ولا تجوز التفرقة بين المواطنين على أساس انتماءهم.ن الجنسي أو غيره، فالبلدية جهة جامعة بين كل المواطنين والمواطنات للنهوض بجهاتهم ولوضع حجر الأساس لمواطنة فاعلة تسير بالولايات نحو أرضية مشتركة للتنمية.
"الأرضية المشتركة هي تلك المساحة الخاوية من الأفكار والتي تبرق وصما واستعلاء واستضعافا.
أنا لا أفكر في الترشح لمنصب قادم في البلدية، ولا أفكر في المشاركة في جلساتها التمهيدية، ورجائي الوحيد أن تصبح معاملاتها عن بعد، حتى لا أتنقل على عين المكان، أشعر داخل مقرها بأنني لا أشبه بقية المواطنين، أي أرضية مشتركة سأجدها مع مواطن يقول لي داخل مؤسسة من مؤسسات الدولة "أكبس روحك، واسترجل.
رد من رامي اليعقوبي أحد المواطنين من مجتمع الم-ع الذي لا يفكر البتة في المشاركة في الشأن المحلي.
مقاطعة تعكس الوضعية الهشة على جميع الأصعدة لهذه الفئة داخل جهاتها ، ليختاروا التقوقع بعيدا عن كل ما يهم الجهة ويكرس الديمقراطية التشاركية.
"ديمقراطية تشاركية لمواطنينَ ومواطنات على حساب العديد من الفئات الهشة داخل المجتمع، مواطنون ترمى لهم الورود ومواطنون لا يشعرون بالأمان في دولتهم، لا أريد المجاهرة بضعف البعض منا، ولكنا نعاني الويلات وسط قلة الاحترام وسوء المعاملة، إذ يخالجني شعور أننا سنواصل الطيران نحو الأسفل و لن نتقدم خطوة في طريق تقبل الٱخر داخل الجهات خاصة وأن كل ولاية لها من الخصوصيات ما يجعلها مختلفة عن الأخرى، وبالتالي تنسف الأقليات بدعوى المحافظة، كيف سأتمكن من المشاركة في الانتخابات البلدية، ومقاسمة المكان مع مواطنين سيستهينون بمقترحاتي وسيحاجونني بشكلي وما يحمله جسدي من وشم، لا أستطيع بأي شكل من الأشكال تقاسم المكان مع أبناء جهتي ولا متساكني حيي لأنني سأبقى موصوما إلى الممات".
تصريح لجاسر الثابتي الناشط الكويري ، الذي يرجح أن قوة سحرية وحدها الكفيلة بتغيير فكرة بعض الأقليات الجنسية، المنتمين والمنتميات إلى مجتمع الميم-ع عن المشاركة في الشأن المحلي، فعندما تبادلهم أطراف الحديث تجد جماعة تٱكلت من يأس أن تُفهم، وتُحترم، فإنتقلت إلى رخاء العزوف والإكتفاء بالمشاهدة من أعلى الربوة في ولاية تحتاج تكاتف الجميع للنهوض بها.
مسؤولون بلديون يشجعون ذوي وذوات اللامعيارية داخل ولاية منوبة على المشاركة في الشأن المحلي ، ضمانهم لأرضية ملائمة للتفاعل على غرار الطرف البلدي الكاتب العام فتحي الدرواز الذي أكد أن بلدية منوبة بإمكانها تقديم المزيد للجهة بتكاتف جميع المجهودات ومشاركة جميع المواطنين من كافة الفئات فلا أحد بامكانه اقصاء الٱخر حسب تعبيره، ولا مكان داخل البلدية لهرسلة ذوي وذوات الهويات اللامعيارية معنويا أو المس منهم بأي شكل من الأشكال فالتعاييش السلمي هو الخيط الرابط والمتين داخل المنطقة، اذ نشجع على الاختلاف وتعدد الآراء والانتماءات والتوجهات ولا نية لنا اليوم أو غدا في اقصاء أي طرف من الأطراف متى كان حاضرا ومشاركا معنا وفق تصريحه.
مجموعات لم تستطع بأي طريقة من الطرق أن تصيب بين المواطنين والمواطنات موضعا ، فهمْ في رأي الناس كالمصحف في بيت الملحد يظلم في كل شيء: في الوضع وفي الاستعمال وفي الإعتقاد وحتى في النظر إليه .
حياتهم داخل الجهات كسلم نصبت درجاته من سيوف مسنونة، في كل يوم جرح ووصم واعتلالات نفسية، واقصاء وتقطيع في الحرج نفسه، لا راحة لهم في الصعود ولا في الوقوف ولا في النزول.
" القبول لن يأتينا ونحن جالسون على الأرائك، علينا أن نأخذ بعين الإعتبار السياق الاجتماعي الذي نعايشه ونفكك طبيعة المجتمع الذي ننتمي إليه و نجرد البيئة التي ولدنا فيها، لا مجال اليوم للحديث عن قبول قسري لذوي وذوات الهويات اللامعيارية من طرف المواطنين والمواطنات في ولاياتنا، نحن لسنا ضحايا أحد بقدر ما نحن ضحايا أنفسنا، فاليوم لم نضع فرصة حتى نبينا ضعفنا وانصياعنا للإقصاء من كل شيء بما في ذلك الشأن المحلي، الذي هو حسب رأيي بداية الطريق نحو تصحيح علاقتنا بالمتساكنين في أحيائنا وبلدياتنا، فكل عزوف عن المشاركة في الشأن البلدي هو بالضرورة تخلي عن حق من حقوقنا كمواطنين عاديين لا نختلف عن البقية في شيء" تقول العابرة الجنسية "الهام".
"ثلة " ترى أن الشأن المحلي هو لبنةٌ في صرح الاندماج داخل المجتمع ،وبإمكان ذوي وذوات الهويات اللامعيارية أن ينطلق من خلاله في نحت معالم هويته، إضافة إلى أن الشأن البلدي يحتاج إلى بذل جهد وإلى معرفة وممارسة مستمرة وتخطيط، والديمقراطية المحلية ٱلية يمكن أن تشحذ وأن تتطور أو تخفت وتنهار ويمكن أن تكرس طالما يُعمل على فهمها والإنخراط فيها
يجب الاشارة إلى الاقصاء والتهميش من قبل الدولة في ادماج ذوي الهويات اللامعيارية، فلا نجد امتدادا لها في النصوص القانونية، ولا نجد أثرا لها في قانون منع التمييز، ومجرد اشارة للجندر أو النوع الاجتماعي في قانون 58، إلى جانب الابقاء على الفصل 230 ،وانتهاك أجساد اللامعياريين عبر الفحص الشرجي و العقوبات القروسطية كالنفي و انتهاك الحقوق والحريات ، على غرار ايقاف الأشخاص بسبب وجود مساحيق تجميل أو ملابس منسوبة عادة للنساء في مقر سكنى لمجموعة من الشباب.
يمكن الاشارة الى أن المشاركة في الشأن المحلي يمكن ان تكون أداة مناصرة، من جهة لضمان حقوق ذوي وذوات الهويات اللامعيارية، ووسيلة ضغط لمساواة حقيقية بين المواطنين والمواطنات.