×
×

ملف الهجرة غير النظامية: الاتحاد الأوروبي في ورطة


©Qantara.de
صوفية الصفاقسي
صوفية الصفاقسي
نشر في 2023/09/19 15:28
TT
11

عاشت ولاية صفاقس أيام السبت واليوم الأحد الماضيين على وقع عمليات أمنية مكثفة لإخلاء فضاء رباط المدينة بساحة باب الجبلي بصفاقس من المهاجرين غير النظاميين المتواجدين منذ انطلاق أزمة أفارقة جنوب الصحراء في جويلية 2023.

وفي وقت أكد فيه المعتمد الأول المكلف بتسيير ولاية صفاقس الحبيب البلغوثي في تصريح اعلامي أمس الاحد إخلاء ساحة رباط المدينة ونافورة المفترق بمنطقة باب الجبلي وسط مدين صفاقس من المهاجرين غير النظاميين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، قررت السلطات دون سابق انذار نقلهم إلى غابات الزياتين بمنطقة العامرة من ولاية صفاقس، أين استقبلهم أهالي المنطقة في حالة احتقان وغضب شديدين رافضين شبه حل ارتجالي لن يساهم إلا في مزيد تأزم الوضع وتشنجه.

وهي ليست المحاولة الأولى من نوعها لدفع المهاجرين غير النظاميين إلى مكان غير وسط المدينة ففي بداية شهر جويلية 2023 أجبر عدد من المهاجرين على الخروج بيوتهم، بعد أن أقدم المواطنون على طردهم إثر مناوشات أسفرت عن مقتل شاب تونسي ما أثار حفيظة قوات الشرطة التي نقلتهم إلى الحدود مع ليبيا والجزائر في طقس شديد الحرارة يفترشون الرمال الساخنة وتلفح وجوههم أشعة الشمس الحارقة وتكوي جلودهم التوجهات السياسة لتونس في علاقة بملف الهجرة.

ليورد تقرير صادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش لاحقا أنه "من بين الأشخاص الذين تم ترحيلهم يوجد 29 طفلا و3 نساء حوامل حسب الأشخاص الذين تمت مقابلتهم، وستة على الأقل من المطرودين من طالبي اللجوء مسجلون لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وشخصان بالغان على الأقل لديهما بطاقات قنصلية كطلبة في تونس".

في وقت أكد فيه الناطق الرسمي باسم الحرس الوطني حسام الدين الجبابلي في تصريح اعلامي على القناة الوطنية يوم السبت 16 سبتمبر 2023 أن الحملات الأمنية التي بدأت فيه وزارة الداخلية ستتواصل بهدف فرض قانون الدولة وضرب المنظمين والوسطاء في الهجرة غير النظامية، مشددا على أن استعراض الدولة لقوتها يأتي لردع كل من تسول له نفسه العبث وتعطيل المرفق العمومي.

وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت السبت الماضي أن كلا من مدير عام الأمن الوطني ومدير عام آمر الحرس الوطني تحولا بتعليمات من رئيس الجمهورية قيس سعيّد إلى ولاية صفاقس للإشراف على جلسة عمل بحضور مدير عام وحدات التدخل للأمن الوطني ومدير عام الأمن العمومي بالحرس الوطني ومختلف الإطارات الأمنية بولاية صفاقس.

وبالعودة إلى أيام قليلة مضت لا بد من التذكير بوصول 7000 مهاجر غير نظامي إلى جزيرة لامبادوزا الإيطالية انطلاقا من السواحل التونسية خلال 48 ساعة، وفق ما ذكر الناشط السياسي مجدي الكرباعي مبينا في تدخل له على موجات إذاعة I FM أن تونس تبتز لإيطاليا من خلال سماحها بمرور هذا العدد الضخم من المهاجرين في وقت قياسي، مضيفا أن هذا الابتزاز سيضر بمستقبل علاقات تونس بأوروبا.

يأتي هذا بينما قال الناطق باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيديريكو فوسي لوكالة فرنس برس إن أكثر من 8500 شخص وصلوا إلى الجزيرة بين يوم الاثنين والأربعاء الماضيين، أي ما يتجاوز عدد السكان المحليين البالغ عددهم نحو 7 آلاف

حادثة تسببت في تأجج الأوضاع في جزيرة لامبادوزا ما اضطر السلطات الإيطالية إلى إعلان حالة طوارئ بالجزيرة، حسب ما تداولته وكالات أنباء عالمية.

وضع قاد رئيسة المفوضية الأوروبية أوسولا فون ديريلاين ورئيسة الحكومة جورجيا ميلوني إلى التوجه سريعا إلى جزيرة لامبادوزا داعيتان إلى تضامن أوروبي لمساعدة روما على إدارة تدفق المهاجرين بما يفوق القدرات الاستيعابية للجزيرة الإيطالية.

في وقت علقت فيه ألمانيا استقبالها الطوعي لطالبي اللجوء المنقولين من إيطاليا إليها، مبررة قرارها بـ"ضغط الهجرة الكبير الحالي على ألمانيا" ورفض روما الالتزام بالاتفاقيات الأوروبية في هذا الإطار، وتنظم هذه الآلية نقل طالبي اللجوء من بلد الوصول في الاتحاد الأوروبي إلى دول أعضاء أخرى لتخفيف الضغط الإداري وغيره عن دول -مثل إيطاليا واليونان- تعد هدفا أولا للمهاجرين غير النظاميين إلى القارة الأوروبية.

من جانبه صرح الصليب الأحمر الإيطالي الذي يدير مركز استقبال المهاجرين في جزيرة لامبادوزا لدى زيارة رئيسة المفوضية أنه "ثمة نحو 1500 شخص هذا الصباح" في المركز الذي تبلغ طاقته الاستيعابية 400 شخص فقط، متحدثا عن "عمليات نقل مقررة خلال النهار" إلى صقلية وغيرها من المناطق.

وفي ذات السياق عرضت رئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين خطة تتكون من عشر نقاط لحلحلة الوضع الراهن الذي تعيش على وقعه إيطاليا من خلال توزيع طالبي اللجوء بين الدول الأوروبية بشكل أنجع وتفادي تكرار سيل تدفقهم بأعداد مهولة على سواحل إيطاليا بشكل يستنزف قدراتها الإدارية واللوجيستية، ومن أهم هذه النقاط تسريع الدعم المالي لتونس التي ينطلق منها غالبية قوارب الهجرة غير النظامية، وتعزيز نشاط الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود والسواحل (فرونتكس) لتسجيل المهاجرين وأخذ بصماتهم وغيرها من الإجراءات.

وبالإشارة إلى هذه الوكالة لابد من التذكير بتصريح الناشط السياسي مجدي الكرباعي في علاقة بملفات المفقودين في رحلات الهجرة غير النظامية عندما أفاد أن هذه الوكالة هي المسؤولة عن طائرات الاستطلاع، وتمتلك الصور العديدة ومقاطع فيديو لمراكب هجرة غير نظامية غرقت ولم يتم إنقاذها، متابعا أنه وإذا أرادت السلطات التونسية فعلاً معرفة مصير المهاجرين غير النظاميين والمفقودين، فلتبحث في أرشيف هذه الطائرات التي ترفض الوكالة تقديم دلائلها، لأنها تدينها بشكل صريح وفاضح.

وفي هذا الصدد ينبغي التذكير بتوقيع تونس في 16 جويلية 2023 على مذكرة تفاهم مع الاتحاد الأوروبي حول الشراكة الاستراتيجية الشاملة، والتي أعربت دول الإتحاد الأوروبي من خلال رسالة مؤرخة في 7 سبتمبر اطلعت عليها صحيفة ذو غارديان عن تخوفها من محتواها.

وتضمنت المذكرة عدة بنود منها الاقتصادية، والدعم المالي الأوروبي لتونس، مكافحة الهجرة غير النظامية، وتعزيز مراقبة الحدود، وتحسين إجراءات التسجيل والعودة، وكلّ التدابير الأساسية لتعزيز جهود وقف الهجرة غير النظامية.

وتنص الاتفاقية على مساعدة لتونس بقيمة 105 ملايين يورو لمكافحة الهجرة غير النظامية، إضافة إلى 150 مليون يورو لدعم الميزانية البلد.

لكنّ تبقى المساعدة مشروطة معلقة بين مطرقة الاتفاق مع صندوق الدولي للحصول على قرض جديد وسندان الشروط التي يفرضها.

وفي هذا الصدد، اكتفت فون ديرلاين بالقول إنّ بروكسل "مستعدة لتقديم هذه المساعدة بمجرّد استيفاء الشروط".

لتكشف صحيفة لاستمبا الإيطالية اليوم الإثنين 18 سبتمبر وبعد شهرين من توقيع الاتفاقية عن الرأي القانوني للاتحاد الأوروبي منها نقلا عن مصادر ديبلوماسية والذي شكك في حقيقة أن رئيسة المفوضية الأوروبية وجورجيا ميلوني ورئيس الوزراء الهولندي السابق وقعوا مع تونس قد تحصلوا على إذن مسبق من المجلس، أي الحكومات الأخرى.

كما تحتوي الوثيقة على تحذير وفق الصحيفة: لم يعد من الممكن توقيع أي اتفاقيات مع دول أخرى دون الحصول أولا على موافقة الدول الأخرى في الاتحاد.


مقالات ذات صلة

من نحن ؟

"SON FM" هي إذاعة قرب تونسية جمعياتية جامعة وإيجابية

تابعونا

2024 © كل الحقوق محفوظة. تصميم و تطوير الموقع من قبل CreaWorld