تشهد تونس موجة استياء متصاعدة عقب الكشف عن تفاصيل مثيرة للقلق في قضية الطالب ريان الخلفي، الذي تفيد مصادر قانونية بتعرضه لتعذيب شديد أثناء إيقافه. وتسلط هذه القضية الضوء مجددًا على الانتهاكات المحتملة داخل أماكن الاحتجاز، وتثير مطالب شعبية بفتح تحقيقات جدية وشفافة.
مشاهد صادمة ومعاينات ميدانية
المحامية رحاب بن عبّدة السماعلي، التي تتولى الدفاع عن ريان الخلفي، أدلت بتصريحات صادمة على موجات إذاعة Son FM أكدت فيها أنها عاينت بنفسها "آثار العنف الشديد على جسد موكّلها"، مضيفة أن "جسده كان يحمل حروقًا وكدمات وخدوشًا واضحة". وتابعت: "كان ريان في حالة اضطراب نفسي شديد، يتحدث بكلام مبعثر وغير مترابط، وقال بانفعال: أنا راجل، نحب نموت، الظلم حرام".
منع من التواصل وإهمال إداري
وأضافت السماعلي أن أعوان السجون حاولوا دخول غرفة الزيارة معه، رغم إبلاغهم مسبقًا بعدم السماح بذلك، مبررين الأمر بأن "ريان في حالة اضطراب وقد يشكل خطرًا". كما توجهت المحامية إلى إدارة السجن لطلب مقابلة المدير أو من ينوبه، إلا أنه "لم يستقبلها أي مسؤول"، ما اعتبرته تعطيلًا لمحاولات التواصل والمتابعة القانونية، واتضح فيما بعد أن أحد المنظمات كانت متواجدة للزيارة بذات الوقت في السجن وهو ما عطل لقاءها بالمسؤولين.
وزارة العدل تنفي، والمحامية ترد
وفي تعليق على بيان وزارة العدل الذي نفى حصول أي اعتداء على ريان، قالت السماعلي: "أنا محامية محلفة ومحمولة على الصدق، ووكيل الجمهورية وقاضي التحقيق عاينا الحالة وهما كذلك محلفان، والفيصل هو التقرير الطبي الذي سيكشف الحقيقة كاملة".
شكوى بثلاثة مطالب... والاستجابة جزئية
عقب زيارتها لريان داخل السجن، تقدمت المحامية بشكوى مكتوبة إلى النيابة العمومية، تضمنت ثلاثة مطالب أساسية:
1. إجراء المعاينة الميدانية لحالة ريان الخلفي
2. عرضه على طبيب مختص بشكل عاجل قبل زوال آثار التعذيب
3. فتح بحث تحقيقي شامل في القضية.
غير أن الاستجابة، بحسب السماعلي، اقتصرت على إجراء المعاينة فقط حسب رواية وزارة العدل، في حين لم تُنفذ باقي المطالب حتى الآن.
إيواء قسري في مستشفى الرازي ومنع العائلة من الزيارة
بتاريخ 5 ماي، صدر قرار قضائي بإيواء ريان الخلفي بمستشفى الرازي للأمراض النفسية، ما فتح الباب أمام المزيد من التساؤلات. وفي خطوة مفاجئة، مُنعت عائلته من زيارته دون توضيح الأسباب، قبل أن يتم إعلامهم لاحقًا بأن القرار جاء "بناءً على توصية الطبيب". وتواصل العائلة، بمعية المحامية، محاولاتها للتنسيق مع الإطار الطبي للسماح بزيارة غير مباشرة.
تقرير طبي حاسم في تحديد المسؤولية
وفي تطور لافت، أفادت المحامية أنه "بطلب من الدائرة القضائية المتعهدة بالقضية سيكون لدينا تقدير طبي في مدى تحمله للمسؤولية الجزائية من عدمه،خلال الأيام القادمة" ما قد يشكل نقطة تحول حاسمة في مسار القضية.
قضية تتجاوز الفرد لتشمل المنظومة
تجاوزت قضية ريان الخلفي حدود الملف القضائي الفردي لتتحول إلى قضية رأي عام، تعيد فتح ملفات الانتهاكات داخل السجون ومراكز الإيقاف في تونس. ومع تباين الروايات بين الجهات الرسمية والدفاع، يبقى التقرير الطبي المنتظر العنصر الفاصل في تحديد ما إذا كان ريان ضحية تعذيب ممنهج. لكن المؤكد أن هذه القضية أعادت بعث النقاش حول واقع حقوق الإنسان في تونس ومساءلة من يتحمل المسؤولية.