×
×

شبابك: منصة رقمية شبابية بفكر ناقد وساخر


©صفحة شبابك الرسمية على فايسبوك
آمنة السلطاني
آمنة السلطاني
نشر في 2023/06/20 15:17
TT
11

تجمع بين الجدّ والهزل وتعالج قضايا المجتمع برؤية شبابيّة، فلسفة تبناها فريق منصة شبابك، منذ كانت فكرة تخامر عقل مدبّرها أشرف العوادي، الرئيس السابق لمنظمة أنا يقظ.

فكرة طبخت على مهل على مدى سنة، وكانت معالمها تتوضح في كل جمع تناقش فيه الفكرة، التي بدأت معالم أتونها، تفوح مع رائحة القهوة في إحدى مقاهى متيال فيل، بمشاركة ثلة من أبناء المنظمة كمنتصر بن جديلة وصدّيق  بوبكر وجوهر الجويني وعمر حمامة الذي أعطى شبابك اسمها، وغيرهم...

كانت ولازالت منظمة أنا يقظ تحتضن المبلغين عن الفساد وتولي قضاياهم العناية اللازمة، لكن في بعض الأحيان كانت بعض الملفات تستدعي تسجيلا مصورا منهم، فيضطر القائمون على المنظمة إلى التصوير في الحديقة أو في المكتب الذي يفتقر حتى لتقنيات عزل الصوت اللازمة.. وذاك كان مربط الفرس.

اقترح مصمم الغرافيك، هاني البديوي آنذاك أن تقوم المنظمة بتجهيز استوديو لتسهيل عملية التصوير، لكنّ أشرف العوادي، ذهب بتفكيره أبعد من ذلك، ليفكر في منصة شبابك، ليجعل من نوافذها، آفاقا يخرج منها الشباب بدورهم نحو تفكير أرحب، وهذا جليّ في برمجة جمعت في مختلف مواسمها بين السياسي والإجتماعي والثقافي والترفيهي، بروح وبأيادي شبابية.

انطلقت المنصة رسميا في 21 من ديسمبر سنة 2021، بباقة تضمنت 5 برامج أوّلها Bullied الذي يعالج ظاهرة التنمر إذ يعرض شهادات حيّة لأناس، تعرضوا لمضايقات على أسس ليس لهم دخل فيها كلون البشرة أو الشكل أو المرض..

أمّا البرنامج الثاني فكان اسمه على مسماه إذ انتقد ظواهر المجتمع "بالعكس"، عن طريق تمجيد السلوك غير المحبّذ بأسلوب ساخر نقدي.

والبرنامج الثالث كان فسحة لتعبير المبدعين عن فنّهم "بالفلاقي" ليفك المشاهد شفرة المهن التي تتضمنها شارة النهاية في المسلسلات والأفلام، إذ تطرق البرنامج لتفسير مختلف مهام مدير التصوير وكاتب السيناريو والمخرج وغيرهم من المبدعين.

ولأنّ المخيال الشعبي ثري وزاخر بـ "الخرافة"، فكان لذلك نصيب من البرمجة لكن مع إضافة تعليق لباحث في التاريخ ينفي أو يؤكد أو يصحح ما ورد في الحكاية، التي قد تجدها على لسان "الحمّاص" الذي يعالج الأخبار والمستجدات في دكانه بأسلوب ساخر ضاحك على امتداد 3 مواسم.

برمجة حملت معالم الموسم الأوّل، الذي نجح في جلب اهتمام شريحة مهمة من متصفحي شبكات التواصل الاجتماعي على الفايسبوك والتيكتوك والانستغرام واليوتيوب، وفقا للمدير الفني للمنصة هاني البديوي، الذي تحدث لـ Son Fm  بشغف عن كواليس العمل وعن الظروف التي أنجزت فيها كلّ حلقة من حلقات هذه البرامج المتنوعة.

وأضاف البديوي، قائلا إنّ الموسم الثاني للمنصة حمل مفاجأة من العيار الثقيل، إذ لم يكن من المتوقع أن تصل نسب مشاهدة بعض الفيديوهات إلى الملايين، وهنا كان يتحدث عن "فترية" البرنامج الذي عرض شهادات لمشاكل واجهها بعض المواطنين من قبل الأمن.

"البياسة" برنامج آخر لم يكن بمنآى عن شواغل الناس وهواجسهم، فهو البرنامج الذي يعرض تجارب أناس خيّروا الهجرة غير النظامية لكنهم صدموا بويلات لم تخطر يوما ببالهم، الذي كان يصور لهم ضفة المتوسط الأخرى، على أنّها الجنّة والنعيم، وهي الفكرة التي تهيمن على عقول العشرات إن لم نقل المئات من شباب تونس والبلدان المجاورة.

هؤلاء الذين جربوا "الحرقة" وعادوا إلى بلدهم، لا يعرفون كيف نجوا من براثن المخدرات والجريمة والمجهول في عالم كانوا فيه على شفا هاوية، وخيروا أن ينقلوا تجربتهم دون مساحيق، لمن يريدون خوض مثلها، علّهم يعتبرون.

توليفة برامج الموسم الثاني استضافت أيضا فنانين ومبدعين، في برنامج "مواقف"، الذي تطرق إلى شخصياتهم ومواقفهم وحياتهم الخاصة بعيدا عن أعمالهم الفنية وإنجازاتهم، يقول المدير الفني للمنصة "إنّ الهدف كان معرفة الجانب الإنساني في الفنان، بعيدا عن الحوارات المكررة في شتّى البرامج التلفزيونية".

فريق شبابك، لم يشأ أن يحتفل بمعالم نجاحه التي بدأ يتحسسها، بمفرده، بل خيّر أن يشارك الجمهور نجاح الآخرين أيضا، وهؤلاء الذين احتفى بهم وخصّهم ببرنامج "القرينتة" لم يكن نجاحهم عاديا، بل هم أناس وضعت الحياة أمامهم ألف عقبة وألف سبب للفشل لكنّهم كانوا عنوانا للإصرار والمثابرة والنجاح.

آخر برامج الموسم الثاني، كان "الفداوي" الذي افتكّ جمهورا ينتظر حلقاته كل أسبوع بشغف، فالفداوي باللهجة العامية التونسية، هو الحكواتي عند المشارقة، وهو الذي اختار في هذه الحلقات أن يتحدّث عن تاريخ تونس وتاريخ بعض الأماكن فيها وأصل تسمياتها.

كل هذه البرامج على مدى موسمين، جعلت مهمة فريق شبابك تبدو أصعب في البحث دائما عن التفرد والإمتاع والتثقيف والإضحاك، بغاية إمتاع قاعدة جماهيرية تكبر كل يوم أكثر فأكثر، فالمنصة تضم اليوم أكثر من 79 ألف متابع على الفايسبوك وأكثر من 201 ألف متابع على التيكتوك، يطمح القائمون على المنصة إلى نيل رضاهم عبر برامج جديدة تروي شهادات حيّة لأشخاص مرّوا بتجارب صعبة كالمرض أو الاعتقال أو غيرها، وتتطرق أيضا إلى وجع أناس عوقبوا دون النظر إلى روح القانون بالشراكة مع جمعية "معاك"، ناهيك عن إتاحة الفرصة إلى "حمدي رزيق" الفائز بالمرتبة الأولى في "ستانداب شو" في تظاهرة "شهر ضد الفساد" التي نظمتها منظمة "أنا يقظ" لإنتاج برنامج كوميدي يحمل عنوان "ما تعرش القضايا" ويروي قصة محام جعلته الصدفة يرتدي جبة الدفاع عن الناس، دون أن يفقه من ذلك شيئا، علما وأنّ ممثل العمل ذو تكوين أكاديمي في القانون.

يجد فريق شبابك، متعة كبيرة في إنتاج هذه البرامج، بدءا من مرحلة التخطيط وحتى مرحلة التسويق، رغم قلة الإمكانات والتجهيزات ومختلف الصعوبات المتمثلة أساسا في عدم السماح لهم بالتصوير في بعض الأماكن ناهيك عن صعوبة إقناع بعض الناس بالحديث عن تجاربهم، يقول بهاء الدين عطيّة، مصوّر مختلف أعمال شبابك، "إنّه لمن العظيم أن تتمكن منصة بإمكانات محدودة وفي مدة قصيرة أن تصل إلى ما وصلت إليه منصة شبابك" وفق تعبيره، وأشاد عطيّة بروح العمل الجماعي والمثابرة التي كان عليها الفريق أثناء العمل، علما وأنّهم كانوا يعملون صباحا مساء لضمان نسخة أفضل من البرامج في كلّ مرة.

في وقت وجيز تمكنت منصة شبابك من التعبير عن هواجس فئة كبيرة من المجتمع ومن زرع روح التحدي والمثابرة ومن الجمع بين الإضحاك والتثقيف والنقد دون الإيغال في ألفاظ سوقية أو إستعمال الإضحاك بالكلمات النابية، ومن جمع قاعدة جماهرية لا بأس بها، ومن التحدّث عن قصص نجاح كانت تبدو مستحيلة، لولا أنّها كقصّة شبابك التي بدأت من فكرة في مقهى إلى قبو تحول إلى استوديو بالاضافة إلى بعض معدات تصوير أساسية، لتصنع من اللاشي قصة.. قوامها الشباب والنوافذ المفتوحة نحو آفاق لا معنى لليأس أو القنوط فيها..

 

رابط منصة شبابك على الفايسبوك: https://www.facebook.com/shbebektn/


مقالات ذات صلة

من نحن ؟

"SON FM" هي إذاعة قرب تونسية جمعياتية جامعة وإيجابية

تابعونا

2024 © كل الحقوق محفوظة. تصميم و تطوير الموقع من قبل CreaWorld