أكّد رئيس الغرفة الوطنية لصناعة الأدوية طارق الحمامي، لدى حضوره في برنامج 100T اليوم الاربعاء 21 فيفري 2024، أن قطاع الأدوية قطاع حيوي وحسّاس يلمس صحة المواطن وأن فترة الكورونا كشفت لنا عن أهمية الصناعة المحلية، التي تغطي بدورها اليوم 78% من الاستهلاك المحلّي.
ويأتي ذلك إثر إعلانه عن الزيادة الجزئية ل280 نوعا من الأدوية بزيادة يصل أقصاها 1500 مِلّيما، والتي اعتبر أنها "ليست كافية".
وذكر الحمامي أنه منذ جوان 2021، أي ما يقارب الثلاث سنوات لم تقع الزيادة في أسعار الأدوية.
في حين تغيرت تركيبة تكلفة الأدوية طوال تلك المدة، من حيث غلاء أسعار المواد الأولية على النطاق العالمي، فبعض البلدان الأوروبية رفّعت في أسعار المواد الأولية مثل ألمانيا التي رفّعت في أسعار المضادّات الحيوية بنسبة 20%، بالسنة الفارطة.
كذلك ارتفاع أسعار مواد التعليب باعتبار أنها لا تُصنع في تونس، وهو ما أثقل تكلفة صناعة الأدوية.
وحسب الحمامي، فمن غير الممكن والمعقول أن يتحمل مصنع صناعة الأدوية كل هذا ومطالبته بنفس المردود، وهذا ما ينجرّ عنه وجوبا التعديل.
وأفاد الحمامي أنّ هناك بعض الأدوية المستوردة تواجه بعض المشاكل، وهي ناتجة عن الصعوبات المالية التي تمرّ بها الصيدلية المركزية، باعتبار أنها الجهة الوحيدة المسؤولة على توريد الأدوية، مع الصناديق الاجتماعية والCnam التي من الممكن أن تتأخر عن الدفع، وهو ما تسبّب بدوره في هذه الضائقة الماليّة وأثّر على علاقتها بالمخابر الأجنبية.
وفسّر الحمامي أنّ وجود ديون متراكمة مع المخابر الأجنبية ودفوعات متأخّرة جدّا يؤثّر على تواجد الأدوية.
كما صرّح أنّه لا يوجد فقدان في بعض الأدوية تماما في تونس بل هو اضطراب في التوزيع فالقائمة تتغيّر في كلّ مرّة بتغيّر علاقة الصيدلية المركزيّة مع المُزوّد الأجنبي، أي أنّه لا يوجد وضع مستقرّ بهذا الخصوص، حسب تعبيره.
وأشار الحمامي إلى أن الصيدلية المركزية تقوم بمجهودات كبيرة لتجد حلولا بديلة لمشاكلها ولتحسين وضعيّتها الماليّة، وهو ما اعتبره عاملا إيجابيا مشدّدا على التعويل على الصناعة المحلّية.
أيضا، تأتي بعض مشاكل فقدان الأدوية من الصناعة المحلية، إذ يرى الحمامي أنّ بعض المصنّعين يعانون من صعوبات ماليّة خاصّة في أصناف الأدوية المتواجدة بالمستشفيات والتي تكون ذات أسعار منخفضة مقابل غلاء سعر المواد الأولية وهو ما يتسبّب في خسارتهم، وبالتالي يؤثّر على تزويد السّوق بطريقة مستمرّة.
لذلك، دعا الحمامي من جهته إلى الحفاظ على النسيج الصناعي وإنقاذ المصنّعين من الضائقة الماليّة.
واعتبر الحمامي أنّ الوكالة الوطنيّة للدواء وموادّ الصحّة خطوة ممتازة لقطاع الصحة وقطاع تصنيع الأدوية بتونس، ويرى أنّه ليس من الممكن التقدّم بالقطاع بنفس قوانين المنظومة الحاليّة.
كما وضّح الحمامي أنه لم يتغيّر شيء منذ إحداث الوكالة لأنّ المسؤولين في وزارة الصحّة مازالوا يشتغلون على إعداد النصوص الترتيبية وكيفية عمل الوكالة، والهدف من ذلك أن يتمّ تفعيلها في فترة أقلّ من 3 سنوات (وهي الفترة المعطاة من وزارة الصحة لإنشاء الوكالة).
وأضاف أنهم طلبوا من وزارة الصحة تشريك القطاع في هذه النصوص والأخذ برأيهم معتبرا أنّ بإمكانهم تقديم الإضافة على مستوى التفكير.
وبما أنّ قطاع الأدوية اليوم يتمٍ تسييره عبر 4 إدارات متمثّلة في إدارة الصيدلة والدواء، المخبر الوطني لمراقبة الأدوية، التفقّد الصيدلي واليقظة الدّوائية (pharmacovigilance)، باعتبار أنّ كلّ هذه الإدارات تتدخّل في القطاع، طالب الحمامي أن تصبح كلّها تابعة للوكالة الوطنيّة، وهو ما سيساهم في تسريع نسق معالجة كلّ الملفّات وينقص من آجال تسجيل الأدوية حسب تعبيره.
كما نوّه الحمامي بوجوب تغيير بعض القوانين المتعلّقة بمعالجة الملفات مثلا في كيفية تسجيل الأدوية، إذ يستغرق تسجيل الأدوية في تونس من 3 إلى 4 سنوات، حسب أقواله.
وفي هذا الإطار أعلن الحمامي عن مطالبتهم بعدم إعادة مراقبة الأدوية وإعطاء أكثر ثقة للمصنّعين بحيث يصير تطوير المنتوجات الجديدة خاضعا للرقابة الصيدلانية وبالتالي التخلص من المراقبة ما قبل التسويق والتي تستغرق وقتا ومجهودا أكثر، مثل البلدان الأوروبية ودول الخليج.
وفي هذا الصدد، أكّد الحمامي عن وجود تفاعل إيجابي من الوزارة حاليّا وعبّر عن رغبتهم في الاشتغال عبر اقتراح طريقة عمل متمثلة في مشروع تتدخّل فيه جميع الأطراف المعنية من الدولة بقطاع الصحة وبتشريك خُبراء.
وكان ذلك إثر اجتماع عقدوه مع وزير الصحة بتاريخ الاثنين 05 فيفري الجاري، وبحضور 42 مصنّعا، للاستماع لكلّ المقترحات.
وأفاد الحمامي بوجود عزم كبير على العمل بين القطاع الخاص والمسؤولين من وزارة الصحة، وأن الهدف من هذا الاجتماع يسير نحو تسهيل المعاملات وكيفية النهوض بالقطاع، وذلك بتقليص الآجال في تسجيل الأدوية وتغيير فلسفة الأولوية في التسجيل وتشجيع الشركات الجديدة وإعطائهم الأسبقية في تسجيل الأدوية والدخول بسرعة في الإنتاج.
أما على المستوى العملي فصرّح الحمامي عن اقتراحهم لإنشاء مراكز لدراسات التكافؤ الحيوي، ويُقصد بها القيام بتجارب وإثبات أن الدّواء الجنيس له نفس المفعول في الجسم كالدواء المستورد، حسب تفسيره.
وبيّن أن الوزارة أعلنت عن إنشاء 3 أو 4 مراكز لدراسات التكافؤ الحيوي في تونس مستقبلا، وهو ما اعتبره فرصة لاستغلال المصحات والآلات الموجودة والكفاءات وبأنه استثمار قامت به الدولة.
وفي نفس السياق، أكّد الحمامي أن سمعة تونس ممتازة في إنتاج الأدوية عالميا، مقارنة بغيرها من الدول خاصة بوجود الكفاءات من صيادلة ومهندسين وتقنيين ومصانع ممتازة، وهو ما اعتبره مكسبا للصناعة وللمواطن التونسي.
كما وصف رقابة وزارة الصحة بالصارمة وهو ما يراه عاملا إيجابيا للمواصلة على نفس المستوى وللتحفيز لمزيد التصنيع.
واعتبر الحمامي أن الإصلاحات من الممكن أن تكون دافعا للنهوض بالقطاع وتنمية الصادرات.
كما كشف عن بلوغ قيمة تصدير تونس للأدوية اليوم ال295 مليون دينار، معتبرا أنه بالإمكان مضاعفته، واصفا هذا القطاع بالواعد والمثمر ومساهم في تشغيل عديد الشباب من حاملي الشهائد العليا.
وشدّد الحمامي عن أهمية الاستثمار في التصدير، وذكر أن الصناعة المحلية التونسية تُصدّر في أوروبا، مثل أدوية مرض السرطان التي تصدّر لألمانيا.
ولكنّه حذّر من تبعات عدم وجود إمكانيات مادية لتسجيل الأدوية.
وفي سياق آخر، أشار الحمامي إلى أن السوق الموازية في تونس ظاهرة جديدة، محذّرا من أنّ الأدوية التي يقع إدخالها عبر السوق الموازية تخالف المعايير الصحية، كما أن طريقة قدومها ليست سليمة.
وأكّد أن المواد الموجودة بالسوق الموازية ليست بأدوية وهي تضرّ بالصحّة، مشدّدا على ضرورة تجاوز هذه الفترة وتوفير الأدوية لتفادي هذه الظاهرة.
-أميرة الثعالبي-