شهدت المحكمة الابتدائية بالقيروان اليوم الخميس 14 نوفمبر 2024، تحركاً احتجاجياً نظمته مجموعات من المواطنين والنقابيين والنشطاء، وذلك تزامناً مع محاكمة عدد من العمال والنقابيين الموقوفين والمحاليّن على القضاء، على خلفية إيداعهم بالسجن إثر تحركات احتجاجية في معمل "ريتون" للجلود والأحذية في المتبسطة بولاية القيروان. وتأتي هذه الاحتجاجات بعد قرار السلطات إيداع الكاتب العام للنقابة المحلية للشغل بالسبيخة، جمال الشريف، وعدد من العمال السجن على خلفية اتهامهم بتعطيل العمل، عقب دفاعهم عن حقوق زملائهم في المصنع الذين تعرضوا للطرد.
مطالب المحتجين والشعارات المرفوعة
خلال الوقفة الاحتجاجية، طالب المحتجون بإطلاق سراح جميع الموقوفين، مؤكدين على احترام الحقوق النقابية وكرامة العمال، وشددوا على أن مطالبهم لا تتجاوز ضمان حق العامل في بيئة عمل عادلة وحقوق نقابية مصانة. ورفع المحتجون شعارات عديدة تعبر عن التضامن مع العمال وتنتقد سياسات التضييق على العمل النقابي، ومنها: "لن نساند لن نطيع، حق العامل لن يضيع"، و"الحرية تُفدى بالدم"، و"وحدة وحدة يا عمال، ضد سلطة رأس المال". كما طالبوا باستقلال القضاء ووقف الاعتداءات على حرية العمل النقابي.
ردود فعل المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية
أثار توقيف العمال والنقابيين تعاطفاً واسعاً من منظمات المجتمع المدني التي سارعت إلى التعبير عن تضامنها، حيث دعت جمعية "أصوات نساء" إلى إطلاق سراح العاملات والنقابيين الموقوفين وأعربت عن رفضها للتدخل الأمني في القضايا الشغلية. من جهتها، شددت جمعية "تقاطع" على التضامن الكامل مع العمال والنقابيين، منددة بالطرد التعسفي الذي طال عشرات العمال ومعتبرة ذلك تجاوزاً لحقوقهم المشروعة. ودعت الجمعية أيضاً إلى التوقف عن ملاحقة النقابيين ونشطاء حقوق الإنسان، وطالبت الدولة بتطبيق القوانين الوطنية التي تضمن حقوق العمال، بما في ذلك التغطية الصحية والاجتماعية.
بيان دعم مشترك ومطالبات بتدخل السلطات
كما أصدرت منظمات ونقابات، من بينها الاتحاد الجهوي للشغل بالقيروان والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، بياناً مشتركاً استنكرت فيه ما وصفته بـ"التضييق الممنهج" على العمل النقابي، وطالبت بالتراجع عن "السياسات القمعية" ووقف الملاحقات القانونية ضد العمال. وطالب الموقعون على البيان السلطات التونسية بالتصدي للضغوط التي تمارسها إدارة المصنع على العمال وإجبارها على تنفيذ المطالب الاقتصادية والاجتماعية للعاملات والعمال.
خلفيات الاحتجاجات وتطوراتها
تعود القضية إلى يوم 9 نوفمبر 2024، حيث تم سجن جمال الشريف، الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل في السبيخة، وعدد من العاملات بسبب تحركاتهم المطالبة بحقوقهم في مواجهة الطرد التعسفي. وتضمنت القضية إجراءات وصفت بأنها تعسفية بحق العاملات، حيث تم طرد أكثر من 28 عاملة وعامل من المصنع، مما أثار احتجاجات واسعة من قبل العمال والنقابيين الذين رفضوا المساس بحقوقهم الأساسية.