تجرف مياه المتوسّط إلى السواحل التونسيّة، في كلّ مرة عشرات الجثث لمهاجرين غير نظاميين، كانوا قد امتطوا قوارب الموت بحثا عن مستقبل أفضل شمال القارة السمراء.. لكن يبدو أنّ حظوظ هؤلاء لم توافرهم حتّى في الحصول على قبر.
أزمة جديدة تنضاف إلى "قضايا الهجرة واللجوء" خاصة مع ارتفاع أعداد ضحايا الهجرة السريّة، ما جعل السلطات في تونس تدرس إصدار قرار بناء مقابر جديدة بعد أن أوشكت الأماكن في المقابر المتاحة على النفاذ.
جاء ذلك في الوقت الذي كشفت فيه بيانات الأمم المتحدة عن أنّ عدد الضحايا منذ بداية السنة قد بلغ أوجه منذ سنة 2017 ووصل في مدينة صفاقس وحدها إلى 800 ضحيّة وفقا للهلال الأحمر التونسي، وتبعا لذلك فإن الجنازات تقام تقريبا كل يوم لدفن الجثامين وتخفيف الضغط على مستودعات المشارح وبيوت الموتى في المستشفيات، مما أدّى إلى ضغط كبير على أقسام الطب الشرعي وعلى المقابر.. وهذا يجعل تخصيص مقابر جديدة للمهاجرين بالإضافة إلى شاحنات تحتوي على نظام تبريد لنقل الجثث، ضرورة ملحة وعاجلة.
منذ بداية السنة وصل أكثر من 35 ألف شخص إلى السواحل الإيطالية، أي ما يعادل أربعة أضعاف ما كان عليه العدد سنة 2022، من بينهم حوالي 20 ألف مهاجر قدمو من سواحل تونس ونحو 15 ألف من السواحل الليبية..
يأتي ذلك في ظل اتهامات متواصلة تدين تقاعس السلطات الإيطالية والمالطية عن جهود الإنقاذ والاستجابة الفورية لنداءات الاستغاثة للقوارب الغارقة رغم أنهما مطالبتان بموجب القانون الدولي بالتدخل لانقاذ طالبي اللجوء وسط البحر الأبيض المتوسط، كما اعتبر الباحث في مجموعة "مكمي" المعنية بوفيات المهاجرين عبر البحر، "فيليبو فوري"، أنّ نظام استقبال الجثامين والتعامل معها في تونس لم يكن جاهزا لما آل إليه الوضع ووضح قائلا بأنّ: "أقسام الطب الشرعي تكاد تنهار، والمقابر تكاد تنفد، وجثث المهاجرين معلقة بين ذلك كله" وأشار "فوري" إلى أنّ السلطات تهتم بتحديد أسباب الوفاة لكنها لا تهتم بتحديد هوية أصحاب الجثث إلاّ عند تبليغ العائلات عن اختفاء ابنائها"
وأضافت عالمة الانثروبولوجيا بجامعة جنوة الإيطالية والعضوة في مشروع ذاكرة البحر الأبيض المتوسط المعني بتحديد هوية الأشخاص المفقودين أثناء هجرتهم، "سيلفيا دي ميو" أنّ عدد الضحايا أكبر مما يمكن تحديده أو تخيله ولا توجد إرادة للبحث عن هوية المهاجرين الذين ماتوا لأنّ ذلك ينجر عنه تحمل المسؤولية والإقرار بارتكاب جرائم مختلفة ناهيك عن أنّه أمر "مزعج للغاية سياسيا" وفق تعبيرها.
يذكر أنّ بعض البلديات في تونس سمحت بدفن المهاجرين في المقابر المحلية إلى أن يتم إقرار حل جذري لأزمة دفن ضحايا الهجرة غير النظامية.
ناهيك عن تعبير المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية "إيفا يوهانسون" عن استعدادها للتعاون مع تونس لمكافحة الإرهاب رغم التخوف من قمع المعارضين والمهاجرين الأفارقة.
المصدر: الغاردين