داخل نقطتي البيع التابعة لشركة اللحوم في الوردية، يبدو أن 7 ساعات من البحث والتدقيق غير كافية لإيجاد أضحية عيد تتماشى مع مدخرات أحمد المتقاعد (62 عاما)...
يقلب أحمد الخرفان بكل دقة مرتسمة على وجهه الشاحب معالم الاستغراب والحيرة والعجز.. منذ 07 أشهر إنطلق في إدخار 100 دينار شهريا من راتبه التقاعدي الذي يقدر ب 317 دينار استعدادا "للعيد الكبير".
قائلا ل Son FM :" أنازع الحياة، أعمل حاليا في بيع الأحذية لكي أتمكن من خلاص آجار منزلي الذي يعادل 350 دينار". في المحصلة، بحوزة أحمد 700 دينار لم تمكنه من شراء أضحية تكفي عائلته المتكونة من 05 أفراد.
يشبه أحمد الخرفان التي تقابل أسعارها مدخراته بالأرانب ويصيح مسكين "الزوالي" لم يعد قادرا على توفير مستلزماته الغذائية ويتابع علبة الطماطم ب 04 دنانير أسعار الخضر والغلال مشتعلة والخبز متوفر بكميات قليلة إننا حقا في أزمة … ثم يشير بإصبعه إلى خروف صغير ويصيح أنظروا لهذا الخروف الهزيل، هذا الجلد على العظم أخبرني صاحبه أنه ب 600 دينار أقسم أنه لم يتجاوز عمره الشهرين … أيعقل هذا؟
علامات التعجب واليأس سيطرت على وجوه المواطنين المتفرجين كلما سألوا بكم يجيبهم الفلاح برقم "تعجيزي" يكون كفيلا بقلب ملامحهم ومزاجهم في آن.
بحوزة وسيلة أم لثلاثة أطفال 400 دينار تدينت نصفهم، بهدف شراء خروف يدخل البهجة والسرور على أطفالها يوم العيد وينقذهم من شعور "النقص والفقر" أمام أصدقائهم والجيران … غير أنها أقسمت عند البائع السابع أن تشتري كيلوغرامين من اللحم ب 80 دينار( 1كلغ يساوي 40 د) وأعضاء الخروف بعد أن خسرت مدخراتها رهان إيجاد أضحية عيد:
تتراوح أسعار بيع الأضاحي في النقطة الثانية لشركة اللحوم بالوردية "خواص" بين 550 دينار (خروف عمره 4 أشهر لا يتجاوز ميزانه 15 كلغ) و 2300 دينار (خروف كبير يتراوح عمره ما بين عام وعام و أربعة أشهر يقدر ميزانه ب أكثر من 60 كلغ).
يذكر أن شركة اللحوم كانت قد أعلنت في جوان 2023 أن أسعار الخرفان ستتراوح ما بين 600 دينار و 1000 دينار في نقطة بيعها الأولى في الوردية "مسعرة وقائمة على الميزان" محددة السعر المرجعي للكلغ الواحد الحي ب 18,5 دينار.
هذا ويؤكد بالقاسم مربي مواش في سيدي بوزيد ل Son FM أن أسعار نقطة البيع الأولى للشركة في المتناول تأخذ بعين الاعتبار مصاريف الفلاح والمقدرة الشرائية للمواطنين، مضيفا أن هذا ما يفسر النفاذ اليومي للخرفان المعروضة للبيع ويضيف لقد تمكنت من بيع ما يعادل 4000 خروف في هذه النقطة.
في المقابل، يظهر الفرق جليا ما بين الضفتين (نقطة البيع الأولى المسعرة) و(نقطة البيع الثانية التابعة للخواص)، يرجع بالقاسم ارتفاع أسعار أضاحي العيد إلى إرتفاع أسعار الأعلاف مشيرا إلى أن كيس ال 70 كلغ من العلف يقتنيه الفلاح ب 120 دينار من أشخاص منتحلين لصفة فلاح … يقتنون كميات كبيرة من الأعلاف المدعمة ب 38 دينار ثم يبيعونها ب 120 دينار.
وتابع بالقاسم إن الفارق بين سعر الخروف حديث الولادة ما بين السنة الماضية وهذا العام قدر ب 180 دينار مؤكدا أن مصاريف خروفا واحدا (فول، شعير، ماء، مرعى) تكلفه حوالي 90 دينار في الشهر أي ما يعادل 1080 دينار في السنة.
يذكر أن سعر الكيلو غرام الواحد من لحم الخروف كان قد بلغ 40 دينار بداية هذا العام.
للوهلة الأولى يبدو المواطن متضررا والفلاح مسؤولا عن ارتفاع أسعار أضاحي العيد، لكن التعمق في أبعاد ومراحل تربية الماشية والأطراف المتدخلة يدعونا إلى إعادة التفكير في تجليات دور الدولة إن كان في خلق الحل لمشكل كان معلوما أو تعزيز الرقابة.