غياب الإعلام وصوت الاحتجاج
في زمن يفترض فيه أن يلعب الإعلام دور العين الساهرة على العدالة والحريات، اختار الصمت تجاه قضية القاضي السابق والمحامي أحمد صواب. ابنه، صائب صواب، لم يُخف استياءه من هذا التواطؤ الإعلامي، قائلاً إن القضية لم تلقَ الاهتمام الإعلامي الذي تستحقه، رغم ما تحمله من دلالات خطيرة على واقع القضاء والحريات في تونس.
قضية بلا أساس قانوني: "ملف فارغ وتهم خطيرة"
منذ إيقاف أحمد صواب تحفظياً، تم التقدم بطلبات للإفراج عنه، أولها أمام قاضي التحقيق بقطب مكافحة الإرهاب، وثانيها أمام دائرة الاتهام، لكن كليهما رُفض دون تعليل قانوني. الملف، وفق تصريحات ابنه، فارغ قانونياً، فيما التهم تتراوح بين خرق مجلة الاتصالات والمرسوم 54، والأخطر منها تهم الإرهاب. صائب يتساءل بمرارة : "هل تعبير مجازي من قاضٍ ومحامٍ يمثل فعلاً خطراً على المجتمع؟ وهل لا يمكن تركه في حالة سراح؟"
قضاء تحت الضغط و"رسكلة" وجوه قديمة
في حديثه، يشير صائب إلى أزمة أعمق من مجرد قضية فردية: " القضاء مسلطة عليه سلطة أقوى منه "، وهو ما يتجلى في إعادة تدوير نفس القضاة في ملفات سياسية عدة. فالقاضية التي احتجزت أحمد صواب قسرياً – بحسب المعايير الدولية – هي ذاتها التي تلاحق سنية الدهماني ومهدي زقروبة. هذه الممارسات، وفق صائب، تؤكد أن قضية والده ليست قانونية أو قضائية بل سياسية بامتياز.
احتجاج منظم... ومبدع
رغم الظلم، يصرّ صائب صواب على أن المعنويات مرتفعة، مؤكداً أن والده يتمتع بصحة جيدة ويتابع الشأن العام من سجنه. وفي خطوة لافتة، أطلقت العائلة وأصدقاء أحمد صواب شكلاً جديداً من أشكال الاحتجاج، باختيار ساحة محمد البراهمي مكاناً للقاء تضامني تحت عنوان "بالوار1".
يقول صائب : "قررنا الخروج من صورة الاحتجاج الكلاسيكي، واخترنا أن منظم أنفسنا داخل العائلة ونقرر بشكل ديمقراطي ومدروس لتحركاتنا، حددنا فيه الزمان والمكان وطبيعة النشاط."
استراتيجية مقاومة... حتى إطلاق سراح تونس
"الحل الوحيد هو سجن 3 آلاف محتج، لأننا لن نستسلم "… هكذا يلخص صائب صواب إصرارهم على المضي في معركتهم، والتي لا تقتصر على الإفراج عن أحمد صواب بل تمتد نحو "إطلاق سراح تونس " من قبضة الاستبداد.
وفي ظل رفض السلطات لمطالبهم، أعلن صائب عن مواصلة التنسيق مع فريق الدفاع والضغط الشعبي كوسيلة وحيدة للضغط على المنظومة الحاكمة.
دعوة إلى التضامن وكسر الخوف
رغم الأجواء الكئيبة والمناخ الأمني الضاغط، دعا صائب الجميع للالتحاق باللقاء التضامني مساءً في ساحة محمد البراهمي، قائلاً: "علينا أن نتضامن ونخلق الأمل، لأننا نؤمن أن عدد المتضامنين أضعاف من في الشارع."
لكنه عبّر أيضاً عن أسفه لكون الخوف لا يزال يكبل الخطاب التضامني، داعياً التونسيين إلى استغلال هذه القضية الجامعة – التي جمعت طيفاً واسعاً من اليمين إلى اليسار – لاستعادة روح المقاومة السلمية من أجل الحرية والديمقراطية.
قضية أحمد صواب... اختبار لوطن بأكمله
قضية أحمد صواب لم تعد قضية شخص بل تحولت إلى مرآة تعكس الأزمة العميقة في النظام القضائي والسياسي في تونس. ما يحدث اليوم ليس فقط انتهاكاً لحقوق فرد، بل تهديد لمكاسب الديمقراطية والحرية التي ناضل من أجلها التونسيون.