×
×

مشروع قانون تجريم التطبيع: قراءة قانونية لفصول هذا النصّ


© وكالات
صبرين بن محمود
صبرين بن محمود
نشر في 2023/11/04 14:01
TT
11

قالت أستاذة القانون الدستوري سلسبيل القليبي في تصريح لإذاعة Son FM أن مشروع قانون تجريم التطبيع جاء في فترة زمنية تتطلب التعجيل في تمريره وهو نص في غاية من الخطورة لأنه قانون زجري وتصل عقوباته إلى السجن المؤبد، مشيرة إلى أن التعجيل في سن هذه النصوص تحت تأثير العاطفة ليس مستحسنا.

وأوضحت القليبي أن الظرف الحالي يفسر التحمّس والتأكيد على التعجيل بتمرير هذا القانون حيث أننا شهدنا في فترة ما قبل 7 أكتوبر موجة من التطبيع في المنطقة العربية والتي ترتّب عنها تدريجيا عزل لفلسطين وتهميش للقضية الفلسطينية إذ أن الحق الفلسطيني أصبح مهددا.

وحذرت سلسبيل القليبي من الانجراف وراء العاطفة، مشيرة إلى أنه يجب أن يخضع هذا النص قبل المصادقة عليه لمناقشة عقلانية نظرا لطبيعته ومدى إمكانية تطبيق العقوبات المدرجة فيه، حيث أن النصوص التي تشمل عقوبات قاسية، وهو ما اختبرناه في المرسوم المتعلق بمكافحة الاحتكار، تطرح العقوبات القاسية فيها إشكالية على مستوى التناسب بين الفعل المنسوب للمجرم وبين العقوبة المرصودة كما يمكن أن تطرح إشكالية على مستوى التطابق مع الدستور الذي ينص على مبدأ "لا عقوبة بدون نص"، وفي هذه الحالة غموض النص يساوي عدم وجوده نظرا لعدم التعريف الواضح للتطبيع المباشر وغير المباشر وأشكالهما بصفة محددة، وهو ما يترك للقاضي سلطة تقديرية مطلقة في التكييف القانوني، معتبرة أنه يجب التريث لا بإلغاء هذا القانون وإنما بفتح نقاش في الفضاء العام.

وأوضحت محدثتنا أن الغاية من تجريم التطبيع هي معاقبة النظام العنصري وبذلك الكيان الصهيوني لذلك يجب أن يمكننا هذا القانون المجرّم للتطبيع من عزل الكيان الصهيوني ووسمه وهو ما غاب عن مشروع قانون التجريم ليس بسبب قصوره وإنما بسبب عدم توازن القوى السياسية.

وأكدت أستاذة القانون الدستوري على ضرورة ورود تفاصيل في النص حيث أن "عرب إسرائيل" لا يجب أن يشملهم هذا القانون، وعرب اسرائيل هم مجموعة كبيرة من أهل الأرض الذين لم يغادروا سنة 1948 وهم حاملين للجنسية الإسرائيلية اليوم، مشيرة إلى أنه يجب الحذر في التعامل مع "عرب إسرائيل" حيث أنه من الممكن إضعاف موقفهم في إطار عيشهم مع مجموعة عدوانية تابعة للكيان الصهيوني بتطبيق هذا القانون عليهم.

واعتبرت القليبي أن أهم ما يجب

أن يحصل في النقاشات القادمة المتعلقة بهذا القانون هو تعريف دقيق لمفهوم التطبيع والسلوكيات التي يمكن اعتبارها تطبيع حيث يجب الأخذ بعين الاعتبار مثلا الألعاب الأولمبية 2024 التي ستقام في باريس، التي تعتبر وفق مشروع قانون تجريم التطبيع "تظاهرة رياضية" يجرّمها هذا القانون ومن الممكن أن تشهد حضورا ممثلا عن الكيان الصهيوني، معتبرة أن هذا الكيان اقتحم العديد من المجالات الثقافية والرياضية في العالم وبهذه التفاصيل غير الواضحة الواردة في مشروع قانون تجريم التطبيع سنجد أنفسنا في عزلة عن العالم.

من جانبه قال القاضي الإداري السابق أحمد صواب في تصريح لإذاعة Son FM أن مشروع قانون تجريم التطبيع يحتوي من الناحية الشكلية على عديد النقائص التي لا يقبلها العقل القانوني، مستنكرا السهو عن الاستشارة الوجوبية والمكتوبة للمجلس الأعلى للقضاء في صياغة الفصول، وأشار صواب إلى الفصل 7 الذي لم يذكر تحديدا مرجع نظر المحكمة المختصة في النظر في قضايا التطبيع دون تحديد إن كانت المحكمة الابتدائية تونس 1 أو 2.

واعتبر أحمد صواب من قاموا بإعداد هذا المشروع "هواة في القانون" مشيرا إلى أنه في حال لدينا محكمة دستورية لأسقطت مشروع قانون التطبيع مع الكيان الصهيوني.

وقال صواب: "تؤدي هذه النصوص المطاطية التي يتم سنها عن طريق الحماس والعاطفة إلى الظلم"، "القانون هو عدوّ العاطفة والحماس ومثل هذه النصوص يمكن أن تكون منطلقا للمزايدات السياسية.

ووضّح صواب قائلا: "مفهوم النص القانوني يتسم بـ3 مبادئ وهي الجدوى والنجاعة، المقروئية والوضوح وكلها لم تتوفر في هذا القانون.

من جانبه قال النائب بالبرلمان عن كتلة الخط الوطني السيادي التي تنتمي إليها حركة الشعب عبد الرزاق عويدات في تصريح لإذاعة Son Fm ان هناك مقترحات تعديل سوف تُطرح على أنظار الجلسة العامة بما يمكّن من تحسين هذا القانون.

مشيرا إلى أن اللجنة التي تقدمت بمشروع قانون التطبيع قامت بإستشارة خبراء القانون الرسميين الموجودين صلب مجلس نواب الشعب وإذا كان هناك خبراء قانون لم يستحسنوا فصول مشروع القانون فيمكن أن يكونوا حاملين لخلفية ضدّ تجريم التطبيع.

وأوضح عويدات "سيتم تركيز المحكمة الدستورية وسيتم عرض هذا القانون عليها وفي حال تم إسقاطه سنعدّل ما تم إسقاطه ونحن منفتحين على كل التعديلات".

وإعتبر عويدات أن مشروع القانون دقيق وواضح وغير قابل للتأويل ولكن القراءة في فحواه تختلف من سليمة إلى أخرى غير سليمة.

وللإشارة فإن مجلس نواب الشعب يعقد يوم غد الخميس 2 نوفمبر 2023 جلسة عامة للنظر في مقترح القانون الكتعلق بتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني.


مقالات ذات صلة

من نحن ؟

"SON FM" هي إذاعة قرب تونسية جمعياتية جامعة وإيجابية

تابعونا

2024 © كل الحقوق محفوظة. تصميم و تطوير الموقع من قبل CreaWorld