قال منسّق المرصد التونسي للمياه، علاء المرزوقي، أثناء مداخلة له، يوم الثلاثاء 11 جويلية 2023، في برنامج Sans Emissions، أنّ خارطة العطش يصدرها المرصد التونسي للمياه شهريا منذ مارس 2016، اعتمادا على تبليغات المواطنين عن مشاكل متعلقة بالمياه، غير معلنة من طرف الشركة التونسية لتوزيع واستغلال المياه "الصوناد". وهذه الخارطة، هي أيضا نتاج لعمل فريق الرصد الذي يتلقى التبليغات من مراسلين وصحفيين جهويين متطوعين ومن المواطنين الذين يبلّغون تشكياتهم المتعلقة بمشاكل المياه والاحتجاجات والتسربات والتلوث.
وأضاف المرزوقي إنّ خارطة العطش لشهر جوان 2023، ورد فيها 245 تبليغا من قبل المواطنين، وشملت هذه التبليغات 248 انقطاعا متعلقا بالمياه و9 حركات احتجاجية من بينها الاحتجاجات الكبرى التي تواصلت لعدّة أيام، في الرديف، وتستور، وتاكلسة.
ومن المرجح أن ترتفع هذه الأرقام في جويلية لتكون في تناغم مع أرقام سنة 2022 التي شهدت فيها البلاد 429 تحركا احتجاجيا متعلقا بالمياه.
وتطرق المرزوقي للولايات التي تصدرت خارطة العطش لشهر جوان، وهي كل من ولاية نابل بـ 34 تبليغا، تليها بن عروس، وتونس وسيدي بوزيد وباجة بـ 15 تبليغا.
واعتبر علاء المرزوقي، أنّ الخارطة تعكس المسار الأخير الذي حذّر منه المرصد، والمتمثل في أن تصبح كل المناطق في تونس متضررة من أزمة العطش، دون استثناء، خاصة في السنوات الاخيرة التي تمركزت فيها التبليغات في ولايات تونس الكبرى والولايات الساحلية، التي أصبحت أكثر الولايات عطشا في البلاد.
وتعود أسباب أزمة العطش، وفقا لضيف البرنامج، إلى تتالي 5 سنوات من الجفاف، ما أثر على مخزون المياه في البلاد، الذي يعتمد على ولايات الشمال الغربي والسدود، التي تزود تونس الكبرى وجزءا من الوطن القبلي بالإضافة إلى المدن الساحلية وصفاقس، بالمياه الصالحة للشرب.
وأكّد المرزوقي أنّه نظرا لتأثر مخزون المياه في السدود، بسنوات الجفاف فإنّ ذلك انعكس سلبا على المناطق التي تعتمد عليها والتي لا تملك حلولا بديلة إلى حدّ الآن، ناهيك عن باقي المشاكل الأخرى من اهتراء للشبكات وضعف منظومة الصيانة وضعف إمكانيات المناطق الداخلية التي تتزود عبر الآبار.
وأضاف المرزوقي أنّ الأرقام كانت قياسية بامتياز في علاقة بالجفاف، باعتبار أنّ شهر أكتوبر ونوفمبر في 2022 كانا دون تساقطات وسجل شهر جوان 2022 أعلى درجات حرارة منذ سنة 1952، ما جعل مخزون السدود سنة 2023 يصل إلى 27% فقط. وهذا ما أدى إلى إعلان حالة الطوارئ المائية في شهر مارس 2023 والدخول في نظام تقسيط المياه والحصص الظرفية للتوزيع مع القطع الليلي للمياه.
وقال المرزوقي أنّ ذروة التبليغات تكون عادة في شهر أوت وسبتمبر وحتى في شهر أكتوبر لأن مخزون السدود في هذه الأشهر يكون ضعيفا مما يفسّر الاضطرابات في توزيع مياه الشرب.
وناشد المنسق في المرصد التونسي للمياه، المواطنين للتبليغ عن جميع المشاكل المتعلقة بالمياه، لأنّ الأرقام التي تم تقديمها لا تعكس الواقع، وحل هذه المشاكل يرتبط في أحيان كثيرة بالضغط الذي تشكله مكونات المجتمع المدني.
وأضاف المرزوقي أنّ المياه هو قطاع حياتي وأساسي ورغم ذلك فإنّه لا توجد استراتيجيات واضحة وجدية في التعامل مع هذا القطاع، باعتبار أنّه رغم حالة الطوارئ المائية فإنّ البلاد مازلت تسمح لكبار المستنزفين للمياه بزراعة الخس والفراولة من أجل تصديره.
وأكد المرزوقي أنّ قطاع المياه يلزمه قرارات سياسية جريئة، تقطع مع الممارسات الحالية واعتبر أنه يمكن الاستفادة من كفاءات تونس في مجال المياه باعتبار أنه يشهد لها العالم.
وأكد المرزوقي أنه يجب التصدي للفساد واللوبيات التي تستنزف قطاع المياه لأغراضها وأرباحها الشخصية، بالإضافة إلى ضرورة إرساء خيارات استراتيجية للحد من النزيف في القطاعات المستنزفة للمياه كالفسفاط والنسيج واعتبر ضيف البرنامج، أنّ القوانين وحدها لاتكفي والآليات يجب أن تكون متناغمة معها.