في سابقة هي الأولى من نوعها، أبلغت وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج أمس الأربعاء بعثة الاتحاد الأوروبي بتونس أن وفد لجنة الشؤون الخارجية صلب البرلمان الأوروبي "غير مرحب به" في تونس وفق ما جاء في مذكرة أرسلتها الوزارة قبل وصول وفد لجنة الشؤون الخارجية بيوم إلى تونس.
وتهدف الزيارة التي كانت من المفترض أن تدوم يومين من 14 إلى 16 سبتمبر 2023 وفق بيان البرلمان الأوروبي، إلى دعم حوار وطني شامل بعد الانتخابات الأخيرة وتقييم مذكرة التفاهم بين الاتحاد الأوروبي وتونس التي تم توقيعها مؤخرًا.
ووفق البيان كان من المفترض أن يُرتب الوفد، برئاسة النائب الأوروبي مايكل غالر، لقاءات مع منظمات المجتمع المدني ونقابات العمل وزعماء المعارضة في تونس.
وعلى إثر هذا القرار، ندد أعضاء من الوفد الأوروبي بإقدام السلطات التونسية على هذا القرار، معبرين عن صدمتهم وواصفين إيّاه ب"صفعة للديبلوماسية" و"سابقة تاريخية".
نشر النائب في البرلمان الأوروبي منير الساتوري على منصة X بيانا بعنوان "قيس سعيّد يُغلق الباب أمام البرلمان الأوروبي لعزل الديمقراطيين التونسيين"، ودعا الساتوري، وهو من بين أعضاء الوفد البرلماني، الرئيسة الحالية للجنة الأوروبية، ورئيسة البرلمان الأوروبي، والممثلة العليا للاتحاد الأوروبي إلى التحرك بشكل مناسب حتى تعيد الحكومة التونسية تأسيس علاقات دبلوماسية طبيعية مع البرمان الأوروبي.
وأضاف نفس المصدر "هذا الباب المُغلق، الذي يُعد ضربة حقيقية للدبلوماسية البرلمانية، هو الأول من نوعه منذ عام 2011، هذه هي المرة الأولى التي لا يُمكن فيها ببساطة تبادل وجهات النظر ولقاء الفاعلين في الحياة السياسية والجمعيات".
وأشار النائب في البرلمان الأوروبي "قيس سعيّد يُقسم الاتحاد الأوروبي، والمفوضية الأوروبية وبعض الدول الأعضاء تلعب لعبته وتمنحه تفويضًا لحكمه الاستبدادي من خلال اتفاق الهجرة بين الاتحاد الأوروبي وتونس، هذا "الفريق الأوروبي" يفتقد إلى الشرعية كما يفتقد لها، شريكه، الرئيس سعيّد، "هذا الاتفاق لا يخدم مصلحة التونسيين، إنه ينتهك القيم التي من المفترض أن يشاركها الديمقراطيون التونسيون والاتحاد الأوروبي."
كما نشر البرلمان الأوروبي على موقعه موقفه الرسمي من قرار تونس وقال "نحن ندين قرار السلطات التونسية برفض دخول وفد لجنة شؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي ونطالب بشدة بتقديم تفسير مفصل لهذا القرار، هذا السلوك لم يسبق له مثيل منذ الثورة الديمقراطية في عام 2011".
إذاعة Son FM راسلت البرلمان الأوروبي الذي أكد من خلال اجابته أن مؤتمر رؤساء البرلمان سيقرر خلال اجتماعه الخطوات اللاحقة التي سيتخذها في علاقة برفض دخول وفد شؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي.
وخلال كلمة ألقاها رئيس وفد لجنة شؤون الخارجية مايكل غاهلار اليوم في إطار جلسة عامة للبرلمان الأوروبي بتاريخ اليوم 14 سبتمبر 2023، قال النائب بالبرلمان "أريد أن أبلغكم بقرار السلطات التونسية مساء أمس برفض السماح بدخول وفد من لجنة شؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي إلى البلاد، يعتبر هذا القرار سابقة منذ الثورة في عام 2011"، "البرلمان الأوروبي يواصل تأكيده على أهمية سبل الحوار والتواصل فيما يتعلق بالقضايا الحرجة".
وتابع " يجب أن يوافق هذا البرلمان على جدول التعاون الشامل، بما في ذلك تعزيز الديمقراطية والدعم المالي لتونس"، "لذلك طالبت الرؤساء وأبلغت الممثل الأعلى والمؤسسات الأوروبية الأخرى بضرورة اتخاذ التدابير المناسبة.. "أعتقد أننا لا يجب أن نقبل بتعامل السلطات بهذه الطريقة".
من جانبه قال ايمانويل موريل أحد أعضاء وفد البرلمان الأوروبي " قرار الحكومة التونسية بمنع الوفد البرلمان الأوروبي من دخول أراضيها أمر محزن وصادم، وهو قرار خطير ونادر الحدوث ويشير إلى تصاعد مقلق في نظام قيس سعيّد ويستحق اجابة قوية من السلطات الأوروبية."
وفي تعليقه على قرار رفض دخول وفد لجنة شؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي إلى تونس، قال الديبلوماسي السابق عبد الله العبيدي في تصريح لإذاعة Son fm أنه من المفترض أن تكون الديبلوماسية أداة لمدّ الجسور وليس لقطعها مع أكبر شريك أساسي لتونس يعُدّ 80 بالمئة من المبادلات التجارية، بالإضافة إلى الجالية التونسية المقيمة في أوروبا والتي تفوق مليون تونسي.
وقال العبيدي: "يبدو أن الديبلوماسية التونسية أصيبت بالعمى وغابت عنها كل ضوابط الحوار"، لأن الديبلوماسية في أساسها تدعم الحوار في كل الظروف، وفق تعبيره.
ومن مهام وزارة الخارجية وفق الديبلوماسي، الإبقاء على قنوات الحوار مهما كان مستوى العلاقات مع بلدان أخرى لأن في الحوار تقليل من الأضرار.
وتوقع عبد الله العبيدي أن تكون ردّة فعل البرلمان الأوروبي صارمة حيث من الممكن أن يرفض البرلمان فتح باب الحوار فيما يتعلق ببعض الملفات الحارقة بالنسبة إلى تونس، مشيرا إلى ضرورة أن نتذكر أننا في انتظار قرض صندوق النقد الدولي الذي يُدار من قبل الأوروبيين.
وأكد العبيدي على ضرورة أن تكون وزارة الخارجية، وزارة حوارٍ في كل الظروف، مشيرا إلى أن الحوار لا يعني الموافقة على فحوى ما سيقال.
وأوضح الديبلوماسي السابق أن الرئيس قيس سعيد "مخذول" لأن الأشخاص من حوله ليسوا مخلصين له، لأنه من المفروض أن يتوجه إليه من في دائرة مستشاريه والمقربين منه ويوضحون له أن ما يقوم به غير مقبول، وأشار العبيدي أن وزير الخارجية يجب أن يدافع عن القضية وفي حال لم تتماش السياسة الديبلوماسية مع نواميس وأعراف الديبلوماسية والمعاهدات الدولية يجب أن يغادر منصبه، قائلا: "الوزارة ليست وظيفة...وإنما هي مهمة وقضية".