قبل يومين من انطلاق الاستشارة الوطنية للتعليم التي سبق وأن أعلن رئيس الجمهورية قيس سعيد، يوم الخميس 10 أوت 2023، أنها ستنطلق يوم 15 سبتمبر 2023 تزامنا مع العودة المدرسية تطرح العديد من نقاط الاستفهام حول محتواها ومخرجاتها خاصة وأنه سيعقبها وضع القانون الخاص بالمجلس الأعلى للتربية والتعليم، وستسمح للمواطنين بالإدلاء بآرائهم ومواقفهم في المسألة التربوية، وفق ما جاء على لسان وزير التربية في تصريحات إعلامية.
التوجه إلى المواطن التونسي بشتى شرائحه وتناقضاته واختلافاته، قرار ارتأت وزارة التربية ومن خلفها رئيس الجمهورية أنه الأنسب لخوض غمار إصلاح المنظومة التربوية المستغيثة تحت أنقاض سنوات من التخلي والأزمات، والحال أن الناس على دراية بكيفية حياكة هذه الاستشارة، درايته بالرئيس وخططه التي لم يتخلّ عنها يوما منذ بداية مسكه بزمام الدولة.
وقد سبق أن أعلنت رئاسة الجمهورية عن تركيبة لجنة الاعداد لمشروع نص الاستشارة والتي يغيب عنها، وفق بيان الرئاسة، التمثيلية النقابية والمختصين في علوم التربية وعلم النفس التربوي ويسيطر عليها ممثلو الوزارات على غرار وزارة الشؤون الدينية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة التكوين المهني والتشغيل إلى جانب مختصين في علم الاجتماع.
وفي هذا الإطار، لابد من الإشارة إلى أن تاريخ الاستشارات في تونس لا يخدمها فقد سبق وأن أقدم رئيس الجمهورية على استشارة وطنية سنة 2022 شارك فيها 534.915 مواطن من جملة 8 مليون ناخب مسجل بنيت على أسئلة سطحية مفرغة من محتواها.
ورغم أن قيس سعيد لا يهتم عادة بالانتقادات مصرّا على المضي قدما في تنفيذ برنامجه وخارطة طريقه، إلا أن نسبة مشاركة التونسيين تطرح بشكل صريح إشكالية حقيقية حول مشروعية هذه الخطوات الإصلاحية التي يعتزم تنفيذها من خلال استشارة اصلاح التعليم.
لكن السؤال الأهم يبقى كيف لشعب مختلف اختلافا جذريا أن يقرر مصير تلاميذ أظنتهم مشقة الطريق وسط منظومة تربوية مترهلة محفوفة بخطر الإضرابات والصراعات بين الطرف الحكومي والاجتماعي والدروس الخصوصية وغلاء أسعار المواد المدرسية واعتمادها على الكم لا النوع، ما عجل في سقوطها؟ وهل سينجح وزير التربية ورئيس الجمهورية في تحقيق انتصار على رغباتهم السياسية وتغليب المصلحة الفضلى للتلاميذ وتحييدهم عن التجاذبات؟