قالت عضو الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري "الهايكا" راضية السعيدي في تصريح لإذاعة SonFM إن سلطة الإعلام وسلطة القضاء في تكامل فكلاهما يدافع عن الحقوق والحريات وهما ركيزتان أساسيتان لإرساء الديمقراطية، لكن تعترض هذه العلاقة شوائب وخروقات عدة في تونس يجب تجاوزها بوضع قوانين ترسم حدود وضوابط السلطتين.
في المقابل أكد نقيب الصحفيين مهدي الجلاصي أن الجهة التي وضعت دستور 2022 بفصوله الحامية للحقوق والحريات هي من تخرقها. يأتي هذا خلال ندوة "الإعلام والقضاء، مجالات التدخل لحماية الحقوق والحريات" التي نظمتها "الهايكا" بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم "اليونسكو" ومنظمة المادة 19 والمعهد الدنماركي لحقوق الإنسان والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، اليوم الجمعة 07 جويلية 2023.
شددت عضو "الهايكا" راضية السعيدي أن الإعلام والقضاء في تكامل فكلاهما يدافع عن الحقوق والحريات وهما ركيزتان أساسيتان لإرساء الديمقراطية، لكن في تونس تعترض هذه العلاقة شوائب عدة يجب تجاوزها كممارسة قضاة للرقابة القبلية على المضامين الاعلامية، كبرنامج الحقائق الأربعة الذي منع من بث أربعة تحقيقات، إلى جانب منع الإعلام من التداول في قضايا معينة، في تجاوز واضح لحق المواطن في النفاذ إلى المعلومة، قائلة:" هناك قضاة لم يستوعبوا بعد خصوصية العمل الصحفي". وأكدت السعيدي في المقابل على ضرورة أن يلتزم الصحفيون والقضاة بمجموعة من المحددات والضوابط التي يجب وضعها في إطار تشاركي.
يذكر أن قاضي التحقيق الأول بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب كان قد أصدر في 17 جوان 2023 قرارا يمنع التداول الإعلامي في قضية التآمر على أمن الدولة.
في ذات السياق، قال نقيب الصحفيين مهدي الجلاصي إن المرسوم عدد 115 يمنع الرقابة المسبقة على الأعمال الصحفية كما يمنع تداول وثائق القضايا الجارية لكنه لا يمنع التداول الإعلامي. مشيرا إلى وجود حوالي 23 صحافيا محالين على التحقيق بموجب المرسوم 54 الذي فتح "باب السجن على مصراعيه" أمام النقاد وأصحاب الرأي الحر، وواصل الجلاصي بالقول:" رغم تنصيص دستور 2022 على الحق في المعلومة وحرية التعبير إلا أن المشرع وضع قوانين أخرى تناقض فصول الدستور كالمنشور عدد 19 "يفرض على هياكل الدولة الاستشارة قبل أي ظهور إعلامي" والمرسوم عدد 54 "يكافح جرائم الأنظمة المعلوماتية".
في المقابل ينص الفصل 38 من دستور 2022 على أنه "تضمن الدّولة الحقّ في الإعلام والحق في النفاذ إلى المعلومة تسعى الدولة إلى ضمان الحقّ في النفاذ إلى شبكات الاتصال" كما ينص الفصل 9 من المرسوم عدد 115 المتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر على أنه "يمنع فرض أي قيود تعوق حرّية تداول المعلومات أو تحول دون تكافؤ الفرص بين مختلف مؤسّسات الإعلام في الحصول على المعلومات أو يكون من شأنها تعطيل حق المواطن في إعلام حرّ وتعدّدي وشفاف.
من جهته أشار ممثل برنامج الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" لقطاع الإعلام والاتصال في تونس، ناجي البغوري أنه في المجتمعات الديمقراطية تجمع سلطة الإعلام وسلطة القضاء علاقة تكامل بين خدمة الحقوق والحريات "الحق في التعبير، حرية الصحافة" واستقلالية القضاء ما يخلق فضاء عاما ذا مصداقية يناقش القضايا العامة بموضوعية، مضيفا: "في تشخيصنا للعلاقة التي تجمع الإعلام بالقضاء في تونس اليوم، نقر بوجود قضايا تمس من حرية الإعلام بالحديث عن تتبع الصحفيين بموجب المرسوم عدد 54 أو قانون الإرهاب عوضا عن المرسوم 115 والذي لا ينفي وجود تجارب إيجابية حققت التكامل بين السلطتين. ويرى البغوري ضرورة وضع قوانين متعارف عليها تضبط حدود كل من السلطة القضائية والسلطة الاعلامية.
ومن المنتظر أن يكون هذا المقترح متاحا على شاكلة "إعلان تونس حول مجالات تدخل الإعلام والقضاء لحماية الحقوق والحريات" والتي تعمل على إعداده "الهايكا" بالشراكة مع نقابة الصحفيين وجمعية القضاة التونسيين