×
×

واقع حرية الصحافة في تونس بين القوانين القمعية وصمود الصحافيين

تعيش حرية الصحافة في تونس واحدة من أحلك فتراتها منذ الثورة، وسط تصاعد الممارسات القمعية وتضييق الخناق على الصحافيين. فرغم تسجيل تراجع نسبي في عدد الاعتداءات مقارنة بالخمس سنوات الماضية.


زياد دبار - نقيب الصحفيين (SonFM)
قسم الأخبار
قسم الأخبار
2025/05/12 20:33
TT
11

تعيش حرية الصحافة في تونس واحدة من أحلك فتراتها منذ الثورة، وسط تصاعد الممارسات القمعية وتضييق الخناق على الصحافيين. فرغم تسجيل تراجع نسبي في عدد الاعتداءات مقارنة بالخمس سنوات الماضية، فإن السنة الحالية شهدت سابقة خطيرة تمثلت في صدور عشرة أحكام بالسجن ضد صحافيين، وهو ما لم يحدث مطلقًا في تاريخ الجمهورية التونسية.

قوانين تقمع.. لا تحمي

نقيب الصحافيين التونسيين زياد دبار عبّر على موجات إذاعة Son FM عن قلقه من الانحدار الحاصل في مؤشرات حرية الصحافة، مؤكدًا أن "الملاحقات القضائية أصبحت أكثر خطرًا على الصحافة من أي وقت مضى". وأشار إلى أن الصحافيين يُحاكمون اليوم على خلفية تصريحات أدلوا بها خلال عملهم أو تدوينات نشروها على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يُطبق عليهم "كل القوانين الممكنة عدا قانون الصحافة"، مشددًا على ضرورة أن يُعامل الصحفيون وفق المرسوم 115، لا عبر قوانين زجرية أخرى مثل المجلة الجزائية أو قانون الإرهاب.

ويرى دبار أن المرسوم 54 أصبح "عنوان المرحلة"، لكنه يُستعمل ليس لمحاربة الجرائم السيبرانية كما أُعلن، بل لتكميم الأفواه وملاحقة الصحافيين، خاصة خلال الفترات الانتخابية حيث يُكيف كل نقد كتهديد وتشكيك.

مناخ عام من التعتيم والمصادرة

أخطر ما يواجه الصحافيين اليوم، بحسب دبار، ليس فقط الاعتداءات أو الأحكام القضائية، بل "حجب المعلومة"، الأمر الذي "يضرب الصحفي في مقتل"، ويخلق بيئة خصبة للشائعات والتضليل. وأضاف أن تونس باتت تعيش مرحلة تتجاوز الرقابة الذاتية إلى الرقابة الرسمية، قائلاً: "أصبحنا اليوم لا نتحدث فقط عن الصنصرة بل عن الرقابة الكاملة".

في هذا السياق، عبّر عن رفضه لتصرفات رئيس البرلمان الحالي الذي "يُغلق أبواب المؤسسة التشريعية أمام الصحافيين ويرفض أي لقاء"، رغم أنه عميد سابق للمحامين. وذهب دبار إلى وصف البرلمان بـ"المزرعة الخاصة" التي لا تحترم القانون ولا تمثل الإرادة الشعبية في الدفاع عن الحريات.

دعوات للإصلاح من الداخل

وسط هذا الواقع المظلم، دعا نقيب الصحافيين إلى إصلاح حقيقي للقطاع الإعلامي، مشددًا على أن "الإصلاح لا يكون عبر المراسيم القمعية بل بأدوات تونسية داخلية"، مشيرًا إلى أن "المسألة تتطلب إرادة، لا موارد". كما شدد على أهمية إدراج مادة الصحافة في المناهج التعليمية لتعزيز الوعي الإعلامي ومواجهة التعتيم والتضليل الذي يستهدف المجتمع.

كما وجّه دعوة للقضاة لتطبيق المرسوم 115 ومجلة الاتصالات بعدل وإنصاف، ولوزارة العدل للتوقف عن "هرسلة الصحافيين" وإغلاق المحاكم في وجوههم، مطالبًا البرلمان بتحمل مسؤوليته التاريخية.

رغم القمع.. الصحافيون يواصلون أداء واجبهم

ورغم الظروف القاهرة، فإن الصحافيين في تونس – بحسب دبار – "يصرّون على العمل ونقل المعلومة للمواطنين، حتى في ظل ظروف عمل غير مأجورة"، ما يعكس روح النضال والإيمان العميق برسالة الإعلام.

وختم دبار بالتأكيد أن "الصحافة قطاع سيادي، والنقد ليس خيانة، ونحن لسنا بمجرمين"، معتبراً أن على الدولة التونسية أن تحترم تاريخها العريق في إنتاج أفضل الصحافيين في العالم العربي.

في الختام، يبقى السؤال المطروح: هل تمتلك الدولة الإرادة السياسية لحماية حرية الصحافة، أم أن التعتيم سيظل سيد الموقف؟


مقالات ذات صلة

من نحن ؟

"SON FM" هي إذاعة قرب تونسية جمعياتية جامعة وإيجابية

تابعونا

2024 © كل الحقوق محفوظة. تصميم و تطوير الموقع من قبل CreaWorld