بلاغ مشترك للوزارات الثلاث في ساعة متأخرة من ليلة الأربعاء 24 أوت 2023، يفيد بطريقة صريحة ومباشرة أنهم بالمرصاد لكل من تخول له نفسه تشويه رموز الدولة والمساس بمصالح الدولة التونسية وإعداد أخبار وبيانات وترويج إشاعات كاذبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مضيفين أنه يتم نشر الصفحات والمجموعات الالكترونية محل التتبع بصفة دورية على المواقع الرسمية.
وجاء البيان المشترك بعد ساعات من اجتماع أشرف عليه الرئيس قيس سعيد الأربعاء بقصر قرطاج، شارك فيه وزراء وقيادات أمنية مختلفة.
وأشار رئيس الدولة خلال لقاءه إلى أن التهديد بالقتل وهتك الأعراض وبث الإشاعات والسب والشتم لا علاقة لها لا بحرية التفكير ولا بحرية التعبير، ولا تراجع في مواجهة هذا الانفلات عن هذه الحريات أو غيرها كما يشيع ذلك أصحاب بعض المواقع التي توصف بأنها اجتماعية، مضيفا أن الحريات وغيرها ضَمِنها الدستور وسائر التشريعات الوطنية والصكوك الدولية ولكن لا مجال للتردد في إنفاذ القانون لأفعال يُجرّمها القانون.
تصريحات خطيرة وحركة أخطر لكنها تبقى متوقعة في ظل ما تعيشه البلاد اليوم من واقع اجتماعي واقتصادي وسياسي وخاصة حقوقي بعد المحاكمات التي طالت الصحفيين والاعتقالات والتضييق على الحق النقابي على غرار التحقيق مع رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمايدي بتهمة تعطيل سير العمل، دون أن ننسى المرسوم عدد 54 الصادر في 13 سبتمبر 2022 والذي سبق وأن اعتبرته المنظمات الحقوقية والمهنية تضييقا على حرية التعبير وسلاحا مرفوعا في وجه المدونين والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبة بإلغائه.
وتُوجه الاتهامات خاصة إلى الفصل 24 من المرسوم سالف الذكر، حيث تحذر اللجنة الدولية للحقوقيين في تقريرها من أن "مقتضيات الفصل هذا الفصل فضفاضة ومبهمة بما أنها لا تتضمن أي تعريف بماهية "الأخبار الكاذبة" و "الإشاعات".
ويعاقب الفصل 24 بالسجن مدة خمسة أعوام وبخطية قدرها خمسون ألف دينار كل من يتعمّد استعمال أنظمة اتّصال لترويج أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة، بهدف الاعتداء على حقوق الغير، أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني، أو بث الرعب بين السكان.
وبين الايقافات التعسفية والأحكام الزجرية والمراسيم المسقطة، يعيش الشارع التونسي اليوم خوفا من استدراجه شيئا فشيئا إلى مربع الديكتاتورية المظلم حيث لا صوت يعلو فوق صوت المراسيم الرئاسية وعنف أعوان وزارة الداخلية وشكايات وزيرة العدل.
وبما أن الخطر يحدق بالجميع دون استثناء والنهاية محتومة وفق البلاغ المشترك للوزارات الثلاث ولخطابات رئيس الجمهورية قيس سعيد، ستبقى قراءة التعليقات ومتابعة أصحابها والاستماع إلى الراديو ومشاهدة التلفاز ومتابعة صفحات التواصل الاجتماعي سياسة دولة لن تحيد عنها حتى تهلك الكل وتنقذ نفسها من مخالب من يتصيدونها ويستهدفون رموزها الأجلاء.