×
×

تونس وفرنسا تتعاونان لوقف تدفق المهاجرين: التزام حقيقي أم تناقض سياسي؟


©الصفحة الرسمية فايسبوك لرئاسة الجمهورية التونسية
ماجدة العمدوني
ماجدة العمدوني
نشر في 2023/06/20 17:10
TT
11

أعلنت فرنسا أنها ستقدم لتونس مبلغا قدره 25.8 مليون يورو للمساعدة في وقف قوارب نقل المهاجرين عبر البحر الأبيض المتوسط، وفقا لوزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان خلال زيارته إلى تونس أمس الإثنين 19 جوان الجاري، حسب وكالة رويترز.

 وسيتم استخدام هذا المبلغ لتوفير المعدات والتدريب، ويأتي كإضافة إلى حزمة بقيمة 105 ملايين يورو قدمها الاتحاد الأوروبي كان قد أعلن عنها رئيس المفوضية الأوروبية في وقت سابق من الشهر الجاري، لمساعدة تونس في التصدي للزيادة الكبيرة في مغادرة المهاجرين، استنادا لذات المصدر.

 من جانبها، نشرت رئاسة الجمهورية التونسية مساء أمس، بلاغا على صفحتها الرسمية فايسبوك، أكدت فيه استقبال رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد، في قصر قرطاج، وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فايز ووزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان.

وتناول الاجتماع وفق نص البلاغ، العلاقات التعاونية والشراكة الاستراتيجية القوية بين تونس والاتحاد الأوروبي في مختلف المجالات، وتم التأكيد على الحرص المشترك على تعزيز وتطوير هذه العلاقات نحو آفاق أرحب وفقا لرؤى جديدة وتصورات.

وشدد رئيس الجمهورية، خلال هذا الاجتماع، أن تونس لن تقبل أبدا بأن تكون حارسا لحدود أي دولة أخرى، ولن توافق على استقبال المهاجرين على أراضيها.

 كما أعاد التأكيد على ضرورة اعتماد نهج جديد في مواجهة ظاهرة الهجرة غير النظامية، يركز على معالجة الأسباب وليس محاولة التعامل مع النتائج، ودعا إلى تكاتف الجهود لوقف هذه الظاهرة غير الطبيعية وغير الإنسانية، وفق نفس المصدر.

وتعليقا على ما ورد في بلاغ رئاسة الجمهورية التونسية وما أعلنت عنه فرنسا، أعرب المختص الأممي في مجال الهجرة غير الشرعية وحقوق الإنسان حسن البوبكي لإذاعة Son FM، عن تأييده لتصريحات الرئيس التونسي قيس سعيد، شريطة تطبيقها عمليا ومراعاة حقوق المهاجرين غير النظاميين الموجودين في تونس، سواء كانوا قد وصلوا من بلدان الجوار أو تمت إعادتهم من البحر إلى تونس.

 وأضاف المتحدث لإذاعة Son FM، أن تونس تعاني من تداعيات الحروب والنزاعات وبؤر التوتر في جنوب الصحراء الإفريقية، إضافة إلى التغيرات المناخية المتسارعة إذ يعتبرها المهاجرون غير النظاميين الوجهة الأمثل بالنظر لموقعها الاستراتيجي، وفق تقديره.

 وشدد المختص الأممي في ملف الهجرة غير النظامية، على أن المبلغ المالي الذي تعهدت فرنسا به، والذي يبلغ 25.8 مليون يورو للمساعدة في وقف قوارب نقل المهاجرين عبر البحر المتوسط، سيوجه بشكل رئيسي لمراقبة الحدود.

وفي حالة قبولنا بهذا المبلغ، فإننا نقبل المساعدة المالية من مصادر هذه الأموال، والتي من المفترض أن تكون موجهة بشكل أساسي للتنمية الداخلية في البلاد، مثل تخفيض معدلات البطالة في تونس ومساعدة الشباب على عدم البحث عن حلول غير قانونية للهجرة والبحث عن عمل خارج البلاد.

وهنا يظهر التناقض في تصريحات سعيد، حيث يؤكد في كل مرة أنه لا يقبل بأي تدخلات خارجية، وفي المقابل يقبل الأموال القادمة من الخارج. ويرى حسن البوبكري أن هناك العديد من الزيارات من بلدان مختلفة إلى تونس، تهدف بشكل أساسي إلى منع تدفق المهاجرين غير النظاميين إلى بلدانهم، خاصة فيما يتعلق بالأفارقة جنوب الصحراء.

 ويعتبر أكبر تحدّ هو نقص الإمكانات في تونس وعدم توفر الظروف المناسبة لترحيلهم أو توفير حلول لهم بطرق تحافظ على كرامتهم وحقوقهم الإنسانية.

 ويدعو حسن البوبكري، في هذا السياق، إلى ضرورة توحيد الجهود بين جميع الجهات المعنية بهذا الملف، وتشكيل هيئات قانونية خاصة به، لتجنب أي أخطاء قد تؤثر على كرامة المهاجرين غير النظاميين، بالإضافة إلى ضرورة التفاوض وتحقيق المساواة في هذا الموضوع من جميع الجوانب.

 في كل مرة تتعرض تصريحات الرئيس قيس سعيد بشأن مكافحة الهجرة غير النظامية في تونس لتناقض واضح مع التمويلات الأجنبية التي تتلقاها البلاد في هذا الصدد.

 ففي حين أعرب الرئيس سعيد عن التزامه بالتصدي لهذه الظاهرة وحماية الحدود من توطين أفارقة جنوب الصحراء في تونس، خلال اجتماعه بمجلس الأمن القومي في 21 فيفري 2023، إضافة إلى تأكيده خلال اجتماعه أمس بوزير الداخلية الفرنسي ووزيرة الداخلية الألمانية، "أن تونس لن تقبل أبدا بأن تكون حارسا لحدود أي دولة أخرى"، تظهر تلك التمويلات الأجنبية كدعم مالي لتونس من الاتحاد الأوروبي لتعزيز الحراسة على الحدود التونسية.

كما يثير هذا التناقض تساؤلات حول مدى التوافق بين الأهداف المعلنة والإجراءات الفعلية المتخذة.

 قد يتساءل البعض عما إذا كانت تلك التصريحات تعكس السعي الحقيقي لمواجهة تحدي الهجرة غير النظامية أم هي مجرد إشارات سياسية.

يجب أن نواجه هذه التساؤلات بشفافية ومسؤولية، حيث يتطلب التصدي لتحديات الهجرة غير النظامية جهودا حقيقية ومستدامة، بما في ذلك التعاون الدولي والتنسيق الفعال بين الدول.

 ومن المهم أن يتم توفير التمويلات الأجنبية بشكل يتوافق مع الأهداف والمبادئ التي يعلنها الرئيس والحكومة، وأن يكون هناك تنسيق واضح وشفاف في استخدام تلك الأموال لضمان تحقيق النتائج المرجوة.

 لذلك، ينبغي أن ندعو إلى إجراء دراسات وتقييمات دقيقة لمدى توافق تصريحات الرئيس مع التمويلات الأجنبية المستلمة، وتوضيح الخطط والإجراءات المتخذة لمواجهة التحديات المطروحة.


مقالات ذات صلة

من نحن ؟

"SON FM" هي إذاعة قرب تونسية جمعياتية جامعة وإيجابية

تابعونا

2024 © كل الحقوق محفوظة. تصميم و تطوير الموقع من قبل CreaWorld