وأنت تتجول في شوارع تونس هذه الأيام لا تدري من ستقع عليه اصبع السلطة، كي يجد نفسه خلف الڨرجتني أو العزيز بوشوشة تحاصره اتهامات خطيرة تصل حد التٱمر على أمن الدولة.
كذا الحال بالنسبة للصحفيين اعتداءات.. ايقافات.. ومداهمات لمؤسسات اعلامية والمتهم أحدٌ أحد: الاعلام.. الشماعة التي يعلق عليها رئيس الدولة وزمرته كل شاردة وواردة، المقذوف بشتى النعوت أقصاها التخوين، ٱخرها تصريحات أدلى بها وزير الداخلية توفيق شرف الدين أو الفتى المفضل لقيس سعيد على هامش الإحتفال بذكرى ملحمة بن قردان في السابع من مارس الفارط حيث قال أن "رجال اعلام مرتزقة ورجال أعمال باعوا الوطن، ونقابيون باعوا الوطن وأحزاب باعوا الوطن، والنخبة السياسية هي نكبة السياسة اذ تحالفوا جميعا ضد الشعب التونسي، انهم خونة" .. وأضاف "أنه لا بد لكل من أخطأ أن يحاسب، انهم لا يطيقون أي وطنيّ، وأي وطنيّ لا يساوم مثل رئيس الجمهورية يزعجهم"
زمرة لم تكتفي بالتصريحات ومرت إلى العمل الجاد والحثيث لضرب الصحافة في مقتل من خلال ايقاف مدير اذاعة موزاييك اف ام نور الدين بوطار والحاق تهمة هضم جانب موظف عمومي بنقيب الصحفيين محمد ياسين الجلاصي.
- سلطة لا تؤمن بشيء غير نفسها:
الدور الموكل إلى وسائل الاعلام والصحفيين/ات في كل شبر من العالم هو تعزيز حقوق الإنسان ودعم الحريات ونقل المعلومة بغاية تحقيق التقدم الاجتماعي والاقتصادي.
واليوم وبعد أضغاث أحلام مابعد ثورة ال 14 جانفي هانحن الصحفيون والصحفيات يعلى علينا من جديد.
فشتان بين الثرى الذي نتذوق طعم ترابه اليوم في فترة حكم قيس سعيد و من لف لفه مِنْ مَنْ وُظفوا برتبة السمع والطاعة ، والثريا التي يطوق إليها كل صحفي وصحفية بيننا.
فما نعيشه اليوم من تضييق على حرية التعبير والاعلام في هذه الفترة الاستثنائية الخانقة التي تمر بها البلاد، خاصة بعد الحدث الجلل الذي كانت ساحة باردو شاهدة عليه بمنع الصحفيين من وسائل اعلام محلية ودولية ومن اعلامي خاص و جمعياتي من تغطية الجلسة الافتتاحية الأولى للبرلمان الجديد من قبل الشرطة ، بعد انقطاع دام لأكثر من عام ونصف عقب تجميد رئيس الجمهورية في 25 جويلية 2021 ماهو إلا سحل لحرية الرأي و التعبير.
تجاهل متعمد من طرف رئيس الدولة والمقربين منه للدور المحوريّ للصحافة التونسية في انارة الرأي العام وايصال المعلومة للمواطن الذي تتقاذفه أمواج الأخبار الزائفة والمضللة ، لينضاف إلى جعبة معناته التعتيم الاعلامي.
في زمن اختار فيه سعيد أن تكون صفحة رئاسة الجمهورية على موقع فايسبوك منبره الأوحد، لتطل علينا أشغاله وخطاباته حتى والناس نيام، صفحة يقول فيها ما يريد، وقت ما يريد، وأينما يريد، دون أن يخترق حبل أفكاره المترنح أيّ سؤال أو تعليق.
سياسية اتبعته فيها الصامتة أبدا … متلقية الأوامر..البيدق.. ساكنة القصبة نجلاء بودن بإصدار المنشور عدد 19 بتاريخ 10 ديسمبر 2021 بعنوان "حول قواعد الاتصال الحكومي للحكومة" في تعارض جوهري مع المعاهدات الدولية، والذي يضرب حق الصحفيين/ات و المصورين الصحفيين/ات في الوصول إلى المعلومة من قبل الوزارات والادارات العمومية.
فكيف يمكن لأهل القطاع أن يتمكنوا من نقل الوقائع السياسية والاجتماعية والاقتصادية للبلاد في ظل تعتيم من قبل السلطة، إضافة إلى الاعتداءات التي تنهك كاهل الصحفيات و الصحفيين، زد على ذلك سيطرة مؤسسة رئاسة الجمهورية على الاعلام العمومي جاعلة من التلفزة والاذاعة الوطنيتين مزمارا ينشد ولا يطرب، وقد التحقت بركبهم دار "سنيب لابراس" (جريدة الصحافة اليوم / la Presse) إثر الزيارة الأخيرة التي أداها إليها سعيد.
طيلة سنة ممتدة بين 2021-2022 طال أهل القطاع 214 اعتداء وفقا لوحدة رصد الانتهاكات بالنقابة الوطنيية للصحفيين وقد تم تسجيل 105 اعتداء ارتبط بحق الحصول على المعلومات ونقلها، اعتداءات من طرف الجهات الرسمية بنسبة تجاوزت 90% في 40 مناسبة.
إضافة إلى عمل السلطات وموظفي الدولة والمسؤولين الحكوميين على حجب المعلومات على الصحفيين في 8 مناسبات.
12 حالة احتجاز تعسفي تم تسجيلها في حق الصحفيين وهي النسبة الأعلى على الإطلاق خلال الخمس سنوات الأخيرة، 10 منها ما بعد 25 جويلية.
31 استهداف لا أخلاقي مس من حياتهم الخاصة ومحيطهم الاجتماعي، وصلت حد ادراجهم في قائمة المستهدفين، سواء بالتحريض عليهم في 21 مناسبة أو بتهديدهم بالعنف و القتل في 10 مناسبات.
25% استهدفت سلامتهم الجسدية في 54 مناسبة خلال السنة التي شملها التقرير، 27 مناسبة من قبل أطراف مختلفة خاصة من قبل الشرطة، تسجيل حالة اختراق الكتروني و 3 حالات اعتداء على مقر، إضافة إلى تسجيل 3 حالات تحرش جنسي طالت صحفيات.
123 اعتداء من قبل الجهات الرسمية من جملة 214.
و كانت عناصر الشرطة هي الأكثر اعتداء على الصحفيين/ات في 64 مناسبة من بينها 12 حالة احتجاز تعسفي و4 حالات رقابة على المحتوى.
أما بالنسبة للمعالجة القضائية للقضايا المتعلقة بالصحفيين/ات فقد تمت ملاحقة الصحفيين/ات خلال فترة الرصد في 19 مناسبة خارج الاطار القانوني المنظم لعملهم( الفصل 115/116) 11 منها على معنى المجلة الجزائية و 3 مرات على معنى قانون الارهاب و 3 منها على معنى مجلة الاتصالات و مرة على معنى قانون حماية المبلغين.
والملفت للانتباه أنه تمت ملاحقة الصحفيين في قضايا أمن الدولة و اتيان أمر موحش في حق رئيس الجمهورية، وهي نوع من الملاحقات التي تم القطع معها بعد الثورة، وقد اتخذ القضاء 6 اجراءات سالبة للحرية في حق الصحفيين/ات عبر اصدار قراري احتفاظ و بطاقتي ايداع بالسجن والحكم بالسجن في حالتين.
دون أن ننسى الاشارة إلى المولود الجديد خلفا للذباب الأزرق لحركة النهضة ، بومُ قيس سعيد الذي يسعى جاهدا لثلب وشتم والتعرض للصحفيين/ات متعمدا تخوينهم في كل فرصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وأمام ما سبق ذكره أعلاه كيف لنا أن نرفع الأقلام ونؤجج الحناجر في ظل تنامي مختلف المخاطر المهددة للصحفيين/ت و في ظل التضييق الخانق على حرية التعبير ! وكيف لنا أن نتمتع بحماية تكقل لنا حرمتنا الجسدية والنفسية.
عام ونصف مع ارتفاع منسوب خطاب الكراهية والتحريض من قبل رئيس الدولة لينتقل خطابه من قصر يسكنه ومصدح يحدث من خلاله الشعب إلى الفضاء العمومي ليُترجم في شكل عنف تجاه كل شيء لا يشاطر سعيد و بيادقه الرأي.
وفي رفضنا لأن تتأبد لحظات الشعبوية وخطاب التخوين ونظرية المؤامرة و تصدينا لنصب خيام الديكتاتورية، وفي كره لأن تخترم حرية الاعلام ليالي السلطة وتصبح ثالثة الأحجار والتراب، سنأثث المشهد أبدا بنشر الوعي والتحذير مم أي خطوة يمكن أن تؤذي البلاد والمواطنين، في بلاط يحاول تقويضنا ووسط جمعٍ "مضوا يمدون الخوان ليأكلوا لحمنا ويترشفوا عليه دماءنا".
مصدر الصورة: النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين
صوفية الصفاقسي