خور تحكيمي، شبهات فساد، سوء تصرف، تغول وسيطرة مطلقة على معاقل الجامعة التونسية لكرة القدم، بطولة تفتقر إلى النزاهة، ووحدها سياسة ليّ الذراع المسيطرة على الجمعيات المارقة... لكن يبقى الدخول في حرب بلاغات مع الترجي الرياضي التونسي خطوة جريئة لرئيس الجامعة التونسية لكرة القدم وديع الجرىء قد يخسر فيه منصبا الأرجح أنه يمثل حياته.
أفريل 2012 شهر جللا في تاريخ كرة القدم في تونس، حيث زّف خبر تولي العضو الجامعي ورئيس لجنة المنتخبات المتخلي وديع الجرىء منصب رئيس للجامعة بعد فوزه على منافسه الوحيد في الجولة الثانية طارق الهمامي محققا تقدما ساحقا ب 236 صوت مقابل 95.
لتنطلق مسيرة كرة القدم في تونس نحو اشعاعات التهم والفضائح والمهازل الكروية والضحك على الذقون، وانصياع الفرق عن طريق تسديد ديونها ليضمن صمتها طيلة سنوات، في وقت يعلم فيه الجميع أن هناك داء ينخر الجامعة التونسية لكرة القدم ذاكرين اسمه، مذيعين لقبه مقابل تعتيم قضائي على جميع التهم و الشكاوى المقدمة ضده.
ورغم أنه سبق وأن دخل معه رئيس جمعية الشابة توفيق المكشر في صراع حامي الوطيس لم يخش فيه لومة لائم معلنا صراحة أنه يريد رأس الجرىء عقب اتهامه بتدبير مكيدة لنزول هلال الشابة إلى الدرجة الثانية، إلا أنها كانت حرب واحد على الكل لم يتلق فيها دعما ولا رفعا للمعنويات من قبل بقية الجمعيات التي يحكم الجرىء قبضته عليها.
إلى أن تبعثرت الأوراق وانقلبت الآيات وتغيرت الوضعيات وقرر رئيس الجامعة التونسية لكرة القدم فجأة ودون سابق انذار في شهر جويلية 2023 تقديم نفسه قربانا للترجي الرياضي التونسي من خلال شن غارات من البلاغات بخصوص تدخل جامعته لفائدة الفرق التونسية لضمان مشاركتها في الاستحقاقات القارية.
وجاء في فاتح بلاغاته أن الجامعة التونسية قد بذلت ما بوسعها لمساعدة جميع الأندية التونسية المشاركة في المسابقات الافريقية من خلال تقديم مبالغ مالية محترمة في شكل تسبقة على أن يقع استرجاع هذه المبالغ لاحقا من موارد النادي المستقبلية.
لينفي الترجي الرياضي التونسي في بلاغ أن يكون قد تحصل على دعم مالي من الجامعة التونسية لكرة القدم، واصفا الأمر بـ”المزعوم” لأن قيمة الأموال التي أودعها الترجي في حسابات الجامعة تفوق بكثير قيمة النزاع الذي وقعت تسويته.
لترد عليها الجامعة التونسية أن المستحقات التي منحتها لبعض الأندية كانت من خلال طلب كتابي تقدمت به الجمعيات، في وقت أجاب فيه الترجي ببلاغ طالب فيه جامعة كرة القدم أن تصدر بيانا رسميا عند وصول مستحقات الفريق من الهيكلين القاري والدولي إلى حسابها، وخاصة أن تصدر بلاغا تعلم فيه الفريق بموعد صرف الأموال المتبقية.
بلاغات ألقت بظلالها على الأيام الأخيرة لشهر أوت الساخن والذي زاده بلاغ الجامعة التونسية لكرة القدم على الجماهير الكروية سخونة حيث تضمن أنه وتفاعلا مع آخر بلاغا للترجي الرياضي التونسي العائد إلى تاريخ 24 جويلية، أفادت الجامعة إن المنطلق كان على أساس أن الترجي لم يتحصل على تسبقة مالية من الجامعة ولكنه استفاد فقط من بعض التسهيلات الإدارية، وهو ما يتنافى مع الواقع باعتبار حصول النادي على تسبقة مالية بطلب منه قدرها 2,916.005 مليون دينار، وفق نصّ البلاغ.
وذكرت أن رصيد الجملي للترجي الرياضي التونسي باعتبار جملة المداخيل والديون سلبيا في حدود 179.088 ألف دينار مع عدم القيام بأي تحويل لفريق الترجي من مختلف المنح الواردة من الفيفا والكاف ، أو أن يبقى الرصيد سلبيا في حدود 344.952 ألف دينار مع تحويل مبلغ 165.864 ألف دينار (الفارق بين منح الفيفا والكاف والتسبقة التي تحصل عليها الترجي بطلب منه لتسوية بعض الملفات والنزاعات ) في صورة رغبة الترجي في تحويل هذا المبلغ ، و في الحالتين سيكون فريق الترجي الرياضي التونسي مطالبا بتسوية الدين المتبقي.
ليستمر الأخذ والرد بين الطرفين حتى أصدر الترجي أمس بلاغه النهائي الذي طالب فيه بوصفه نادي منخرط وفي إطار حقه الشرعي للنفاذ إلى المعلومة، بالاطلاع على تفاصيل وقيمة وكيفية صرف المبالغ المالية التي دفعتها الجامعة للنوادي المنخرطة لديها لخلاص ديونها المختلفة من أجور لاعبين وغيرها، والضمانات التي تحصّلت عليها الجامعة لتأمين استخلاص تلكم المبالغ ومدى استرجاعها من عدمه.
وهنا لا بد من التوقف قليلا والتذكير بأن جامعة كرة القدم امتنعت عن تنفيذ الأحكام القضائيّة الصادرة ضدّها في مادّة النفاذ إلى المعلومة والّتي تشمل حوالي 30% منها أحكاما لصالح منظّمة أنا يقظ وهو ما يعتبر جريمة فساد على معنى القانون الجزائي في الفصل 315 من المجلّة الجزائيّة والفصل 57 من قانون النفاذ إلى المعلومة الّتي تصل عقوبتها إلى السجن والخطيّة، وفق بيان صادر عن منظمة أنا يقظ اليوم الأربعاء.
كما أنه ووفق بيان أنا يقظ فإن الجامعة التونسيّة لكرة القدم وبقرار المكتب الجامعي الصادر بتاريخ 05 جوان 2020 حول الاستقرار المالي للنوادي والحد من ديونها، الّذي أكدت فيه الجامعة أنّه انطلاقا من موسم 2023/2022 , يمكن للمكتب الجامعي منع فريق منخرط بالجامعة التونسية لكرة القدم من النشاط في الرابطة المحترفة الأولى أو الثانية في صورة تفاقم ديونها أو في صورة عدم المصادقة على التقرير المالي التقديري أو تباين أرقامه مع التقرير المالي الفعلي لموسمين متتاليين.
وبالعودة إلى موقعة البلاغات يبدو أن البلاغ الأخير للترجي الرياضي التونسي استفز مشاعر النجم الرياضي الساحلي والأقرب أنه أحس نفسه مستهدفا ما جعله يدخل على الخط بإصدار بلاغ صباح اليوم الأربعاء 30 أوت 2023 قال فيه أن وضعيته المالية الخاصة تبقى من مشمولاته فقط وليس لأي طرف الاطلاع عليها.
وانجر النادي الإفريقي إلى ذات المستنقع بإصداره بلاغا اليوم قال فيه أن علاقته بالجامعة شأن خاص لا يحق لأحد الكشف عن تفاصيله إلا بإذن مسبق من النادي أو بحضور ممثليه، مطالبا الجامعة بالامتناع عن عرض أي وثيقة تخصه دون علمه، متوجها إلى الترجي الرياضي التونسي بخوض معاركه بإسمه الخاص دون حشر النادي الافريقي أو تاريخه في معارك أو نزاعات وإن كان بالتلميح.
خطوة رسمت البنوط العريضة لتحالفات أرهقتها الغرف المظلمة حتى طفت على السطح وأظهرت المستوى المتدني للمنظومة الكروية التونسية التي عانقت الحضيض أو تكاد، ووضعت وديع الجرىء في موقف محرج يفند أطروحة أن جامعته تتخذ ذات المسافة من الجميع حتى نفسها.
لكن هل بانفتاح الترجي على الشفافية وصحوته أخيرا من غفلته على قتامة المشهد الكروي في تونس وقراره مواجهة الرأي العام الرياضي سيواصل وديع الجرىء سياسة المواراة والاختباء في جلابيب غير جلابيه وشن حروب بالوكالة، وهو الذي من المفترض أنه يعي جيدا ثقل الترجي الرياضي التونسي كرويا وجماهريا، أم أنه سيواجه أخيرا مصيره المحتوم والمحموم والمتأخر ويترجل نحو نهاية قذرة قذارة ما فعله بكرة القدم وبالتحكيم وبالجمعيات؟