وهب الأعضاء إثر النهاية المحتومة بالموت، مسألة لا تعدو أن تكون فكرة تخترق باحتشام ذهن مواطن تونسي قبل أن تتعقبها ترسانة الأحكام المجتمعية والدينية لتطرحها أرضا وتنهال عليها أحكاما وفتوى، في هتك صريح لصَرْح هذه الفكرة الإنسانية التي يمكن أن تحيي عظام شخص نصب الموت أعلامه فوقها.
في تصريح اعلامي سابق يعود إلى سنة 2022 أفاد المدير العام للمركز الوطني للنهوض بزرع الأعضاء جلال الدين الزيادي أن "عمليات التبرع بالأعضاء تراجعاً كبيراً خلال جائحة كورونا، إذ أجريت 10 عمليات زرع كلى وعملية واحدة لزرع قلب فقط سنة 2021، ليتوسع نسق التبرع سنة 2022 عبر إجراء 33 عملية زرع كلى و13 عملية زرع قلب و7 عمليات زرع كبد. لكن في كل الأحوال تعتبر هذه الأرقام أقل من المأمول، خاصة أنه يوجد 1646 شخصاً على قائمة انتظار زرع الكلى".
وتحدد التبرع إطار قانوني ضبطه القانون عدد 22 المؤرخ في 25 مارس 1991 المتعلق بأخذ الأعضاء البشرية وزرعها.
وعن ضرورة وضع صفة متبرع فوق بطاقة التعريف الوطنية وفق قانون 1991 وضرورة المرور بموافقة العائلة تحدث جمع ممن واكبنا آرائهم أن هذا الاجراء صعب الادراك في تونس، إذ تعترض المقدم عليه عدة عراقيل التي تنطلق من العائلة التي ترفض رفضا قطعيا مثل هذه الخطوة على اعتبار أنها تتعارض ومعتقداتهم الإسلامية التي تعتبر أن اكرام الميت دفنه وأنه لا داعي لمثل هذه التدخلات الطبية التي قد تفقد ذويها عضوا من أعضائها وإن كان يترجل نحو أن يكون ثالث الحجارة والتراب، إضافة إلى طول مسار الإجراءات وتعقيدها.
من جانبه وتماهيا مع كوكبة العقائد والمعتقدين دعا وزير الشؤون الدينية السابق إبراهيم الشايبي في كلمة افتتاحية خلال يوم دراسي بالشراكة مع المركز الوطني للنهوض بالأعضاء لِّ المتسائلين عن الحكم الشَّرعي للتبرِّع بالأعضاء، إلى التزوُّد بالمعلومة الدِّينية الصَّحيحة والتحرُّر من الأفكار الخاطئة التي لا تستند إلى القرآن أو السُّنة أو اجتهاد أهل الذِّكر.. وحثّهم على أن يكونوا عَوْنًا لإخوانهم المرضى، معتبرا كُلَّ من يساعد على هذا العمل النيِّر يكون قد أنقذ إنسانا كان مُعرَّضا لموت محقَّق، فيصبح التبرُّع بالأعضاء انتصارا لإرادة الحياة،.
ويذكر أنه يمكن لأي مواطن يرغب في التبرع بأعضائه بعد الوفاة أن يقوم بتنصيص كلمة متبرع على بطاقة التعريف الوطنية كما بإمكانه التراجع عن ذلك، وسبق لوزير الصحة علي مرابط أن صرح سنة 2022 أن 13500 مواطن تونسي فقط يحملون عبارة متبرع على بطاقة التعريف الوطنية.
كما تجدر الإشارة أن المنسقة الوطنية بالمركز الوطني للنهوض بزراعة الأعضاء كانت قد كشفت في شهر ماي 2023 أنه ما بين سنة 2017 و2022 تمت زراعة 15 كبدا لأطفال في حين تم سنة 2022 إجراء 12 عملية زراعة قلب.