في خضم التصعيد المستمر ضد غزة، يعود الحديث مجدداً حول أسطول الصمود بوصفه مبادرة إنسانية عابرة للحدود تمثل ضمير العالم الحي في مواجهة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. التصريحات التي أدلى بها الأستاذ عدنان الإمام، أستاذ العلاقات الدولية، على موجات إذاعة Son FM تكشف أبعاداً قانونية وسياسية لهذه المبادرة وما يحيط بها من رهانات إقليمية ودولية.
القانون الدولي والتدخل الإنساني
يشير عدنان الإمام إلى أن القانون الدولي يكرّس مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، غير أن هذا المبدأ له استثناءات، أهمها التدخل الإنساني. ويضيف: " من المفروض أن دول العالم أجمع ملزمة بالنظر إلى القانون الدولي بالتدخل لمنع ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية".
وبذلك، فإن الدول التي تلتزم الصمت أو تتقاعس عن التدخل قد تُدان قانونياً وفقاً لمقتضيات الاتفاقيات الدولية، خاصة المتعلقة بمنع جريمة الإبادة.
المبادرة المدنية: ضمير العالم
أمام عجز الحكومات، تحركت المجتمعات المدنية في أكثر من 40 دولة لتشكيل "أسطول الأمل"، الذي يصفه الإمام بأنه: "مبادرة ممتازة تمثل وتجسد ضمير العالم الحي".
ويرى أن أضعف الإيمان أن تقوم الدول، إن لم تتدخل عسكرياً أو سياسياً، بـ بسط حمايتها القانونية والدبلوماسية على الأسطول ومنع استهدافه من قبل الكيان الصهيوني وحلفائه.
الكيان الصهيو-أمريكي فوق القانون
اعتبر الإمام أن الولايات المتحدة طرف مباشر في الحرب على غزة، قائلاً: "الولايات المتحدة الأمريكية مشاركة بصفة مباشرة في الحرب وهي الطرف الأول فيها".
ووصف التحالف الصهيو-أمريكي بأنه يتعامل مع القانون الدولي بازدواجية خطيرة :"هذا الكيان الصهيوأمريكي يعتقد أن القانون موجود لإلزام الآخرين وليس للالتزام به".
وأشار إلى أن هذا التصور يفتح الباب أمام كل أشكال الانفلات، مع تداعيات كبرى في حال قصف الأسطول قد تمتد إلى شعوب الدول المشاركة فيه.
اللوبي الصهيوني والتحكم في القرار الغربي
الإمام انتقد بشدة سطوة اللوبي الصهيوني في الغرب، مؤكداً أنه يوجه السياسات الأمريكية "رغم تعارضها مع مصالح الولايات المتحدة نفسها ". وأضاف أن الدول الغربية "أصبحت وظيفية في خدمة الكيان الصهيوني "، مستشهداً بفرنسا التي صوّت برلمانها على لائحة تساوي بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية.
كما وصف ما يعدّه الكيان من خطط لإفشال الأسطول بأنها " سياسة كاملة وممنهجة مبنية على المكر والخداع ".
قراءة تاريخية
وللتذكير بسوابق الكيان الصهيوني، لفت الإمام إلى أنه لم يتدخل تاريخياً لمصلحة أي دولة سوى مرة واحدة في العدوان الثلاثي عام 1956، حيث شارك إلى جانب بريطانيا وفرنسا ضد جمال عبد الناصر بعد تأميم قناة السويس، مقابل منحه مخططات نووية مكافأةً على ذلك الدور.
بين الشرعية القانونية والرهانات الجيوسياسية، يظهر أسطول الصمود كاختبار حقيقي للمجتمع الدولي: هل ستنتصر القيم الإنسانية والقانون الدولي، أم ستتكرر سياسة التواطؤ والصمت أمام جرائم الإبادة؟ وفي انتظار ما ستؤول إليه الأحداث، تبقى هذه المبادرة رمزاً عالمياً للمقاومة المدنية ضد القهر والاحتلال.