أكد بولبابة السالمي، الكاتب العام للجامعة العامة للقيمين والقيمين العامين، في تصريحاته على إذاعة Son FM أن هذا القطاع يشكل أحد الأعمدة الأساسية في المنظومة التربوية، مشيراً إلى أن أي عودة مدرسية لا يمكن أن تتم في غياب القيمين الذين يحتضنون ويرافقون التلاميذ منذ انطلاق السنة الدراسية. غير أنّ هذا الدور المحوري أصبح مهدداً اليوم بفعل نقص فادح يقدّر بـ 5000 قيم، إضافة إلى أكثر من 450 شغور على مستوى القيمين العامين، مما جعل العديد من المؤسسات التربوية تعمل في ظروف غير طبيعية، بل إن بعضها يفتقر تماماً إلى القيمين.
أزمة النقص: بين الوعود والواقع
أوضح السالمي أنّ النقابة قدمت حلولاً عملية عبر إعادة التوظيف، حيث رفعت وزارة التربية مراسلة إلى رئاسة الحكومة قصد إعادة توظيف 2500 قيم، غير أن هذه المراسلة لم تر النور. ويرى أن هذا النقص انعكس سلباً على سير المؤسسات، بحيث أصبحت الرقابة والمرافقة التربوية شبه منعدمة، وهو ما يهدد بانهيار تدريجي للمدرسة العمومية.
نظام قديم وغياب رؤية استراتيجية
من بين الإشكالات التي طرحها السالمي أيضاً، استمرار النظام التأديبي التربوي دون مراجعة منذ أكثر من 35 سنة، في ظل غياب إرادة سياسية ورؤية استراتيجية واضحة لإصلاح المنظومة التربوية. وأشار إلى أن التجاذبات السياسية وعدم الاستقرار على مستوى الوزارات عمّقا الأزمة، وحوّلا الإصلاح إلى شعار دون تنفيذ.
اتفاقيات معلقة وحوار مغلق
ذكّر الكاتب العام بأن جلسة 12 فيفري 2024 مع وزير التربية آنذاك محمد علي البوغديري، أثمرت اتفاقاً حول إصدار مناظرة القيمين العامين وتعديل منحة القاعدة العددية، فضلاً عن تضمين الترقيات ضمن النظام الأساسي بنسبة 35%، ما دفع النقابة إلى إلغاء إضراب كان مبرمجاً في 27 فيفري. غير أن هذه الاتفاقيات بقيت حبيسة رئاسة الحكومة ولم تجد طريقها إلى التطبيق.
وأضاف أنّه بعد التغيير الوزاري أعيد تثبيت نفس المحضر في جلسة 22 جويلية 2024، دون أن يتغير الوضع، ما دفع النقابة إلى خوض تحركات احتجاجية متتالية.
الحق النقابي والدستوري في الميزان
السالمي شدّد على أن النقابة دافعت في وقفاتها الاحتجاجية عن الحق في التفاوض والحق النقابي باعتبارهما مكفولين دستورياً، متهماً السلطة بخرق الدستور من خلال غلق أبواب الحوار مركزياً وجهوياً. كما أشار إلى أن هذه السنة شهدت كارثة على مستوى حركة النقل بسبب غياب التشريك النقابي، وهو ما يعكس تهميشاً مقصوداً للجامعة العامة.
أزمة شاملة في التربية
يرى السالمي أنّ الوضع المتأزم يتجاوز قطاع القيمين ليشمل المنظومة التربوية ككل، حيث تعيش المؤسسات حالة من "الموت السريري" نتيجة تردي البنية التحتية وانسداد قنوات الحوار. وانتقد غياب رؤية إصلاحية متكاملة لدى الحكومات المتعاقبة، معتبراً أن المجلس الأعلى للتربية قد يشكّل إطاراً للحل لو تم تفعيل مهامه بالتشاور مع جميع الفاعلين التربويين، بمن فيهم القيمون والقيمون العامون.
نحو تصعيد نضالي
في ختام تصريحاته، أكد السالمي أن النقابة ستواصل الدفاع عن حقوق منظوريها وعن المدرسة العمومية الجاذبة واللائقة. وأوضح أن الإضراب ليس غاية بل وسيلة، لكنه يبقى الخيار الأخير عندما تسدّ الحكومة أبواب الحوار. وأضاف أنّه إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن الجامعة العامة ستتجه إلى أشكال نضالية أكثر تصعيداً، دفاعاً عن كرامة القيمين وحقوقهم المشروعة، وعن حق العائلات التونسية في مدرسة عمومية ذات جودة.