أرباحنا الأساسية متأتية من بيع الخبز, غالبية الحرفاء لا يقبلون على شراء المرطبات، ولذلك نحن نصنع يوميا 1500 قطعة خبز، لطالما كان هدفنا مساعدة الناس على التعامل مع النقص الفادح في هذه المادة، لم نفكر يوما في الاحتكار أو في اللعب بالقوت اليومي للمواطنين"، "ندرك جيدا أهمية مادة الخبز بالنسبة للتونسيين ".
بهذه الجملة استهل صاحب مخبزة غير مصنفة بشارع جون جورس بالعاصمة كلامه معلقا على اتهامات رئيس الجمهورية خلال لقاءه مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن وزيرة المالية سهام بوغديري نمصية في علاقة بالمخابز الغير مصنفة قائلا أن هدفهم "تأجيج الوضع الاجتماعي" وأنهم يسعون إلى التفرقة الاجتماعية عبر صنع خبز "للأغنياء" وخبز "للفقراء" مطالبا "بخبز واحد لكل التونسيين".
"أزمة قطاع المخابز والخبز في تونس تعكس تقاعس أجهزة الدولة وعلى رأسها وزارة التجارة وتراخيها في تنظيم القطاع والتصدّي للتخريب الممنهج الذي يسيطر عليه منذ سنوات، لا بدّ من الامتثال للقانون للخروج من هذه الأزمة التي أنهكت الجميع دون استثناء، اعتقد أن رئيس الجمهورية قيس سعيد على دراية بخفايا الدولة وما يحاك في الوسط، فالدقيق المدعم يتم بيعه وشرائه واحتكاره ".
موقف مخالف للسيد "هادي" صاحب مخبزة مصنفة بمنطقة العمران الأعلى طالب فيه وزارة التجارة بتطبيق القرار الوزاري عدد 53 بتاريخ 22 جوان 2016 الذي يتعين بمقتضاه على كل المحلات الغير متحصلة على بطاقة مهنية لخباز عدم صنع وعرض وبيع أصناف الخبز في شكل أو حجم أو مواصفات "الباقات" أو اعتماد تسمية "مخبزة" على واجهات محلاتها.
وحسب ما أفاد به رئيس الجمهورية قيس سعيد في اللقاء سالف الذكر فإن عدد المخابز المصنفة بلغ في تونس 3337 مخبزة منها 270 مخبزة ممنوعة من التزود بسبب شبهات تهم تحيّل بينما بلغ عدد المخابز الغير مصنفة 1443.
ويذكر أن وزارة التجارة تمنح أصحاب المخابز المصنفة الدقيق المدعم لصناعة الخبز العادي فقط و إن أراد صاحب المخبزة صناعة أنواعا أخرى من الخبز ( زيتون، شعير...) فإنه يترتب عليه قانونا أن يصنعه بدقيق غير مدعم و هو ما يفسر الفرق في الأسعار بين "الباقات" العادية والأنواع الأخرى من الخبز.
عضو الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز حمودة الطرهوني أفاد أن هذه مطالبة رئيس الجمهورية بتطبيق القانون أمر لا بدّ من تنفيذه إذ تسبب المخابز الغير مصنفة في تشويش ذهن المواطن حول ارتفاع أسعار الخبز بأنواعه واختلافاته، قائلا أن "ما قاله رئيس الجمهورية كان لا بد من تطبيقه منذ سنوات لولا تراخي الجهات الرسمية وعدم جديتها في التعاطي مع الأزمة".
ودعا الطرهوني المواطنين إلى تجنب اللهفة في اقتناء الخبز ومراكمته ليكون مصيره الإتلاف في ظل ما تعيش على وقعه البلاد من نقص حاد في مادتي الفرينة والسميد والأزمة العالمية في قطاع الحبوب.
ووفق المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية يبلغ معدّل استهلاك الفرد الواحد للخبز سنويّا 70 كيلوغرام. وترتفع نسبة استهلاك الخبز خلال شهر رمضان ب34%، ممّا يعني ضرورة ارتفاع نسبة الاستهلاك والإتلاف على حدّ السواء.
وللتذكير فقد أشرفت رئيسة الحكومة نجلاء بودن أمس السبت 29 جويلية 2023 على جلسة عمل خصصت لمتابعة مسالك توزيع الحبوب.
وتأتي هذه الجلسة في إطار متابعة نتائج الجلسات السابقة، وتنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية قيس سعيد بضرورة توفير الخبز للمواطنين وتكثيف المراقبة على المخابز والمطاحن ومسالك التوزيع، وفق ما أوردته رئاسة الحكومة.
كما تمّ الاتفاق بين وزارة التجارة ووزارة الداخلية أمس على إحداث فرق عمل مُشتركة ميدانيّة تقومُ بحملات مُراقبة فُجئيّة على جميع المُتداخلين في هذا الملفّ على المُستوى المركزي والجهوي وإحداث قاعة عمليّات مُشتركة للمُتابعة الحينيّة.