عرفانا منه بالجميل لأناس ساهموا في تكوينه، ومدّه بالمعرفة اللازمة لتسيير عدة مشاريع من بينها "منظمة أنا يقظ" التي تأسست سنة 2011 إبّان الثورة، والتي تهدف لتدعيم الشفافية ومحاربة الفساد بمختلف أشكاله، أسس أشرف العوادي "السكول" كما يحلو له وللمتمدرسين فيها تسميتها، ليعلّم كل تلك المعارف التي اكتسبها خلال مسيرته، للأجيال الجديدة.
هذه المدرسة تندرج ضمن تحدّ أطلق عليه العوادي اسم“The 1000 Challenge”، الذي كان قد بدأ منذ سنة 2019، بتكوين 200 شخص من مناطق مختلفة، قبل أن تؤول جائحة كورونا ومن ثم مسؤوليات العوادي الكثيرة في الدراسة والعمل، إلى تعطيل هذا المشروع.
لكن أشرف العوادي لم يتخلّ عن الفكرة، التي عاد إليها في أوّل فرصة سنح له الوقت فيها بذلك، فجاب الجمهورية مكونا ومعلما لألف شاب وطالب من مختلف المشارب، في مجالات كثيرة كالتصرف في المشاريع وجمع التمويلات وإدارة المخاطر والمناصرة وفن الخطابة وغيرها.
إثر هذه المغامرة، جاءت فكرة "السكول" أو "المدرسة" التي شكلت تحديا جديدا متمما لتحدي الألف، والذي يتمثل في تكوين أكادمي ثري يؤثثه جملة من المكونين الذين يشهد لهم بالكفاءة وفقا لتصريح العوادي لإذاعة Son Fm.
أما عن معايير القبول والدراسة في هذه المدرسة فكانت صارمة، فقد تعمّد العوادي، عدم اختيار أصدقائه وعوّل على مقاييس شملت القياديين في النوادي الطلابية وفي الجمعيات المحلية أو المبتدئين العاملين في المؤسسات الدولية.
وأعرب العوادي، عند إعلانه عن مدرسته، عن سعادته بمدى التفاعل مع الفكرة سواء من المدربين الذي أرادوا التطوّع مجانا لتكوين الشباب أو من طالبي العلم الذين تجاوز عددهم الـ 200، ولم يقع الاختيار إلاّ على 25 منهم، رغم أنّ عددهم كان قد تقلّص شيئا فشيئا عند نهاية الدورة نظرا لعدم السماح لهم بأكثر من غياب واحد، واستبعاد من لم يلتزم بذلك.
وأشاد العوادي، بمستوى المتدربين المتقدّم، وبمدى التزامهم بالحضور، لـ 10 أيام آحاد كاملة ومتتالية، بالإضافة إلى أنهم اعتبروا المدرسة أولوية في حياتهم، رغم أنّ بعضهم يقطن في أماكن بعيدة كسوسة وصفاقس، وفق تعبيره.
ويبدأ المتدربون فعليا بمراجعة محتوى الدورة منذ يوم الإربعاء الذي تصلهم فيه وثائق أكاديمية، يراجعونها بعناية، تمهيدا لهم، للمعارف التي سيتلقونها يوم الأحد.
هذه الدورات، لم تدر في مكان واحد، بل كان مكانها يتغيّر وفقا للمتبرع بالمكان في ذلك الأسبوع، ناهيك عن أنها لم تشمل "استراحة قهوة"، على غير عادة كل أنشطة المجتمع المدني، ليقطع العوادي بذلك مع الفكرة السائدة التي تقول بضرورة وجود حدّ أدنى من المصاريف لضمان نشاط المجتمع المدني، فالمتدربون بذلك مطالبون بإحضار شطائرهم ومشروباتهم وعزيمتهم من أجل تحصيل العلم.
يقول العوادي، لـ Son Fm إنّ هذه الدورات، ستساعد المتدربين في حياتهم المهنية سواء داخل مؤسساتهم أو أثناء تفكيرهم في مبادرات تخدم المجتمع المدني.
ومن جهتها قالت إحدى المتدربات، التي تحتل منصبا قياديا في منظمة "نحن الشباب"، نسرين عبيد، في تصريح لها لإذاعة Son Fm، إنّها سعت للتسجيل سابقا في الدورات التدريبية التي ينظمها أشرف العوادي، لكن لم يحالفها الحظ، إلاّ أنها لم تشأ أن تضيّع فرصة التمدرس في "السكول" التي أسعدها جدا قبولها فيها نظرا لكفاءة المدربين ولجودة الدروس المقدمة التي أفادتها في حياتها اليومية والجمعياتية والإنسانية، باعتبار أنها تعرفت على أناس وصفتهم بالملهمين والقادمين من خلفيات مختلفة.
واعتبرت عبيد أنّ هذه التدريبات، متميزة عن باقي الدورات الأخرى، باعتبارها تعتمد على فكرة المشاركة والتطوع، لأنّ دافع الجميع لم يكن ماديا إطلاقا، ناهيك عن أنّه شدّ انتباهها أيضا مدى إيمان المدربين بالشباب وبقدرتهم على التغيير والقيادة.
وأكدت نسرين عبيد، أنّ تجربة "السكول" هي تجربة حياتية علمتها المرونة والانضباط وغيرت فيها الكثير معبرة عن امتنانها لكل فرد ساهم في انجاح هذه النسخة من الدورات التدريبية، التي ستفتح أمامها وأمام زملائها الطريق لتكوين ما لا يقل عن 50 شابا وشابة من أجل أن تعمّ المعرفة.
يذكر أنّ سلسلة الدورات التدريبية في نسختها الأولى قد اختتمت، يوم الأحد 18 جوان 2023، في انتظار أن ينجز كل متدرب مشروع تخرجه.
أمّا عن آفاق هذه المغامرة، فإنّ أشرف العوادي يطمح لإقامة دورة جديدة في معارف أخرى، كمستوى ثان، للمتخرجين في الدورة الأولى، ناهيك عن أنه يريد أن تكون ملكية "السكول" في السنوات القادمة للمجموعة، وأن يبادر المتخرجون منها في ردّ الجميل بتكوين أناس آخرين مجانا من أجل أن تكون المعرفة أقرب للناس حتى وإن كانت بـ "0 مليم" وفق تعبيره.