×
×

في اليوم العالمي للمبلغين عن الفساد: ما مآل التبليغ عن الفساد في تونس؟


©مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات
آمنة السلطاني
آمنة السلطاني
نشر في 2023/06/23 16:44
TT
11

"الشعب فاق فاق.. يا عصابة السرّاق".. هكذا انتفض التونسيون ذات ثورة، بات فيها الطلب الأوحد الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية وتصفية الفساد من البلاد.

مسار حاولت تونس انتهاجه بخطى ثابتة.. عبر منظومة شاملة لمكافحة الفساد والتشجيع على التبليغ، فأحدثت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، التي كان يعضدها سند دستوري وقانوني وفروع موزعة في كامل تراب الجمهورية.

إلاّ أنّ البلاد التي مازالت تتحسس خطاها في مسار انتقال ديمقراطي، أغلقت مقرات الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، يوم 20 أوت 2021، بعد سلسلة إقالات طالت إطاراتها، ما انجرّ عنه "تجميد" قانون تضارب المصالح والتصريح بالمكاسب ومصادرة مهمة التقصّي والتحقق في شبهات الإثراء غير المشروع.

واعتبر مدير برنامج الشفافية في منظمة المادة 19 مكتب شمال افريقيا والشرق الأوسط ومنسق تحالف الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد، كريم بلحاج عيسى، في تصريح لـ Son Fm أنّ مسار مكافحة الفساد قد تهدّم، رغم أنّ تونس كانت قد بدأت في تغيير عقلية التبليغ والتخلي عن النظرة الدونية للواشي، وفق تعبيره. وتساءل بلحاج عيسى أيضا عن مآل القضايا وقواعد بيانات الهيئة.

فيما عبّر رئيس جمعية أنشر، شرف الدين اليعقوبي، لـ Son Fm عن قلقه إزاء مصير بعض المبلغين الذين تحلوا بالشجاعة قبل أن تتخلى عنهم هذه المنظومة، واعتبر أنّ ذلك من شأنه أن يؤثر على مسار الانتقال الديمقراطي وثقة المواطنين في الدولة من جهة وعلى بناء مؤسسات مستقلة وقادرة على علاج الفساد من جهة أخرى.

وتساءل اليعقوبي أيضا عن مدى نجاعة إعادة هذه المنظومة من جديد في حين أنّ الدولة هي التي قد تخلت عنها.

في المقابل، استهجنت منظمة أنا يقظ سياسة الدولة في علاقة بمكافحة الفساد، نظرا لتواصل غلق مقرات الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وتوقفها عن النظر والبت في مطالب إسناد الحماية للمبلغين المهددين والذين يتعرضون للضغوطات والطرد، ولكلّ الممارسات الانتقامية والكيدية بسبب تحليهم بالشجاعة والنزاهة، وفق نص بيان نشرته المنظمة بمناسبة اليوم العالمي للمبلغين عن الفساد.

وكانت منظمة الشفافية الدولية قد أصدرت نهاية جانفي 2023، نتائج مؤشر مدركات الفساد لسنة 2022، الذي احتلت فيه تونس المرتبة 85 عالميا من أصل 180 دولة وهي المرتبة الأدنى التي تحتلها البلاد منذ سنة 2012.

وفسرت منظمة أنا يقظ آنذاك ذلك، بغياب مجلس نواب منتخب لأكثر من سنة وتحصين مراسيم رئيس الجمهورية من الطعن أمام القضاء في ظل انعدام الرقابة القضائية والبرلمانية وحل المجلس الأعلى للقضاء وتغييره بمجلس أعلى مؤقت دون صلاحيات تضمن استقراره، بالإضافة إلى عدم تطبيق بعض الأحكام القضائية كقرار إرجاع القضاة الذين تم اعفاؤهم إلى عملهم.

يعضد كلّ ذلك، إحالة نشطاء سياسيين على القضاء بتهم تتعلق بالتآمر على أمن الدولة والتضييق على حرية التعبير والصحافة ومحاكمة صحفيين على معنى قانون الإرهاب والمرسوم عدد 54، وتراجع تونس في الترتيب السنوي لحرية الصحافة الذي تصدره منظمة مراسلون بلا حدود، غير الحكومية، من المركز 73 سنة 2021 إلى المركز 121 سنة 2023 من أصل 180 دولة، متخلية بذلك عن صدارتها البلدان العربية لصالح 4 دول هي جزر القمر وموريطانيا وقطر ولبنان.

مناخ من شأنه أن يجعل مكافحة الفساد، أمرا معقدا وصعبا، مع تراجع الشعور بالأمان عند المبلغين رغم جهود المجتمع المدني في المراقبة والحثّ على انفاذ القانون ومرافقة وإرشاد ودعم ضحايا الفساد شأن مركز يقظ لدعم وإرشاد ضحايا الفساد «YALAC » ، التابع لمنظمة أنا يقظ، والذي يهدف إلى مكافحة الفساد الإداري والمالي وتدعيم الشفافية والدفاع عن المستهلك.

ومنذ إغلاق الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، أصبح هذا المركز، المركز الوحيد في تونس، الذي يعمل على مساعدة المبلغين وضحايا الفساد في صياغة شكاواهم ومتابعة قضاياهم إلى جانب التحري في المعطيات المقدمة لتقصي الحقيقة، مع الحفاظ على سرية المعلومات وهوية المبلغين. ناهيك عن تشجيع المواطنين على التبليغ عن الفساد وخلق مناخ ملائم لتعزيز المحاسبة والمساءلة بغاية الحد من الإفلات من العقاب.

لكن مهمة مكافحة الفساد، لا يجب أن تقتصر على جهود المجتمع المدني، خاصة في ظل الظروف التي تمرّ بها تونس، باعتبار أنّ مكافحة الفساد عامل أساسي في تطور باقي المؤشرات الأخرى وتحسنها، سواء على المستوى الإقتصادي أو الإجتماعي أو السياسي، أوحتى في علاقة بالمستثمرين والمجتمع الدولي الذي كان قد أعرب عن استنكاره من التضييق على الحريات ومن تنامي نسق الهجرة غير النظامية ومن الوضع الاقتصادي للبلاد.


مقالات ذات صلة

من نحن ؟

"SON FM" هي إذاعة قرب تونسية جمعياتية جامعة وإيجابية

تابعونا

2024 © كل الحقوق محفوظة. تصميم و تطوير الموقع من قبل CreaWorld