×
×

هل تعدل وزارة الشؤون الثقافية عن قرار إلغاء الدورة 34 من أيام قرطاج السينمائية؟


© وكالات
آمنة السلطاني
آمنة السلطاني
نشر في 2023/10/24 09:43
TT
11

ينتظر السينمائيون وأحبّاء السينما، كلّ سنة، موعدهم مع أيام قرطاج السينمائية، المهرجان السينمائي الأقدم، في إفريقيا والعالم العربي، إلاّ أنّ وزارة الشؤون الثقافية أعلنت، يوم الخميس 19 أكتوبر 2023، في بيان لها، إلغاء دورة هذه السنة من المهرجان، والتي كان يفترض أن تقام من 28 من أكتوبر الجاري إلى 4 من نوفمبر المقبل، تضامنا مع قطاع غزة وتنديداً بالعدوان الصهيوني.

جاء ذلك إبّان إعلان إدارة المهرجان، عن قائمة المشاركين في مسابقة الأفلام الروائية، بساعات قليلة، رغم أنّ المنظمين كانوا قد أعلنوا في بيان سابق لهم، أن هذه الدورة لن يرافقها أيّ فعالية احتفالية وسيتم الاكتفاء حصرا بالعروض السينمائية.

 

إلغاء رغم جاهزية الهيئة المنظمة

رغم أنّ الوزارة كانت قد أعلنت إلغاء الدورة 34 لأيام قرطاج السينمائية، إلاّ أنّ الهيئة المنظمة أصدرت بيانا، يوم الإثنين 23 أكتوبر 2023، تؤكد فيه على جاهزية كل أقسام المهرجان على مختلف المستويات اللوجستية والفنية والتنظيمية، بالإضافة إلى أنّها كانت قد باشرت حملاتها الاتصالية بشأنه وأكدت تضامنها المطلق مع الشعب الفلسطيني، باعتبار أنّها كانت قد ألغت كل المظاهر الاحتفالية بالمهرجان وعدّلت برنامجها "احتراما للأوقات العصيبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني".

الدورة الرابعة والثلاثون من أيام قرطاج السينمائية، خصّت السينما الفلسطينية، بتكريم المخرج هاني أبو أسعد، وبعروض لصنّاع الأفلام الفلسطينيين، شملت مختلف الأقسام الرسمية والموازية للمهرجان، قبل العدوان على غزة.

واتخذت هذه الدورة من ألوان العلم الفلسطيني، ألوانا رسمية لها، فضلا عن اختيار فيلم "جنين 2023" للسينمائي الفلسطيني محمد بكري، المشارك في المسابقة الرسمية للأفلام الوثائقية الطويلة، لعرضه في افتتاح المهرجان، في عرض عالمي أول.

وخصصت الهيئة التنظيمية فضاء بشارع الحبيب بورقيبة لعرض الأفلام الفلسطينية ضمن قسم "سينما الشارع" مجانا وذلك "تأكيدا على أن أيام قرطاج السينمائية كانت وستظل فضاء يحتضن السينما الملتزمة والمقاومة" وفقا للهيئة.

 

مطالب بإلغاء الإلغاء

اجتمع سينمائيون وممثلو الهياكل المهنية والجمعيات السينمائية والمهتمون بالشأن السينمائي، في قاعة الكوليزي، بالعاصمة، يوم الثلاثاء 24 أكتوبر 2023، وتوجهوا إلى إدارة أيام قرطاج السينمائية، معلنين رفضهم التام لقرار الإلغاء الذي اعتبروه "أحاديا" نظرا لعدم استشارة الأسلاك السينمائية والهياكل المهنية، وفقا لبيان صادر عنهم.

واعتبر السينمائيون أنّ ذلك من شأنه أن يلحق أضرارا جسيمة بالسينما التونسية وأن يمسّ من سمعة المهرجان ومن إشعاعه العربي والإفريقي والعالمي.

واعتبر المخرج والمنتج التونسي إبراهيم اللطيف، في تصريح له لإذاعة SonFM، أنّ أيام قرطاج السينمائية كانت منصة للدفاع عن الشعوب، ذات الحقوق المهضومة بالإضافة إلى كل القضايا الإنسانية وعلى رأسها القضية الفلسطينية وهذا يندرج ضمن مبادئ أيام قرطاج السينمائية منذ تأسيسها سنة 1966.

وأكّد محدثنا، الذي كان ضمن المجتمعين في قاعة الكوليزي للتنديد بقرار الإلغاء، أنّ السينما فعل مقاومة، وأنّ سلاح المبدعين هو الصوت والصورة والكاميرا، وأنّ المبدعين من شأنهم أن يقفوا أمام الصور المغلوطة والأفلام الغربية التي تغالط الرأي العام وتروج لبروباغندا العدو.

ونوّه اللطيف، أنّ السينما، هي سند للقضيّة، معتبرا الإلغاء هزيمة، ومؤكدا أنّ الاحتفال الجدّي هو انتصار للقضية الفلسطينية.

وعبرت الأستاذة المحاضرة بالمعهد العالي للفنون الجميلة بنابل، مفيدة الغضبان، بدورها في تصريح لها لإذاعة SonFM، عن رفضها لهذا الإلغاء، وشددت على تمسكها بكل أشكال التعبير، وكل أشكال الفنون وكل أشكال التظاهرات الفنية حتى وإن وجد ظرف، فالفن، حسب رأيها، يجب أن يبقى حاضرا.

واعتبرت الباحثة، أن التعبير الفني، هو شكل من أشكال المقاومة والصمود، باعتبار أنّ العمل الفني يدوم لسنوات، رغم وفاة مبدعه.

وأردفت الأستاذة، أنّ العمل الفني، هو محطات في التاريخ، تحيل المشعل إلى الأجيال اللاحقة، لشحذ هممهم.

واستشهدت محدثتنا في ذلك، بالسياسيين، الذين يطلبون من المبدعين أعمالا فنية توثق بعض الأحداث أو أمجادهم، ضمن مشاريعهم السياسية.

وأكدت الغضبان، أنّ دور الفن يتجسد من خلال التعريف بالقضية الفلسطينية وتاريخها ونضالات المقاومة وتبيان الفرق بين المقاومة والإرهاب، وجعل القضية متداولة في كل أنحاء العالم.

وشددت أنّه على المثقف والباحث والفنان والأكاديمي، تمرير المعلومة الصادقة عن الشعوب المضطهدة في العالم، نظرا للتعتيم الإعلامي والمغالطات التي تعمد إليها وسائل الإعلام الأجنبية.

 

من دورة قرطاج.. إلى دورة فلسطين

من جهته، قال المسرحي ورئيس الرابطة التونسية لمسرح الشارع، نزار الكشو، في تصريح له لإذاعة SonFM، إنّ إلغاء هذه الدورة من أيام قرطاج السينمائية يمكن حمله على جانبين احداهما إيجابي والآخر سلبي، أمّا أوّلهما فهو قطع دابر التمويل المشبوه للأفلام التونسية وللأفلام الغربية، لأنّه يعتبر أنّ الانتاج السينمائي يفترض رضى "اليهود والنصارى" وفق تعبيره، قاصدا في ذلك التمويل السينمائي، مؤكدا تغلغل اللوبي الصهيوني في انتاج السينما.

أمّا بالنسبة للجانب السلبي، فإنّ الكشو، اعتبر أنّه كان من الأجدى تحويل هذا الالغاء إلى محفل سينمائي مقاوم، بالنبش في كل الأفلام التي تحدثت عن فلسطين وعن حقهم في أرضهم.

وقال الكشو، إنّ هذه الأفلام من شأنها أن تحشد جماهيرا من الناس، الذين يمكن تخصيص معاليم تذاكرهم الرمزية، خدمة للقضية الفلسطينية في شكل تبرعات ينتفع بها كل المتضررون من العدوان الصهيوني على غزة والضفة الغربية وبالتالي فإنّنا إيزاء حديث عن إلغاء أيام قرطاج السينمائية وتعويضها بأيام فلسطين السينمائية أو أيام المقاومة الفلسطينية أو دورة فلسطين، وفق تعبيره.

 

تتزامن الدورة الرابعة والثلاثون، من أيام قرطاج السينمائية، مع مائوية السينما التونسيّة، ما يجعلها دورة استثنائية ومميزة،..

وتتزامن أيضا مع عملية طوفان الأقصى والعدوان على أرض فلسطين، ما يحمّلها عاتق الالتزام بقضايا الشعوب، ومسؤولية توظيف الفن للتعبير عن كل جريح وكل شهيد وكل من يعاني انتهاكا لحقوقه على هذه الأرض، بعيدا عن الأفلام التجارية.

وأيّا كان قرار وزارة الشؤون الثقافية، سواء في إلغاء الإلغاء نزولا عند رغبة السينمائيين ورواد السينما، أو في التمسك بقرار الإلغاء الأوّل تضامنا مع ضحايا العدوان الصهيوني، فإنّ "أفلام الرأي" لطالما أثثت صالات سينما هذه التظاهرة السنوية، ولعلّ أوّل فيلم فاز بالتانيت الذهبي في المهرجان، خير دليل على ذلك، فيلم "فتاة سوداء" للمخرج السنغالي "عثمان سمبين".


مقالات ذات صلة

من نحن ؟

"SON FM" هي إذاعة قرب تونسية جمعياتية جامعة وإيجابية

تابعونا

2024 © كل الحقوق محفوظة. تصميم و تطوير الموقع من قبل CreaWorld