×
×

حسين الرحيلي: هذا ما يجب فعله لإصلاح منظومة المياه في الدولة


©Pexels
آمنة السلطاني
آمنة السلطاني
نشر في 2023/06/27 17:52
TT
11

قال المتخصص في التنمية والتصرف في الموارد، حسين الرحيلي، أثناء تدخله، يوم الثلاثاء 27 جوان 2023، في برنامج Sans Emissions، إنّ تونس دخلت الشح المائي منذ 2015، نظرا لتراجع مخزون السدود وتقلص التساقطات بشكل كبير للسنة الرابعة على التوالي، مما أدّى إلى تقلص مستوى امتلاء السدود إلى 36.5 بالمائة، أي ما يعادل 800 مليون متر مكعب، في حين تبلغ طاقة الاستيعاب 2.5 مليار متر مكعب.

وأكد الرحيلي أنّ السدود توفر حوالي 65 بالمائة من المياه الصالحة للشرب لـ 14 ولاية في حين توظّف الـ 35 بالمائة المتبقية في المناطق السقوية.

وأشار المتخصص في الموارد، إلى أن مخزون المياه قد تراجع بحوالي 400 مليون متر مكعب مقارنة بالسنة الفارطة، رغم الأمطار الأخيرة التي شهدها شهر ماي وبداية شهر جوان، التي ساهمت في تحسن طفيف للوضع، خاصة في مناطق الجنوب والوسط، لكنها لم تخرج البلاد من الشح المائي.

وذكر الرحيلي أن القطع الدوري للمياه، سيتواصل إلى حدود شهر سبتمبر، في حين يظل الوضع ضبابيا في الخريف لأنّه يرتبط بالأحوال الجوية، التي إن لم تتحسن، فإن الضغط المائي سيكبر وبالتالي سيتدعّم شح المياه.

وصرّح حسين الرحيلي، أنّ أكثر من 2.5 مليون متر مكعب من مياه السدود، تضخ يوميا كمياه صالحة للشرب، علما وأنّه في أشهر الصيف، أوت وجويلية، يرتفع الطلب إلى حوالي 3 مليون متر مكعب، وبالتالي فإنّ إرادات السدود الجديدة، التي تم تحصيلها في الأمطار الأخيرة، والتي تقدر بحوالي 200 مليون متر مكعب من المياه، من المتوقع استهلاكها في غضون شهرين، وهذا يجعل ترشيد المياه ضرورة ملحة، بالإضافة إلى ضرورة انتهاج سياسات لتوعية المواطنين وإعادة النظر في منظومة الانتاج الفلاحي والغراسات، خاصة منها المعدّة للتصدير، لأنّه تبيّن أننا لا نصدّر الغلال فحسب وإنّما نحن نصدّر المياه، من خلال الغلال والخضراروات التي يتطلب انتاجها كميات كبيرة من الماء والتي يتجنب الموردون زراعتها لأنّهم ينتهجون سياسة تنظم زراعاتهم ومواردهم، وتتمثل هذه الخضر أساسا في الخس والفراولة والبطيخ وغيرها من المنتجات التي تعتبر ذات قيمة مضافة ضعيفة.

ودعا المتخصص في الموارد، إلى إعادة النظر في خارطة الانتاج الفلاحي، وفتح حوار مجتمعي واسع بشأن مستقبل المياه لضمان ديمومته للأجيال القادمة، باعتبار أن الماء هو التنمية والحياة.

وانتقد الرحيلي سياسة الدولة في التعامل مع أزمة المياه، لأنها تنتهج دائما الآليات والسياسات ذاتها وتعتمد على نفس الأشخاص، وبالتالي فإن النتائج تكون دائما هي ذاتها.

واقترح ضيف البرنامج، التفكير بجدية في التعامل مع الموارد، وتأسيس وزارة خاصة بالمياه، لأنّ تونس تقريبا من الدول القليلة التي لا تخصّ المياه بوزارة منفردة، وفقا للرحيلي، الذي أكّد أنّه بهذه الطريقة سيكون التخطيط أكثر جدوى، باعتبار أنّه من غير المعقول أن تتصرّف الوزارة الأكثر استهلاكا للمياه، وهي وزارة الفلاحة، في هذه الموارد، التي يفترض أن تساهم في تحقيق السيادة الغذائية والتنمية بالإضافة إلى إطار عيش نظيف ومريح، إن تم توظيفها بشكل صحيح.

وانتقد حسين الرحيلي في هذا الإطار تشتت المؤسسات التي تعنى بالمياه، فالشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه "الصوناد" تتبع وزارة الفلاحة، في حين يتبع ديوان المياه المعدنية، وزارة الصحة، أما الديوان الوطني للتطهير فهو يتبع وزارة البيئة، وانتقد الباحث أيضا عدم التحكم القويم في مياه الصرف الصحي باعتبار أنّ تونس تهدر حوالي 300 مليون متر مكعب من المياه التي كان يمكن إعادة الاستفادة منها، نظرا لأنّ نسبة استغلال المياه المعالجة تبلغ 8 بالمائة وهذا يعكس عدم قدرة الديوان الوطني للتطهير على تأمين مياه مطابقة للمواصفات مهيئة للاستعمال، لذا فإنّه يجب الإستثمار في المعالجة الثلاثية لأنّ كمية مياه الصرف الصحي ستبلغ حوالي 640 مليون متر مكعب بحلول سنة 2045، أي ما يعادل تقريبا كمية المياه التي تخزنها 3 سدود مجتمعة.

وفي حديثه عن المياه المعلبة، قال حسين الرحيلي، أنها لا تمثل إلاّ 0.02 بالمائة من كمية المياه، أي ما يعادل 6 مليون متر مكعب، بمعدّل 2 مليار قارورة، وهذا يعني أنّ الكمية ضعيفة مقارنة بما يتم استهلاكه على المستوى الوطني رغم أنّ عدد شركات تعليب المياه يبلغ عددها 39 مقابل 31 نوع مياه، لكنّ التونسي يقبل على المياه المعلبة باعتباره مصنفا في المرتبة الثالثة عالميا في استهلاكها، وهذا يعكس تراجع جودة المياه المعالجة رغم أنها مطابقة للمواصفات التونسية والعالمية ويعود ذلك إلى كثرة التبخر في السدود وارتفاع درجة الملوحة، مما يجعل دراسة التغيرات المناخية في علاقة بالمياه ضرورة ملحة خاصة مع ارتفاع الطلب وشح المياه.

وذكر المتخصص في الموارد، حسين الرحيلي، أنّه تم تسجيل عدة تشكيات وتبليغات في علاقة بالحق في الماء، الذي يضمنه الدستور الجديد في فصله الـ 47، إذ تصل مدة الانقطاع في المياه، في عدة مناطق إلى الـ 3 أسابيع كمنطقة الرديّف في الجنوب التونسي، مثلا.. مقابل تعامل أجهزة الدولة بشكل كلاسيكي مع هذه الاحتجاجات في حين أنّه من مسؤولية الدولة توفير المياه بكل الوسائل، وفقا لضيف البرنامج.

واعتبر الرحيلي في ختام حديثه، أن قضية المياه هي قضية جماعية ولا تقتصر على الخبراء باعتبار أن الانقطاع في المياه من شأنه أن يعكر إطار عيش المتساكنين ويسبب مشاكل كبيرة خاصة على المستوى الصحي لذا فإنّه يجب إعادة النظر في المشكلة على مستوى الحوكمة والمؤسسات والقانون باعتبار أنّ مجلة المياه لم تنقّح منذ سنة 1975.

يذكر أنّ جمعية مجتمع التنمية والمواطنة بولاية جندوبة تعمل على مبادرة لتنقيح ومراجعة مجلة المياه وذلك في إطار العمل على توعية المواطنين بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، علما وأنّ هذا المشروع سيتم طرحه على مجلس نواب الشعب، عند الانتهاء من صياغته.

بالإضافة إلى أنّ تونس كانت قد أعلنت، يوم 31 مارس 2023، الشروع رسمياً في اعتماد نظام ظرفي لتقسيط المياه يستمر إلى غاية 30 سبتمبر المقبل.


مقالات ذات صلة

من نحن ؟

"SON FM" هي إذاعة قرب تونسية جمعياتية جامعة وإيجابية

تابعونا

2024 © كل الحقوق محفوظة. تصميم و تطوير الموقع من قبل CreaWorld