قالت الخبيرة في المجال الاقتصادي، جنّات بن عبد الله، أثناء حضورها، اليوم الجمعة 19 جانفي 2024، في برنامج ع الطاولة، إنّ منتدى دافوس يقام بشكل سنوي، لتناول أهم المواضيع الاقتصادية ولتشكيل وبلورة التوجهات الاقتصادية العالمية.
وأضافت بن عبد الله، أن المواضيع المطروحة في المنتدى هذه السنة، هي التغيرات المناخية وتحديات الحروب وعدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي، ومشاركة تونس هي تسجيل حضور وليس هدفها جلب الاستثمارات.
واعتبرت بن عبد الله أنّ المنتدى هو مناسبة للاطلاع على ما هو موجود وفرصة للاتقاء بالشخصيات الذين من الصعب لقاؤهم كرئيسة صندوق النقد الدولي، ولفهم العلاقة مع الصندوق.
وأشارت بن عبد الله إلى أن جلسة النظر في قرض تونس الذي تبلغ قيمته 1.9 مليار دولار، تم تأجيلها في أكثر من مناسبة، رغم الموافقة الموجودة بين الطرف الحكومي ومجموعة من خبراء الصندوق، نظرا للاءات رئيس الجمهورية.
وأوضحت بن عبد الله، أنّ الطريقة التي سددت بها تونس أقساط قروضها في الآجال المحددة لها، هي طريقة لا يمكن تكرارها أكثر من مرة أو مرتين على أقصى تقدير، باعتبار أنّ البلاد توجهت إلى الاقتراض المحلي من البنوك وهذا من شأنه أن يعرقل النمو الاقتصادي المحلي وما يلف حوله من عرقلة لخلق الثروة والاستثمار وبعث مواطن شغل.
وأشارت جنّات بن عبد الله إلى أنّ الاقتراض الخارجي من صندوق النقد الدولي من شأنه أن يفتح أبوابا ثنائية أو متعددة الأطراف سواء مع الدول أو المؤسسات المالية الأخرى، إلا أنّها أكدت أنّه كلما اقتربنا من صندوق النقد الدولي كلما ازددنا فقرا.
وأوضحت الخبيرة، أنّ البنوك من شأنها أن تمول الاقتصاد وتخلق الاستثمار، إلاّ أنّ الاقتراض يمنعها من إنعاش الاقتصاد التونسي، ناهيك عن أنّ البنوك المحلية لن تتمكن من تأمين السيولة اللازمة للدولة في كل مرة، خاصة في ظل نسبة نمو في الناتج المحلي تساوي الصفر، بالإضافة إلى تنامي تبعية البلاد.
وانتقدت بن جنات السياسة الاتصالية التي اعتمدتها رئاسة الحكومة، معتبرة أنّه كان من الأجدى التمسك بلاءات الرئيس وإلحاقها بالحجج التي تبين وجاهتها، بدل الاكتفاء بالحديث عن سداد الأقساط في آجالها، علما وأنّ الجهات المانحة تعلم جيدا حيثيات التسديد، وفق الخبيرة.
وأكدت بن جنات، أنّ رفع الدعم والتفويت في المؤسسات العمومية من شأنه أن يزعزع الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي ويهدده، وهو لا يشكل حلا ناجعا ولا يغطي الفجوة المالية وسيجعل الأرباح تخرج من الأسواق التونسية نحو الأسواق الأجنبية، وبالتالي إفراغ البلاد من أموالها.
في المقابل، لم تنف الخبيرة وجود تناقضات بين خطاب رئيس الجمهورية وإجراءات الحكومة، فمن جهة يتحدث الرئيس عن لاءاته ومن جهة أخرى هناك تجميد للأجور والانتدابات ورفع للدعم والترفيع في الضرائب والتفويت في المؤسسات العمومية في شكل "لزم" أي التفويت في خدماتها للخواص.
وأشارت بن عبد الله إلى أنّ آثار ذلك، باتت جلية في تراجع كتلة الأجور من 14,5 في السنة الفارطة، مقابل 13,5 في هذه السنة، بالإضافة إلى تدهور المقدرة الشرائية وارتفاع نسب الفقر.
وأضافت الخبيرة أنّ شعار التعويل على الذات يلزمه الكثير من العمل، خاصة وأنّه تم تشكيل النظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية على أساس هيمنة المنظمة العالمية للتجارة والبنك العالمي وصندوق النقد الدولي على الدول الضعيفة، وبالتالي فإنّ الملاذ الوحيد لهذه الدول للحصول على قروض هو هذه المؤسسات أو التعويل على اقتصاد قوي من شأنه أن يساهم في الخروج بالبلاد من أزماتها، وهو ما اعتبرته الخبيرة صعبا بالنسبة لتونس نظرا لتعويل البلاد أساسا على قطاعات لا تتحكم فيها كالسياحة وتحويلات التونسيين في الخارج في علاقة بتأمين العملة الصعبة من جهة، وتهميش الفلاحة وباقي المجالات وإثقال كاهل المواطنين بالضرائب من جهة أخرى في ظل سياسات وصفتها بن عبد الله بالفاشلة واللاوطنية.