×
×

لعقود "سقدود" تختنق من العطش والتجاهل


©SonFM
قسم الأخبار
قسم الأخبار
نشر في 2024/02/11 20:04
TT
11

لعقود يتخبط أهالي منطقة "سقدود"(ولاية قفصة) الصحراوية عطشا وتجاهلا، بعد أن أعيتهم حالة التهميش المستدامة واستنفدوا جميع الطرق نحو التغيير دافعين بأرواحهم وأموالهم "كبش فداء" غير أن الحكومات المتعاقبة قبل الثورة وبعدها لم تحرك ساكنا حتى الآن.

تفتقد "سقدود" لمقومين أساسيين للحياة هما الماء الصالح للشراب والصحة المنصوص عليهما في لوائح حقوق الإنسان الكونية ومعظم دساتير العالم.

"صغارنا ما يعرفوش يحلو السبالة، أنا ولدي والد 2016 ما يعرفش يحل السبالة تنجم تقلو برى جيب طاسة ماء من السيتيرنا يعرف وين يمشي كتقلو جيبلي طاسة ماء من السبالة ما يعرفش السبالة... ما يعرفش يحلها" يقول النوي دربالة ل SonFM، ويضيف أتؤمنون بوجود أطفال تونسيين في القرن الـ 21 لم يجربوا يوما الاستحمام في منازلهم بماء دافئ ينبع من الخرطوم مباشرة، ولم يجربوا يوما الاغتسال بعد قضاء الحاجة بخرطوم المرحاض؟

قبل أكثر من 10 سنوات زودت منازل قلة في سقدود بشبكات الماء الصالح للشراب فيما لم تصل الخراطيم منازل الأغلبية، لكن التعطيلات التي شابت تركيز مجمع المياه رغم تبرع المواطنين بقطعة أرض وبعض الأموال جعلت الاثنين سواسية أمام العطش.

هؤلاء القلة وعلى الرغم من انقطاع المياه الصالحة للشرب عنهم لسنوات متواصلة، فوجئوا منتصف العام المنقضي بفواتير استهلاكية تضم مبالغ مهمة أرسلتها الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه.

يقول النوي دربال": على الرغم من انقطاع الماء الصالح للشراب لحوالي 07 سنوات، أرسلت لنا الصوناد مؤخرا فواتير تتضمن مبالغ مالية تصل إلى 1000 دينار للفترة الاستهلاكية أفريل ماي وجوان 2023، وهو ما جعلنا محتارين من أمرنا."

تضيف غزالة 60 سنة أعلاه يعملولنا كيف هكا يجيبولنا كان في الأوراق، هاني قاعدة منين بش نخلصوها حتى كان جاء الماء يمشي خلي عاد الماء مش يمشي.

تظهر الفواتير الاستهلاكية التي تحصلت عليها SonFM لأشهر أفريل ماي وجوان 2023 مبالغ تتراوح بين 250 دينارا كحد أدنى و1110 دينار كحد أقصى، فيما تواصلنا مع الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه دون الظفر بردها.

يعول المواطنون في سقدود على استخدام مياه الآبار العميقة المالحة وشراء مستحقاتهم من شاحنات نقل المياه التي يجهلون مصدرها، يعبؤونها في خزانات بلاستيكية كانت معدة لنقل مواد كميائية خطرة.

تقول فضيلة 24 سنة": نشرو في الماء من عند الكراهبية بـ 100 مليم الليتر، ونعبوهم في البتاتي هذي إلى هي خطر على حياتنا، كيف يبقو ما يجوش الكراهبية نولو نشربو في الماء المالح متاع ألبير."

سنة 2022 تقدم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بشكاية أمام المحكمة الابتدائية بقفصة ضد فرع شركة استغلال وتوزيع المياه بالمتلوي وذلك لاستهتاره بحق المواطنين في الماء الصالح للشراب بسقدود.

الصحة حق للجميع

تتجلى مظاهر ظهور الدولة في "سقدود" من خلال مركز رعاية صحية يفتقر لأبسط مقومات الصحة والعلاج بفعل استقالة الطواقم الطبية عن أداء وظائفها، حيث يرفض الأطباء والممرضون العمل في سقدود لغياب الماء الصالح للشراب وصعوبة الوصل للمنطقة بسبب المسالك الوعرة وغير المعبدة وهو ما جعل المركز مغلقا طوال الوقت.

ينص الفصل 44 من الدستور التونسي لسنة 2022 على أن الحق في الماء مضمون، ويؤكد الفصل 38 على أن الصحة حق لكل إنسان، وتضمن الدولة الوقاية والرعاية الصحية لكل مواطن، وتوفر الإمكانات الضرورية لضمان السلامة وجودة الخدمات الصحية.

من يتحمل مسؤولية تواتر حالات الوفاة في سقدود بفعل غياب الطواقم الطبية وصعوبة وصول سيارات الإسعاف إلى المنطقة لإنقاذ المرضى والمصابين؟ كم على سقودو أن تدفع بعد من روح أخرى لكي تعي الدولة أننا نختنق من التهميش والتجاهل، يتساءل الناشط في المجتمع المدني عبد الحميد الرحيلي في حديثه لـ SonFM

قبل 30 عاما فقد الرحيلي شقيقه خلال محاولة إسعافه في سيارة فلاحية بعد أن تعرض إلى نوبة قلبية وحالت الطريق الجبلية الوعرة دون وصول سيارة الإسعاف، توفي الرجل في الطريق وعمق حديث الأطباء من وجع الرحيل "لو تلقى الإسعافات الأولية لأنقذنا حياته".

يقول الرحيلي": اليوم كيف يمرض واحد في سقدود يكري كرهبة بـ 70 دينارا لقفصة أو بـ 30 دينارا لرديف، فمه طفلة عندها مرض السكر كل جمعة يهزها بوها بالطريقة هذي الي تكلفو برشا مصاريف."

غياب اليقين وفقدان الثقة والانتماء إلى الدولة، كانت أبرز ملامح سكان سقدود صغارا وكبارا، حيث لا تخطو قدم مسؤول المنطقة إلا في الحمالات الانتخابية الرئاسية والبرلمانية والمحلية الجديدة، يشبعونهم أوهاما ويرحلون.


مقالات ذات صلة

من نحن ؟

"SON FM" هي إذاعة قرب تونسية جمعياتية جامعة وإيجابية

تابعونا

2024 © كل الحقوق محفوظة. تصميم و تطوير الموقع من قبل CreaWorld